الأب رفعت بدر: الأردن أنموذج للوئام ورسالة للعالم

mainThumb

06-09-2019 01:36 PM

 السوسنة - أجرت صحيفة "tMagyar Nemze" أو الدولة المجرية (الهنغارية)، مقابلة مع الأب د. رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، حيث أكد على أن حالة الوئام  الديني في الأردن تعتبر أنموذجا عالميا لبناء الوحدة والسلام.

وفي المقابلة التي أجرتها الصحفية كاثلين ريكا، ونقلها الى العربية طالب الدكتوراة في المجر اسلام عثامنة  أكد الأب بدر على أن "القيادة الأردنية كان لها دور في نجاح هذا التلاحم، فحكمة القيادة عاملت جميع فئات الشعب بالمساواة، وهكذا أدار جلالة الملك عبدالله الثاني دفة البلاد، وقبله والده وقبلهم جده. فإذا مُنعت من حريتك الدينية فلن تجد السبيل لخدمة مجتمعك المحلي، وفي حالتنا كان عكس ذلك، فحرية العبادة سمحت للمسيحيين بالمساهمة في بناء مستقبل بلدهم بسلام، للدولة ولمجتمعهم على حد سواء، كما أشير إلى أن الأردن يحمل أهمية دينية نتيجة عماد السيد المسيح على أرضه ومرور عدد من الانبياء فيه لذلك يعتبر أرضاً مقدسة".

ورغم أن الحكومة الهنغارية تستخدم مصطلح "المسيحيون المضطهدون" للإشارة إلى المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط، أوضح الأب بدر إلى أن هذا المصطلح غير دقيق لكافة الفئات المسيحية، فبفضل حكمة بعض الدول وقيادتها، مثل الأردن، فالمسيحيون يعيشون بسلام وأمان من دون أي حقوق منقوصة. كما أنه لا يوجد أية نزاعات دينية في الدولة، والمسيحيون يمارسون عبادتهم بحرية كاملة، على سبيل المثال، يتم الاحتفال في الاردن بعيد الميلاد بشكل جماعي، ويعتبر يوم عطلة وطنيا في الدولة، وزينة الميلاد تظهر في شوارع المملكة بشكل واضح وجميل، وأشجار الميلاد تتواجد في الساحات العامة. شيء جميل جدًا التلاقي الذي نعيشه في الأردن".

وحول دور المسيحيين في الأردن اليوم، قال الأب بدر: "يمكن ملاحظة الكثير من حقيقة أن المسيحيين رغم أنهم يمثلون فئة قليلة من فئات المجتمع الأردني إلى أنهم يسهمون بشكل كبير في الاقتصاد الأردني"، مشددًا على أن "المسيحية لم تكن يومًا على هامش المجتمع الأردني، بل كانت دومًا متعمقة في المجتمع، وجزءًا لا يتجزأ منه، حيث تقدّم الخدمات الروحية أولاً للمواطنين المسيحيين، كما أنها منفتحة على كل المجتمع من خلال رسالتها التعليمية والتثقيفية التي تقدمها من خلال أكثر من مائة مدرسة وجامعة، دون أن ننسى كذلك رسالتها الخيرية في مساعدة المحتاجين والفقراء واللاجئين، عبر العديد من المؤسسات الاجتماعية، سيما كاريتاس الأردن".

ولفت بعد القاء كلمته حول الاعلام الديني ودوره في اعادة الثقة والامل في نفوس الشباب،  إلى أن كل ذلك مؤسس على صخر، "من خلال الحوار الإسلامي-المسيحي الذي بدأ في القرن الماضي عن طريق عقد المؤتمرات السنوية التي تدعم العيش المشترك ما بين أتباع الأديان. ولليوم ما زالت الكثير من المؤتمرات تُعقد. بالإضافة إلى المبادرات العديدة التي صدّرها الاردن، وأهمها رسالة عمّان قبل 15 عاما، وكلها تهدف إلى التشاركية في روح الدولة، أو أسبوع الوئام العالمي الذي أنشأناه في الأمم المتحدة وتم قبوله عالميًا. كما حصل جلالة الملك عبدالله الثاني على جائزتين في ستة أشهر؛ من واشنطن ومن روما، نظرًا لجهوده في دعم الوئام والعيش المشترك الديني ونبذ التعصب. الحقيقة أن الأردن لا يرسل رسالته لهنغاريا وأوروبا وحسب، بل إلى العالم كافة، والأردن يعتبر مثالاً واقعيًا على إمكانية نجاح التآلف الديني في الدولة".

وحول استضافة الأردن لمئات الآلاف من اللاجئين، أوضح الأب بدر بأن "ثلث سكان الأردن هم من اللاجئين، وهنا لا نتحدث عن الفلسطينيين، حيث أنهم جزء من المجتمع الأردني، فأثناء حرب الخليج الأولى أتى العديد من العراقيين إلى الأردن كلاجئين. وفي العام 2003 نتيجة ما يسمى "إرساء الديمقراطية الأمريكية" قدم عدد آخر من اللاجئين من العراق، وبعد قيام تنظيم القاعدة بمهاجمة مسيحيي العراق قام العديد منهم بالقدوم إلينا، ثم جاء مسيحيو الموصل، فضلا عن الأزمة السورية التي صدرت لدينا أكثر من مليون لاجئ".

 

وأوضح بأن الحروب في الشرق الأوسط أخرجت ما يقارب مليوني مسيحي من بيوتهم، مشيرًا بأن هؤلاء تحولوا إلى لاجئين لن يتمكنوا من العودة إلى بلدانهم نتيجة الخوف الذي تشكل لديهم، وصعوبة إعادة ثقتهم بدولهم. ولفت إلى ان "الإرهاب زرع الخوف في قلوب الناس، ليس فقط في الشرق الأوسط بل في كافة أنحاء العالم"، مشيرًا بأننا لا يجب أن نفقد الأمل وأن نستمر في العمل لتحقيق السلم واعادة الفرح الى النفوس حتى لو فشلت السياسات.

 

وخلص الأب د. بدر حواره مع الصحيفة الهنغارية بأهمية مساعدة الأجيال القادمة لتكون أكثر سعادة وأكثر قدرة على التآلف والتلاقي. فهذا السؤال هو الأهم عالميًا اليوم، والمشكلة ليست فقط الإرهاب، أو الجيوش، أو التنظيمات. كلما رأيت طلبة يحتفلون بيوم تخرجهم أفكر، هل يمكننا ضمان عمل لهم؟ لكن علينا أن نطرق كافة الأبواب، ونحارب مخاوفنا. يجب أن نتحلى بالحكمة والصبر، لا أن ننبذ أنفسنا ونبتعد، علينا إعادة تعريف الدين كسبيل للبهجة لا الخوف، وتعريف الناس بالله كصديق وكأب. اليوم نحن بحاجة إلى قادة سياسيين ودينيين يمتلكون الحكمة، حتى وإن فشل السياسيون فنحن كعامة يجب أن نمتلك القدرة للعمل معًا، كما قال البابا فرنسيس: ’علينا أن نعلّم الأجيال ثقافة اللقاء وفن  التقبل والمقدرة على العمل معًا في سبيل مستقبل أفضل‘".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد