تحذير جلالة الملك

mainThumb

10-10-2009 12:00 AM

د. هاني الشبول

أتمنى على الإسرائيليين (حكومتا وشعبا) ان يستوعبوا وينفذوا ما قاله جلالة الملك عبداللة الثاني ابن الحسين في المقابلة التي أجرتها مع جلالته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، محذرا "من أن الإخفاق في الوصول إلى سلام شامل وعادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيدفع بالمنطقة إلى الانزلاق نحو الظلام".

نعم، لقد انتظر الشعب الفلسطيني عقودا طويلا (ولازال ينتظر) لكي يقيم دولة مستقلة على أرضة، يعيش فيها بكرامة وأمن واستقرار وازدهار، وانتظر الشعب الإسرائيلي فترة زمنية طويلة لكي يعيش بعيدا عن الخوف وشبح الحروب. إن الإيمان بمبادئ السلام العادل (الذي يؤ?Zمن لكل طرف حقوقه) والتعاهد على تطبيقه "الآن" هو السبيل الوحيد الذي سوف يحقق لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين ما ينتظرونه.

إن الوصول إلى سلام دائم وعادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين سينتج فارقا هائلا ليس في نوعيه معيشة الفلسطينيين والإسرائيليين فحسب، بل في نوعيه معيشة شعوب المنطقة بأسرها، المنطقة التي مزقها "غياب السلام" واستمرار الصراعات، والذي حرمها لفترة زمنية طويلة من اللحاق بركب التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي، والازدهار الاقتصادي، والاستقرار السياسي الذي ساد في كثير من مناطق ودول العالم، والذي أنتج الرفاهة لمعيشة شعوبها.

إن تنكر الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ التزاماتها نحو تحقيق السلام المنشود مع الفلسطينيين واتخاذها إجراءات أحادية ( مثل تهديد الأماكن المقدسة في القدس وتغيير هويتها ، وبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية وغير ذلك الإجراءات) يشكل تهديدا قد ينسف عملية السلام القائمة برمتها، ويمهد لإشعال حروب كبيرة ومدمرة في المنطقة.

يبدو إن جهل ساسة إسرائيل وقادتها بدروس التاريخ، وخيارهم العيش بعقلية القلعة.. معتمدين على القوة العسكرية لضمان امن إسرائيل.. دفعهم إلى عدم الاستجابة لمبادرات السلام المختلفة الداعية للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة لتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة "دولته المستقلة" على ترابه الوطني، باعتبارها طريق الخلاص الوحيد والأنجع لحل مشكلة إسرائيل الأمنية، ومشكلة الفلسطينيين في الحرية وتقرير المصير، والخلاص من الحروب وآثارها المدمرة، والتي عانت منها شعوب المنطقة لأكثر من ستين عاما".

على إسرائيل ان تدرك بأن السلام العادل (الذي يؤمن لكل طرف حقوقه) والتعايش المتبادل بين العرب جميعا والإسرائيليين "ضرورة إستراتيجية" و"مطلب أخلاقي" كون النقيض للسلام والتعايش هو الموت والدمار (( ضرورة إستراتيجية نتيجة للتقدم التقني المستمر في صناعة السلاح الذي أصبح قاتل فتاك للإنسان ومبيد للبشر ومدمر للحضارات، ومطلب أخلاقي حيث أن حياة الإنسان أكثر قداسة من أي شي أخر)).

إن من يستعرض التاريخ الدموي لهذه المنطقة منذ بداية القرن الماضي، (من حروب وقتل وتهجير ومعتقلات ويتامى وأرامل وفقر وبؤس وتطرف وإرهاب وعدم استقرار وعدم وضوح المستقبل)، والذي هو ليس سوى عذاب أبناء هذه المنطقة، يدرك أهمية حاجة المنطقة وأبنائها للسلام، ومن يدرك أهمية السلام ويرغب في العيش بسلام وأمان، ويتمنى ذلك إلى أبناء منطقته، علية أن لا يمل ولا يكل من السعي وراء السلام مهما طالة مسعاه، ولا يرفض أي محاولة تسعى لتحقيق السلام، مهما كان مصدرها، ومهما كانت نتائجها المتوقعة.

على الرغم من ضياع فرص سلام كثيرة في الماضي، منذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 181 قبل أكثر من نصف قرن، والقائل بإقامة "دولتين للشعبين"، إلا أن عدالة (حل الدولتين) لا يزال أمرا قائما.

إسرائيل بحاجة في هذا الأوان إلى قيادة شجاعة تستطيع اتخاذ قرارات صعبة .. تلتزم باحترام حقوق الأخر، وتوقع اتفاقيات سلام عادلة مع جيرانها العرب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد