الكتّاب والأدب الرخيص

mainThumb

17-02-2020 12:57 PM

كسدت سوق أدباء هذا العصر ، وأخذ الناس ينظرون إليهم بتوجّس وريبة ، ولا لوم ولا تثريب عليها .. ففي كل صباح يستقبلون على صفحات الصحف والمجلات سيلا من الكتّاب الجدد ، وفي كلّ مساء يودّعونهم ، وهكذا أقبل مدّعو الأدب من كل حدب وصوب .. تصوّروا أن كلّ من يحمل قلما ثمينا يستطيع أن يسيل لعابه أدبا راقيا ..ظنّوا أن مجرد كلمات برّاقة يسطّرها تحت عنوان دافيء كفيلة بأن تجعله في مصافّ عظماء الأدباء ، وبلغ بهم الغرور مبلغا جعلهم يتوهّمون أن في إمكانهم أن يسطّروا في جلسة صاخبة آيات من البلاغة لم يسبقهم إليها أحد ..ويتبجحون في نهاية المطاف : انصرف الناس عن الأدب .
 
أتعلمون لماذا ينصرف الناس عن الأدب الفج الرخيص ؟ ينصرفون عنه ببساطة لأنهم لا يجدون فيه ما يغري .. ينصرفون عنه لأنه لا أثر لكدّ الذهن فيه ولا أثر فيه للفكرة الجميلة  .. لا أسلوب فيه يغريك على المتابعة ..لا لغة فيه تأخذ بالألباب وتأسر القلوب .
 
من أراد أن ينصّب نفسه كاتبا عليه أن يؤدّب نفسه أوّلا فالكلمات العذبة التي تتغلغل في النفس لا تخرج إلاّ من قلب سليم يتسع للعالم أجمع ،وعليه أن يداوم إطالة النظر للأشياء لمعرفة كنهها وعليه أن يفكّر في طبائع الناس حتى يجمع الكل في واحد ، وعليه أن يقرأ ويقرأ حتى يملّه مجلسه ثم ليمتهن الكتابة بعد ذلك هاويا أراد أو محترفا حينها لن يكتب كيفما اتفق   ولن ينظر إليه بريبة وتوجس مثلما يفعلون مع عشرات السطحيين .. سيكون له قيمة والشيء الذي له قيمة يكون ذا نفع ومن يكون ذا نفع نكون بحاجة ماسّة إليه وفعلا نحن بحاجة إلى أدباء ذي قيمه... 
 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد