بايدن يعمق مصاعب التكنولوجيا الصينية ..

mainThumb

06-04-2021 08:55 PM

السوسنة- تمثل الحرب على شركات التكنولوجيا الصينية أحد أهم سمات المواجهة الأميركية الصينية منذ أن بدأت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في تصنيف عدد من شركات التكنولوجيا الصينية بأنها تهديد للأمن القومي الأميركي.
 
وتمثل أشباه الموصلات (Semi Conductors) ورقائقها، محور الطموحات التكنولوجية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة والصين بشكل متبادل، فكل شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى تعتمد على الرقائق الأميركية، في الوقت ذاته لا يمكن للشركات الأميركية النجاح وتحقيق نمو من دون العملاء الصينيين.
 
وركزت وثيقة "التوجيه الإستراتيجي المؤقت لإستراتيجية الأمن القومي"، والتي أصدرتها إدارة الرئيس الحالي جو بايدن في بداية مارس/آذار الماضي، على التحدي الصيني المتزايد في المجالين العسكري والتكنولوجي.
 
وجاء في الوثيقة التي تكرر فيها الإشارة إلى الصين 15 مرة، أن هناك تنافسا كبيرا بين القوى العالمية الرائدة في تطوير ونشر التكنولوجيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وأشباه الموصلات، وأن التغيرات السريعة في التكنولوجيا ستشكل كل جانب من جوانب حياتنا ومصالحنا الوطنية، ولكن اتجاه الثورة التكنولوجية وعواقبها لا تزال غير مستقرة.
 
 
نهج متشدد
 
يعتبر الكثير من المعلقين الأميركيين أن الحرب الباردة قد بدأت بالفعل بين واشنطن وبكين، منطلقين من المواجهة التكنولوجية بينهما، وأنه لا يمكن إلا توقع الأسوأ خلال السنوات والعقود القادمة.
 
وأطلق بايدن مبادرة لمراجعة مرونة سلسلة التوريد المتعلقة بأشباه الموصلات، متعهداً بإعادة التفكير السريع خلال الـ100 يوم الأولى في مصير تجارتها وصناعتها المستقبلية.
 
ومن المتوقع أن يخيب بايدن آمال المتطلعين لتخفيف وطأة المواجهة التكنولوجية مع الصين، حيث يرجح أن يدفع قدماً بسياسة هجومية تعتمد على جذب مصنعي وموردي أشباه الموصلات حول العالم للتحول إلى الولايات المتحدة، وحرمان الصين من الوصول إلى منتجات هذه الصناعة الأكثر تقدماً، حيث تتأخر الصين في هذه الصناعة الحيوية، وتحاول واشنطن منع الصين من الوصول إلى أسرار صناعة أشباه الموصلات التي لا تعرف شركاتها الخاصة كيف تُصنعها بعد.
 
ويتم تصنيع أشباه الموصلات، وهي رقائق سيليكونية شديدة الدقة تستخدم في الدوائر الإلكترونية للأجهزة الكهربائية المختلفة، الصناعية أو تلك المستخدمة في الحياة اليومية، في عدد محدود من الدول.
 
 
 
وتتقسم تقنية أشباه الموصلات إلى 3 مستويات، بسيطة ومتوسطة ومتقدمة، وتنتج الكثير من الدول المستويين الأولين، في حين يبقى المستوى الثالث المتطور والمعقد من أجهزة أشباه الموصلات تحت سيطرة عدد صغير من الشركات في عدة دول.
 
وتتقدم الصين في مجال إنتاج المستويين الأولين، إلا أنها تتأخر بشدة في إنتاج المستوى الثالث الأكثر تعقيدا والأدق والأكثر تقدما.
 
وفي الوقت الذي تصدر فيه الصين أشباه الموصلات من المستويين الأوليين، تضطر لاستيراد أغلب احتياجاتها من أشباه موصلات المستوى الثالث المتقدم الذي لا بديل لها عنه في إنتاج الهواتف المتقدمة والآليات المعقدة والطائرات والسيارات الكهربائية والكثير من برامج الذاكرة والذكاء الاصطناعي، ووحدات المعالجة المركزية للبيانات، ووحدات معالجة الرسومات.
 
وبلغت صادرات الصين من أشباه الموصلات من المستويين الأول والثاني 101 مليار دولار في عام 2019، في حين تخطت وارادتها من أشباه الموصلات من المستوى الثالث 300 مليار دولار في العام نفسه.
 
وتمتلك شركة تي إس إم سي (TSMC) التايوانية أكثر من نصف حجم الإنتاج العالمي، إلا أنها في الوقت ذاته تعتمد بصورة أساسية على التكنولوجيا الأميركية في البحث والتطوير.
 
وتأتي كوريا الجنوبية ثانية بعد تايوان بنسبة 19% من السوق العالمية لإنتاج أشباه الموصلات المتقدمة، وتنتج الولايات المتحدة 8% منها واليابان 7%، وبقية العالم بما فيها الصين فتنتج 15%.
 
 
 
وتعد الشركات الصينية متخلفة عن نظيراتها الغربية في المستوى الثالث المتقدم من أشباه الموصلات من حيث التصميم وحصة الإنتاج على حد سواء. وعلى سبيل المثال تمضي شركة تي إس إم سي قدماً الآن في تطوير عملية الإنتاج لشرائح "3 نانومتر" و "2 نانومتر"، ومن المتوقع أن تصل تلك الرقائق للأسواق خلال عامي 2024 و2025.
 
في الوقت ذاته لم تبدأ شركات سميك (SMIC) المملوك للدولة في الصين إلا في إنتاج رقائق (14 نانومتر) في نهاية عام 2019، مما يضعها على بعد جيلين على الأقل من مثيلاتها الرائدة في الولايات المتحدة وتايوان وكوريا الجنوبية.
 
تعقيدات الاعتماد التكنولوجي المتبادل
 
ولا تزال الشركات الأميركية تسيطر على حوالي نصف مبيعات أشباه الموصلات العالمية، رغم أن قيادتها التكنولوجية تقتصر في الغالب على البحث والتصميم.
 
وبسبب الجدوى الاقتصادية، استعان مصنعو أشباه الموصلات الأميركيون بعمالقة الشركات الآسيوية في تايوان وكوريا الجنوبية (سامسونغ) للمشاركة في عملية سلسلة التوريد الإنتاجية.
 
ومؤخر بدأ الإستراتيجيون الأميركيون ينظرون إلى هذا الأمر باعتباره خطأ يجعل تصنيع أشباه الموصلات العالمية مركزًا بشكل خطير في تايوان وكوريا الجنوبية، رغم أنهما حليفين قريبين من واشنطن.
 
وأقنع الرئيس السابق دونالد ترامب شركة تي إس إم سي التايوانية بنقل جزء من تصنيعها إلى ولاية أريزونا بحجم استثمارات يقترب من 12 مليار دولار.
 
كما تضمن آخر مشروع للميزانية الأميركية المتعلقة بالدفاع توفير حوافز مالية فدرالية لبناء مصانع لتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، والمساعدة في تمويل البحث والتطوير في هذه المجال الحيوي.
 
ودفعت عقوبات إدارة ترامب على شركة هواوي الصينية وغيرها من كبريات شركات التكنولوجيا الصينية إلى إحجام شركة تي إس إم سي عن التصدير للصين، وهو ما أثر بصورة كبيرة في سلسلة التوريد العالمية وكانت الصين أكثر الدول تأثرا بهذه السياسات.
 
 
 
جبهة موحدة
 
سيكون نهج بايدن تجاه قضايا التكنولوجيا الصينية مختلفاً عن نهج ترامب في مجال رئيسي واحد على الأقل، فقد قال مسؤولو إدارة بايدن إنهم يعتزمون العمل مع الديمقراطيات الغربية الأخرى لإنشاء جبهة موحدة ضد نفوذ الصين.
 
ويتوقع المراقبون أن تبدو إستراتيجية الرئيس بايدن في المواجهة التكنولوجية تجاه الصين وكأنها نسخة أكثر تلميعًا ومتعددة الأطراف من ترامب، في الوقت الذي يدفع فيه فريقه إلى الأمام بعدد كبير من السياسات التي تهدف إلى الحد من قوة ونفوذ شركات التكنولوجيا الصينية في الولايات المتحدة وخارجها.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد