أحجية القوانين المؤقتة و تأجيل الدورة البرلمانية

mainThumb

17-10-2009 12:00 AM

وليد السبول
في كل يوم و في كل صحيفة و في كل موقع إخباري إلكتروني نقرأ مقالات و تسريبات إخبارية و إشاعات تبرر أسباب التسرع في إقرار قوانين مؤقتة أقرت مؤخرا و تعزو ذلك تارة لضرورة الإسراع في إصدار هذه القوانين و لو على شكل مؤقت لحين إنعقاد الدورة البرلمانية و يتم مناقشة هذه القوانين، و آخرون يوجهون اللوم للحكومة و ينفون الحاجة الملحة لإصدار هذه القوانين و يعتبرون أن الحكومة قد تجاوزت دور البرلمان بل و همشته بشكل من الأشكال و نفهم ان وراء كل هذه التأويلات و التفسيرات و التنظيرات الكثيرة، إما أنها تستند لمعلومة أو طرف معلومة أو أنها مجرد اجتهادات و رؤيا خاصة و توقعات.

أما أنا فأعتقد أنه لي رؤيتي الخاصة و التي قد يكون الخوض فيها من المحظورات بشكل من الأشكال لكن لأنني اعتدت أن أواجه و ألّا أختبيء و أقول ما اعتقده بغض النظر عن أبعاد ذلك علي شخصي أو على أناس تربطني بهم علاقة بشكل ما فسأقول ما أظن أنه سيحدث علما بأن ذلك هو رأيي الشخصي و تحليلي الخاص و لا أستند لأية معلومة سرية أو استخبارية.

أعتقد أن السادة أعضاء مجلس النواب الموقر قد أساءوا فهم المهام المنوطة بهم و التي لأجلها تم إختيارهم من قبل جهات معينة أو فلنسميها جوازا جهات شعبية عملت على جمع الأصوات لهم و بالتالي تنصيبهم أعضاء في مجلس النواب و حيث أن غالبيتهم من التجار الذين لا يفعلون شيئا إلا عملا بمبدأ الربح و الخسارة و نظرا لحجم الإستثمارات التي أنفقوها في الحصول على هذا المقعد فقد سعى بعضهم لتحقيق أكبر قدر من الأرباح و الحصول على عوائد مالية تعوض استثماراتهم في الحملة الإنتخابية و التي وصلت إلى مئات الألوف بل و إلى الملايين في بعض الأحيان فبدأوا بزيادة رواتبهم بنسب خيالية ثم تسابقوا في الحصول على الإيفادات في سفريات رسمية طمعا بالمياومات و المكافآت و أجبروا الحكومة على منحهم إعفاءات جمركية لسيارات ثم قاموا ببيع هذه الإعفاءات، ثم فاوضوا الحكومة على احتكار مقاولات مشاريع سكن عيش كريم و التي هي بالملايين و باعوها من الباطن و حققوا الأرباح بمئات الألوف ثم قام الكثيرون منهم بعمل نسخ متعددة للوحة سياراتهم التي تحمل الرقم النيابي و وضعوها تزويرا على أكثر من سيارة يستخدمها الأنجال و الزوجات و الأشقاء و الشقيقات و من يدري إن شمل ذلك أيضا بعض الأصدقاء و الصديقات. ثم تم ضبط شقيق أحد النواب الكرام بتهريب المخدرات و العملات المزورة من خارج البلاد إليها بسيارة الشقيق النائب المحترم و ربما ما أغضب الحكومة ليس دور شقيق النائب بالعملية و إنما هو موقف مجموعة من زملاءه النواب الذين سارعوا لشد عضده و توجهوا في جاهات لكبار المسؤولين للحصول على أفضل التكييفات للتهمة و لعدم حجز سيارة سعادة النائب و التي لا نعلم كمواطنين إن كان تم الإفراج عنها فعلا أم أنها ما زالت قيد الحجز و سيسري عليها ما سرى على غيرها من سيارات لمواطنين آخرين استخدمت في تهريب المخدرات سابقا، ناهيك عن شبهات العمل بتهريب المخدرات لنائب آخر بقيت في حدود الإشاعة مع أن الكثيرين يدعون أنهم متيقنون منها... ثم حصل الجميع على بدلات لتعيين سائق و موظف خاص بالإضافة إلى ابتزاز الحكومة لأجل الحصول على كوتات بتوظيف المحاسيب و الأقرباء و كوتات بالمقاعد الجامعية على حساب من يستحقونها فعلا لكنها ذهبت لمن لا يستحقها بكوتا غير قانونية عدا عن كوتات الحج التي أوقفت فقط في هذه السنة و كانت تذهب في كل سنة لغير مستحقيها، حتى أعضاء المجلس أنفسهم ذهب بعضهم في رحلات عمرة مدعومة لنيل رضى الله و لمسح الذنوب لكنهم عادوا بذنب أكبر حين أخذوا حق غيرهم و استخدموا مالا ليس من حر مالهم و إنما من مال المواطن الذي يحلم بزيادة خمسة دنانير فقط على راتبه لأن هذه خمسة الدنانير تعمل الأعاجيب لديه و تحدث تغييرا في مسار إنفاق أسرته.

ناهيك عن إنشغال أعضاء المجلس الكرام في التبارز للحصول على المكاسب الشخصية و المقاعد و المهام ضمن المجلس مبتعدين عمّا عاناه الوطن من مشاكل و معارك أخذت الصبغة العشائرية حتى كادت أن تحرق الأخضر و اليابس حتى وعى لها القلة منهم فسعوا إلى معالجتها بما تمكن بعد أن أفسدت الكثير و ستبقى المعاناة من آثار ذلك لفترة طويلة.

المهم أن كل ذلك جعلني أكتب بما أعتقد أنه سيحدث و بما دعا الحكومة لإصدار القوانين المؤقتة بعد تأجيل الدورة البرلمانية. فبعد هذا الفشل الذريع في فهم الدور المطلوب منهم فسيتم و قبل موعد إنعقاد الدورة حل المجلس نهائيا ثم سيتم تعيين حكومة عملية تمتلك من الحرية ما يجعلها تمسك بمبضع الجراح فتتخذ القرارات المناسبة في مصلحة الوطن دون تنازلات و مساومات مع مجلس برلمان و تسن القوانين اللازمة لضبط النفقات و إدارة البلاد بمعزل عن تدخلات من يعرف و من لا يعرف ثم ستقوم بإعداد قانون انتخابي جديد و ستطول هذه الحقبة لفترة ما بين السنتين إلى أربع سنوات و يحدث خلالها كثير من التغيرات السياسية في المنطقة حتى يصبح الأردن مؤهلا لمجلس قائم على أسس تمثيلية جديدة تتناسب و الواقع الجديد و خلال هذه الفترة ستنتهي الحاجة إلى كوتا الحج و هذا ما يبرر وعد دولة رئيس الوزراء بأنه لا كوتا حج لهذا العام لأنه يعلم أنه لا برلمان أثناء حج هذا العام.

و أخيرا، أكرر أنها تحليلات شخصية لم يشاركني فيها أحد و قد تصير حقيقة و قد لا تصير و إن أخطأت فقد أخطأ الكثيرون قبلي و مثلي و إن أصبت فقد أحسنت و أجدت التحليل دون أي التزام مني و علي و الله أعلم.

walidsboul@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد