في اي عصر كان اصغر قائد في التاريخ ؟

mainThumb

09-11-2021 11:11 AM

محمد بن القاسم الثّقفيّ أصغر قائد في التّاريخ وهو ابن عم الحّجاج بن يوسف الثّقفي الذي قال عنه : " تأتون يا بني ثقيف إلّا إلى أن تستبقوا إلى الفصل ولو على أسنة الرّماح ، أمضي يا بني فامتشق سيفك على البركة الله فأنت عامل بني أمية على بلاد الهند " . 
ولد محمد بن القاسم سنة اثنين وستين للهجرة ، ومنذ نعومة أظفاره يحب الحرب والغزو ،  وصحب الحّجاج في معركة دير الجماجم التي جرت مع عبد الرحمن بن الأشعث ، وقلّما تخلّف ابن القاسم عن إحدى حروب الحّجاج الكثيرة . 
دخل محمد بن القاسم على الحجاج وقال له : 
- يا سيدي ومولاي ويا ابن عمي ألا يهزّك ما يحدث للمسلمين في بلاد السّند ، إن الحال قد بلغت من السّوء كما يبلغ السيل الزبا ، وإن ملك السّند بات يستخف بنا ولا يكترث لنا ، فهلا بعثتَ بي إليه لأؤدبه والعصاة من أمثاله أو ألقى الشهادة في سبيل الله .
فلم يرده الحجاج بل قال له :
- أصبحت يا محمد ورأيك لسديد وأنّي لمرسلك في جيش إلى السند ينعقد لواءه لأبي الأسود جهم .  
- قال محمد : أنا لا أرضى ان أكون تحت إمرة أحد .
- قال الحجاج : وهل في هذا ضير يا محمد ؟ 
- أجاب ابن القاسم : إني لا استنكف عن أن أسير للجهاد جنديًا من الجنود ، وما يضيرني أن أسير تحت لواء أبي الأسود ، فهو بطل معروف وفارس صنديد وقائد محنك ولكني أرى أنك بحاجة إليه هنا ، كما أني لست عاجزًا أن أقود لك جيشك وآخذ للعرب ثأرهم من أهل السند . 
- قال الحجاج : أو تقود جيشًا وأنت لم تتجاوز عامك السابع عشر .
- قال محمد : وما ذنبي أن أولد في السنة الثانية والستين للهجرة  ، اختبرني يا ابن العم وارجو أن أكون عند حسن الظن .
سكت الحجاج برهة ثم التفت إليه وقال له 
- إلا تعتقد أنه سيقال عني أن الحجاج أخذ يؤثر أقاربه واهله بالمناصب ؟!
- فأجاب محمد على الفور : إنا لا أطمع برزق ولا أطمع بمنصب ، إنما أنا ألتمس منك أن أموت في سبيل الله .
ابتسم الحجاج وقال : 
- امضِ يا بني فأمتشق سيفك على بركة الله فأنت عامل بني أمية على بلاد السند وسيأتيك كتاب الخليفة بذلك . 
وهكذا قاد الفتى محمد بن القاسم الثقفي جيشًا عدده ستة آلاف مقاتل ، ويذكر التاريخ أن نفقات تلك الحملة قد بلغت ستين مليون درهم ، وصل إلى شيراز فأقام بها أيام نظّم فيها الجيش والسّلاح ، ومن هناك توجه بجيشه إلى الدبيل – كراتشي – التي هي من أهم منافذ السند ، وكان آنذاك تحت قيادة رجال دهاة خبراء بالحرب أمثال جهم الجعفي ومحمد بن مصعب الثقفي وزائدة بن عمير والقاسم بن ثعلبة . 
سار محمد بن القاسم ففتح قنزيور و أرماثيل حتى وصل الديبل فحاصرها برًا وبحرًا ودارت بينه وبين الوثنيين معارك ضارية ، وكانت هناك محاولة التفاف على محمد لأسره ، فنظر إلى محمد بن واسع وهو من الرجال المجاهدين الأتقياء وقال : انظروا إلى محمد بن واسع ماذا يصنع ؟ 
- قالوا له : غنه يرفع بأصابعه نحو السّماء .
- قال مستبشرًا : والله لهذا الإصبع أحب إليّ من عشرة آلاف سيف يهد ، أقدموا على بركة الله .
وعند التقاء الأسطول الإسلامي البحري بالأسطول الإسلامي البري ، أمر محمد بن القاسم بنصب المجانيق وكان أحد تلك المجانيق يسمى العروس والذي كان يحتاج إلى خمسمائة رجل لإدارته وإطلاق قذيفته وطلب توجيهه نحو تمثال بوذا الضخم المقدس لدى الهنود لهدمه .
فقذفت سارية الصنم ودخل المقاتلون المسلمون لداخل الصنم الأجوف حيث جابهتهم أعداد كبيرة من الوثنيين وكان قتالًا عنيفًا حتى تم فتح كافة منافذ الصنم .
كان البوذيون يعتقدون أن إلههم سيصب غضبه على المسلمين ، لكنهم فوجئوا بالمعبد الكبير وهو ينهار تحت ضربات المسلمين ، واقتحم المسلمون المدينة وفتحوها ، وأقام محمد بن القاسم مسجدًا بدلًا من الصنم . 
وفتح بعد ذلك محمد بن القاسم كل من مدينة كراتي ومدينة سربيدس وسبهان وسروسان ، وعبر نهر مهران وقاتل ملك السند وجيه في معركة حامية الوطيس ، حيث وصفت بأنها معركة ييب لها الولدان وبهذا استولى المسلمون على برهمناباذ ، ثم فتحوا بسمد والراور والسكة بعد اجتياز نهر بياس حتى وقفوا على مدينة الملتان ، وقد ازدهرت التجارة ونهضت العلوم في السند والهند ، وآمن الناس على أرواحهم وأموالهم وظهر منهم علماء وأدباء .
المصدر : سلسلة نور الإسلام – قادة الفتوحات الإسلامية – محمد بن القاسم الثقفي – خليل البدوي 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد