الأمريكيون من أصول آسيويّة قلقون وجريمة الثلاثاء

mainThumb

21-03-2021 08:11 PM

شهدت مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية مجزرة عنصرية الثلاثاء الماضي قتل فيها ثمانية أشخاص في ثلاث هجمات بالرصاص على صالونات تدليك آسيوية. 
ومن بين الضحايا الثمانية هناك ستة من أصول آسيوية وذلك وفق ما صرح به ناطق عن الشرطة الأمريكية.. ما يشير إلى تزايد الهجمات الموجهة ضد الأشخاص ذوي الأصول الآسيوية في الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من أنه لم يؤكد بعد إن كان للهجمات دوافع عنصرية رغم الشواهد التي تشير إلى خلاف ذلك.. وتم توقيف مشتبه به يميني يدعى روبرت آرون لونغ يبلغ 21 عاما بعد عملية مطاردة على بعد 240 كلم جنوب أتلانتا. وهو محتجز لدى الشرطة منذ مساء الثلاثاء الماضي.. 
واعترف لونج بإطلاق النار في مقاطعة شيروكي وأتلانتا، فيما قال فرانك رينولدز، عمدة مقاطعة شيروكي، في بيان إن “لونج أبلغ المحققين أنه يلقي باللوم على صالونات التدليك في توفير متنفس لإدمانه الجنس، وأن الجريمة التي ارتكبها لم يكن دوافع عنصرية”.
وهذا كلام لا يعول عليه قياساً إلى جنسية الضحايا، وارتباطها بظاهرة عنصرية تستهدف الآسيويين.
وندّد الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة في مدينة أتلانتا التي شهدت عمليات إطلاق النار، ودعا المواطنين إلى التحرّك لمنع العنف المرتبط بالعرق، قائلاً في كلمة ألقاها في جامعة إيموري:
إنّ "الصمت تواطؤ. لا يمكننا أن نكون متواطئين. علينا أن نتحدّث علانيةً، علينا أن نتحرّك"، حاضّاً الأمريكيّين على محاربة ما سمّاه "عودة ظهور كراهية الأجانب".
وأضاف بايدن "أيًا تكُن دوافع (إطلاق النار) فإنّنا نعلم ما يلي:
الأمريكيّون من أصول آسيويّة قلقون. وعلى مدار العام الماضي، استيقظوا كلّ صباح وهم يشعرون بأنّ سلامتهم وسلامة أقاربهم على المحكّ".
من جهتها انضمت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى القادة الآسيويين والسود والأسبان في الكونغرس، للتنديد بتصاعد جرائم الكراهية في البلاد ضد الآسيويين في الأسابيع الأخيرة.. وقالت: بأن "تنوعنا هو قوتنا، ووحدتنا هي قوتنا...نحن متوحدون في هذا الموضوع".
وفي الحقيقة أن ما بذره ترامب في حرث المجتمع الأمريكي دنا حصاده، فبدون البحث في الترامبية ستكون النتائج منقوصة، والدراسات التي تشير إلى تنامي العنصرية في المجتمع الأمريكي وخاصة ضد الآسيويين جاءت على خلفية الصراع "الصيني الأمريكي" الذي أشعل فتيله ترامب منذ أربع سنوات خلت، وقد تبنى اليمين شعاراته على نحو: "الكورونا صيني الجنسية" و" الأمريكيون من أصول صينية جواسيس".. فجاء من يوقظ الفتنة العنصرية ليبث سمومها بين الأعراق المختلفة التي اعتمد عليها بايدن في فوزه الرئاسي كمكون حزبي ديمقراطي.. وأُخِذَ الآسيوييون بجريرة العرق الأصفر الصيني.
وهذا يأخذنا إلى مقال نشرته صحيفة الاندبندنت كتبه باتريك كوبرن يقول فيه "إن ما أفسده الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الولايات المتحدة يصعب إصلاحه".
ويذكر باتريك أن "بعض المراقبين يتخوفون من استمرار أفكار ترامب حتى بعد مغادرته السلطة. وأنه ربما يعود بعد أربعة أعوام".
وهذا يفسر استفحال العنصرية ضد الآسيويين في المجتمع الأمريكي حيث تعرض الأمريكييون من أصول صينية إلى ممارسات عنصرية، في سياق الإرهاب اليميني على اعتبار أن الإرهاب لا هوية له أو دين.
وقد حذر الخبراء من تنامي ظاهرة الشعور بالكراهية في المجتمع الأمريكي الفسيفسائي الذي بدا متنافراً جوهرياً رغم استقراره الظاهري، والحق يقال بأنه لا سبيل لدراسة هذه الظاهرة إلا من خلال البحث في الترامبية اليمينية؛ حيث وجدت دراسة قام بها (مركز دراسات التطرف والكراهية) في سانت برناردينو في كاليفورنيا، من خلال بيانات دوائر الشرطة في 16 مدينة رئيسية في أمريكا، أن عدد جرائم الكراهية ضد الآسيويين وصل إلى 122 جريمة خلال العام الماضي؛ وهي زيادة بنسبة 149% عن عدد الجرائم في عام 2019 البالغ عددها 49 جريمة. وقد تزايد عدد الجرائم في 15 مدينة من المدن الست عشرة، وكان الارتفاع الأوضح في كل من نيويورك ولوس أنجلوس وسياتل وسان هوزيه، فبلغ مجموع الجرائم عدداً هو الأعلى منذ خمس سنوات على الأقل.
وجدير بالذكر أن حوادث الكراهية ضد الأمريكيين الآسيويين كانت قد ارتفعت بشكل كبير في الولايات المتحدة، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 3000 حادثة منذ بداية جائحة كورونا بالبلاد في العام الماضي، إذ أن النواب الديمقراطيين ونشطاء المجتمع، رأوا أن ارتفاع نسبة هذه الحوادث مرتبط بشكل مباشر بالرئيس السابق، دونالد ترامب، والقادة السياسيين الآخرين، الذين استخدموا الخطاب المعادي لآسيا عند طرح ومناقشة مواضيع متعلقة بفيروس كورونا، بحسب صحيفة "ذا هيل".
فماذا يعني أن تتعرض المطاعم الصينية والكورية إلى التخريب والانتهاك بعبارات وصور نمطية مناهضة للآسيويين؛ غير أنها استجابة لشعارات اليمين الترامبية التي وضعت ذوي الأصول الآسيوية في دائرة الاشتباه بالعمالة للصين بسبب التشابه العرقي، حيث ارتفع عدد جرائم الكراهية ضد الآسيويين، بينما انخفضت جرائم الكراهية ضد جميع الأقليات الأخرى بنسبة 7% من 1845 إلى 1717 جريمة.
في المحصلة فإن خطر العنصرية المستفحل في أمريكيا ضد الأقليات العرقية تعتبر خطوات فعلية لتطهير بلاد العم سام من الأعراق الأخرى وقد يؤدي إلى خيارات انفصالية بناءاً على الكثافات العرقية رغم أن كثيرين يعتقدون باستحالة ذلك.. لأن رهاناتهم تقوم على وعي المؤسسات الفيدرالية لخطورة هذه الظاهرة وضرورة التكاتف على وأدها في المهد، فالأمريكيين من أصول آسيويّة قلقون كما قال بايدن، وكأنه يدق بذلك ناقوس الخطر الداهم ما لم يتداركه الجميع.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد