التعليم العالي والميزان الحالي

mainThumb

01-07-2009 12:00 AM

لا ادري لماذا يصر الكثير من المهتمين بالشأن الأكاديمي من السادة النواب الأفاضل ومعالي وزير التعليم العالي وبعض الزملاء من أساتذة الجامعات على تحجيم وتقليل مشكلات التعليم العالي واختزالها في قضية واحدة وهي؛ كيف يعين رئيس الجامعة؟ ومن صاحب الولاية في نقله أو تعيينه أو إقالته ؟ والتعامي عن المشكلات الحقيقية التي يعاني منها التعليم العالي في بلدنا الغالي والتي تهدد بانهياره ولفظ أنفاسه الأخيرة على مرأى منا جميعا.
رئيس الجامعة موقع مهم لا ينكر احد أهميته وهو كما قال لي احد أساتذتي في الجامعات البريطانية؛ لأن تصبح رئيسا للوزراء في بريطانيا أسهل من أن تصبح رئيسا لجامعة اوكسفورد مثلا. ولكن اختزال كل مشكلات التعليم العالي في من يعين رئيس الجامعة ؟ ومن يقيله؟ أمر يبعث على القلق كثيرا وينذر بقدوم كارثة تعليمية لا قدر الله.
الجامعات الأردنية كانت منارات علم نفتخر ونفاخر بها واليوم وللأسف الشديد تراجعت تراجعا خطيرا لا ينبغي السكوت عليه. الجامعة لها رسالة مهمة ينبغي عليها أن تحققها؛ وهذه الرسالة هي سبب وأساس وجوهر وجودها وإذا ما عجزت الجامعة عن تحقيق أهدافها فان وجودها يكون كعدمه.
الجامعة المكان الذي يغير ما حوله ولا يغيره ما حوله, أي أن الجامعة من يحدث التغير في المجتمع وليس العكس, ليس كما حدث ويحدث مع الكثير من جامعتنا الأردنية الحبيبة. الجامعة لا تخضع لمعايير من احد وإنما تضع المعايير التي تناسبها والتي ليس بالضرورة أن تكون منسجمة مع سياسية الحكومة أو تخضع لسياستها. الجامعة متمردة في معاييرها ومتمردة في استقلاها ولا تقبل أن تتبع أو تخضع لأي سلطة إلا سلطة العلم. إن استقلالية الجامعة مسالة حيوية ومهمة وهي تشكل الأساس لقوة الجامعة ومكانتها وهيبتها.
التعليم يحتاج إلى مراجعة شاملة ووقفة شجاعة مع كل أوجاعه وأمراضه ويحتاج إلى علاج دائم لا مؤقت. إن مستوى مخرجات التعليم من الطلبة الآن يشير إشارة واضحة صريحة إلى ما وصل إليه التعليم من تراجع كبير وعجزه عن تحقيق الحدود الدنيا المقبولة وفي مختلف التخصصات. إن طلبة الجامعة- وهم غير ملومين في ذلك- لا يمتلكون أو يمتلكون الحد الأدنى من المهارات الأكاديمية الضرورية لأي طالب جامعي. إن طالب اليوم هو قائد وصانع قرار الغد ومن واجبه علينا أن نسلحه بالعلم والمعرفة والمهارات اللازمة ليكون قادرا على مواجهة المستقبل وليكون صانع غد مشرق.
إن إصلاح التعليم يجب أن لا ينحصر ويختزل في آلية اختيار رئيس الجامعة, وإنما لا بد من مراجعة شاملة لكل أطراف العملية التعليمية من أستاذ وطالب ومنهج وإلا فان الحديث عن الإصلاح يكون حديثا منقوصا وغير ذي فائدة تذكر. إن الطلبة اليوم يعانون من مشكلات لا حصر لها وهم وللأسف يفتقرون لأبسط المهارات الحياتية وأبجديات العمل الأكاديمي المتميز. وزن التعليم العالي بهذا الميزان فيه إغفال للمشكلات الحقيقية التي يعاني منها وهي أولى بالوقوف عندها ومعالجتها.
أتمنى أن يتم تشكيل لجان وطنية لدراسة واقع التعليم العالي بكل أطرافه وتقيم واقعه ورصده بأمانة وموضوعية بعيدا عن التجمل والتجميل والمزايدات لاتخاذ قرارات وطنية تعيد إلى التعليم العالي مكانته التي يستحقها.
abdallahazzam@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد