وزارة الشباب بين التخطيط والاجتهاد - جهاد أحمد مساعده

mainThumb

07-12-2019 03:27 PM

يشكل صوت الشباب في خطابات الملك عبد الله الثاني ابن الحسين - حفظه الله- قضية أساسية، كونهم يمثلون أكثر من ثلاثة أرباع السكان، وهم يتوقعون، بل يستحقون، فرصة لبناء مستقبل إيجابي ومزدهر.
 
وقد وجه جلالة الملك في أكثر من مناسبة عدم رضاه إلى ما يقدم للشباب؛ ومن هنا كان لنا أن نقف وقفة تأمل إلى دور وزارة الشباب في ظل تغيير أكثر من وزير في وقت قصير، إن وزارة الشباب لا تتحمل كثيرًا من التخبط في سياسات التغيير أو التعديل.
 
إن ما أخطه من كلمات ليست دفاعًا عن وزير سابق، ولا عن وزير حالي أو قادم، بقدر ما أن تكون هناك مأسسة فعلية في عمل وزارة الشباب، تتاح الفرصة لهذا الوزير أو ذاك في السير بعمل وزراته، ووضع الخطط الاستراتيجية والبرامج الهادفة لها، وتحدید دور الوزارة ورسم السياسات المستقبلية لعملها، لأن إحداث التغيير في العمل الشبابي، والانطلاق نحو الريادة في العمل تحتاج إلى فترة زمنية وسنوات متوسطة وطويلة الأجل، تتطلب أن يمكث الوزير فترة مناسبة لترسيخ منهج العمل الشبابي، واستقرار العمل بصورة علمية وعملية.
 
إن القارئ للسيرة الذاتية للوزير فارس بريزات يجد أنه أستاذ جامعي، وباحث في الدراسات والبحوث الاستراتيجية يتوقع منه أن يعمل على تحقيق الرؤى الملكية في النهوض بالقطاع الشبابي، وإلى إنصاف الكفاءات الإدارية من موظفي الوزارة، وإعادة الهيبة إلى وزارة الشباب التي شهدت خلال أعوام متباينة ما بين مد وجزر، ومن طرح لبرامج آنية قوية غير مستدامة، يقابلها سنوات ضعف من الأداء والترهل في التنظيم الإداري، والشاهد على ذلك ما احتلته الوزارة من ترتيب بين المؤسسات المنافسة لجائزة الملك عبد الله للتميز المؤسسي، وغيابها عن التكريم الملكي.
 
إن عملية الإصلاح تتطلب مأسسة العمل الإداري، وتبني التخطيط الاستراتيجي، وترسيخ منهج العدالة لتتمكن الوزارة من الارتقاء بدورها في رعاية الشباب، والانطلاق نحو التنمية الشاملة في كافة مناطق المملكة. 
 
ويعد التخطيط الاستراتيجي وسيلة ونهجًا لعمل المؤسسات، ولا يمكن وضع أسس التخطيط الاستراتيجي للوزارة في ظل إبعاد الكفاءات، وتغيّبِها عن العمل بقصد أو غير قصد، حيث نلاحظ في الآونة الأخيرة إسناد بعض المواقع القيادية لأفراد غير مؤهلين؛ الكل يعلم مَنْ جاء بهم لتلك المواقع.
 
إن غياب التخطيط الاستراتيجي، وغياب النزاهة والشفافية، وطرح الأفكار على عواهنها دون علم ولا دراية، لا يسهم في تحقيق أهداف أي مؤسسة، بل سينعكس سلبًا على الأداء والعمل، فتتشكل القناعة لدى الكوادر العاملة بعدم جدية العمل في ظل وجود أفراد غير مؤهلين يمارسون الظلم والتخبط في العمل؛ ومَنْ يمارس الظلم والفساد الإداري فهو غير مؤتمن على الوطن، فإذا أردت أن تقضي على الشباب ومستقبل الوطن، لا تحتاج إلى أسلحة فتاكة، فقط ضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب.
 
إن أمام وزير الشباب تحديات كبيرة منها: الخطة الاستراتيجية لوزارة الشباب التي تحتاج إلى مراجعة وإعادة صياغة لتكون قادرة على تحقيق رؤية الوزارة ورسالتها، ولا يمكن التأكد من تحقيق الرؤية إلا بتحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية للوزارة وقيمها، فالرؤية والرسالة لها ارتباط وثيق بالخطة الاستراتيجية، والخطط التشغيلية.
 
ومن التحديات التي ستواجه وزير الشباب الاستراتيجية الوطنية للشباب للأعوام (2019-2025)، وبالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة في إعدادها إلا أن هناك نقاط ضعف تحتاج إلى التحسين، وإخراجها بشكل علمي، فبعض الأهداف الاستراتيجية غير واقعية ولا يمكن تحقيقها أو قياسها، مما يؤثر ذلك على أداء وإنجاز الوزارة في حالة التقييم. 
 
كما أن من أبرز التحديات كثرة المبادرات التي تطرح من جهات مختلفة، تحمل بعض المبادرات أسماء أكبر من حجمها، فلا يمكن الحكم على نجاحها إلا إذا كان لها أثر ملموس على المدى القريب والبعيد، ولا ينتهي أثرها بانتهاء البرنامج مباشرة.
ومن هنا فإن الوزارة معنية باستحداث مديرية خاصة بالمبادرات، يكون من ضمن مهام عملها استقبال المبادرات ودراستها وتنظيمها وتقييمها، والتنسيق مع الهيئات الشبابية في كيفية تنفيذها وآليات استمرارها، ومدى مساهمتها في تنمية المجتمع، وهذا يتطلب وضع معايير خاصة، ومؤشرات أداء قابلة للقياس.
 
إن وزارة الشباب عليها الاضطلاع بدور أكبر في الوقوف على جملة من التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تواجه الشباب، وخاصة في انتشار بعض الظواهر السلبية التي يشهدها المجتمع، ومن أبرزها البطالة والفقر، والعنف، وترويج المخدرات، وخطر الإرهاب.
 
إن المتمعن والمتتبع لعمل المؤسسات الشبابية يجد أن عملها يقتصر على عقد المعسكرات والندوات والأنشطة التي تركز فيه على الجانب النظري أكثر من الجانب العملي، وعلى المظهر أكثر من الجوهر، ومن هنا نلفت انتباه وزير الشباب إلى ضرورة إعادة النظر في تنظيم سياسة العمل الشبابي، والانطلاق بفكر إبداعي من خلال تبني مشاريع استثمارية للشباب تسهم في دفع عجلة التنمية، وتوفير فرص أفضل للشباب، يتواءم عملها مع الرؤى الملكية بالانتقال إلى مشاريع إنتاجية لاستثمار قدرات الشباب، وتدريبهم من خلال توفير حاضنات أعمال يكون مركز إعداد القيادات الشبابية والمراكز الشبابية نواة لها ومركزًا لانطلاقها بالتعاون مع الشركاء بالقطاعين العام والخاص.
 
إن العاملين في القطاع الشبابي يأملون من وزير الشباب تحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، وتوفير بيئة آمنة وداعمة مبنية على التخطيط الاستراتيجي، أساسها العمل والإنجاز للوطن.
 
فالوزارة ليست حكرًا على مديرٍ ما، ولا لقرارات لجنة ما تفتقد للمصداقية، ترشح مَنْ تشاء وتضع العراقيل أمام مَنْ تشاء، الوزارة وطن، والوطن يا سادة ليس راتباً نتقاضاه من وظيفة، ولا فندقًا نغادره وقت ما نشاء، الوطن شرف وعز وكبرياء، الوطن ولاء وانتماء وعطاء، فلا نامت أعينُ الجُبناء.
 
حمى الله الوطن وقيادته، وحمى شبابه من الفاسدين وطواغيت الفتن.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد