جينات الكراهية والحقد

mainThumb

19-05-2020 02:55 AM

بعد سنوات طويلة من العمل العام في مختلف المواقع والمناطق في الداخل والخارج ومع العديدَ من شرائح المجتمع وفي كل مراحل التعليم من المرحلة الاساسية حتى الدراسات العليا في الجامعات والاندية والاتحادات الرياضية وغير ذلك من مجالات التطوع ، وعند استعراض هذه المرحلة الطويلة من محطات الحياة لنصف قرن من الزمان، توقفنا مطولا لتحليل بعض الشخصيات التي تعاملنا معها من الطفولة إلى الكهولة فتستعيد المدرس، المعلم، الذي حفر في ذاكرة طلابه أبجديات الحياة والشخصيات الطيبة التي تحترم عملها والزمالة وتحتفظ بها حتى لو ابتعدت الوجوه واختلفت معها يوما ما، وتؤدي واجباتها بإخلاص وهم الاغلبية في الزمن الماضي ومع مرور الزمن بدات اعدادهم تتناقص لعوامل عديدة لا يتسع المقام لذكرها ، ولكن من خلال التجارب الشخصية لاخرين الذين تم اسطلاع ارائهم وهم بالمناسبة عينة كبيرة وصلوا إلى المئات في محطات عديدة، حيث افادوا بالاجماع انهم صادفوا في معظم محطات حياتهم شخصيات احترفت النفاق للمسؤول وهو على راس عمله وبعضهم كان لا يفارقه ويقوم( بغسيل سيارته وملابسه وتنظيف بيته الخ ) وينقلب عليه بسرعة البرق عند اول استادرة، وهذه ظاهرة موجودة منذ التاريخ تلازم اصحابها، ومثل هؤلاء يمكن اكتشافهم بعد اول تطوع لهم بتنظيف بيت اَو حذاء المسؤول، وهناك من يعتزل جانبا عند الاختلاف مع المسؤول ولو كان هو على حق احتراما لنفسه وللزمالة وذلك اضعف الايمان وبَيقى عَلى الود وعفة اللسان ، وهؤلاء من الشخصيات التي تحترم لانهم حريصون على المودة والصداقة .

ومن خلال تحليل المعلومات التي تم جمعها وجدنا ظاهرة خطيرة تتمثل في وجود اناس ولدوا مع الحقد والكراهية واصبحت جزءا من شخصياتهم ويورثوها لابناءهم، والا بماذا نفسر ان شخصا تتلمذ على يدي استاذه وقدم له هذا الاستاذ او ذاك الكثير واحسن اليه وساعده ماديا ومعنويا، وقد يكون سببا في ما وصل اليه بعد رب العالمين، او عندما ترى زملاء من بلد واحد ودرسوا سويا في الداخل او الخارج وكانوا يعيشون في سكن واحد ويتغنون بوطن واحد وعندما عادوا إلى ذاك الوطن انشطروا إلى طوائف واعراق ومذاهب، وفي النهاية وعند سؤاله أحدهم عن استاذه او زميله تاتي الاجابة الفورية بالكراهية والحقد الغريزي، لانه من المنطقة او الطائفة او العشيرة الفلانية ، وهذا الاستنتاج لعينات بالمئات وليس موقفا فرديا من هذا وذاك وفي كل المواقع والمستويات .

ومن خلال تتبع ديناميكي لافراد ممن يتصفون بالحقد الجيني والموروث واستشارة أصحاب الاختصاص في الطب النفسي وعلماء الاجتماع وتفكيك شيفرة جين الحقد، توصلنا إلى اسباب تتمثل في ثقافة الاسرة التي تتسم بالدونية، والتي ورثت الحقد على الاخرين دون اسباب وجيهة ومنطقية واكتشفنا من جلسات طويلة واسئلة موجة ان التحريض الممهنج على الغير من اطراف عديدة، وخاصة من التي توصف بالنخب واصحاب الصالونات السياسية والحزبية الانتهازية لاسباب جهوية واقليمية واثنية وطائفية ومذهبية وغيرها من امراض العصر والتي تستشري وتستعر عند الصراع على مقاعد وزارية او نيابية او درجات ووظائف عليا او زعامة قبلية حتى بين ابناء العمومة ، كان لها الدور الأساسي في هذا الحقد والكراهية ،، اضافة إلى ضعاف الشخصية والتي يلجأ اصاحبها إلى أشخاص يحترفون الفتنة والحقد ويستغلونهم وهم مستمتعين بذلك لانهم مرضى نفسيين ، وكذلك الذين افتقدوا الحنان في طفولتهم ويبحثون عن جماعة للانتماء اليها لتحميهم لعدم قدرتهم على تحقيق ذلك في اسرهم وعشيرتهم، وخاصة ممن لا يثقون في قدراتهم، ومثل هؤلاء يتصفون بالتقلب في المزاج ويفشلون في حياتهم الاسرية، ويقضون حياتهم في الوهم ومحكومين بنظريات المؤامرة ويبحثون عن من هم على شاكلتهم لإيجاد الخصوم والاعداء الوهميين، ومثل هؤلاء مرضى جميعا بحاجة إلى علاج طويل وقد لا يسعفهم الوقت اذا تاخروا فيه ، نسأل الله لهم العفو والعافية والله المستعان،،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد