الطريق الى الانتحار

mainThumb

06-07-2009 12:00 AM

هناك ثلاث طرق لتحصل على ما تريد أو تحقق أمنياتك و تنشل نفسك من عيش نكد، اثنتان في أروقة المكاتب الفارهة ومع أصحاب الأيدي و النفوذ، والثالثة فوق المباني العالية والمرتفعات، والتي أصبحت تنتشر في البلاد حديثا مع العولمة واقتصاد السوق..

فإذا أوصدت الأبواب في وجه صاحب حاجة أو لم يحصل على حقه، فما عليه إلا أن يتسلل الى أي مرتفع أو عمارة عالية ويتصل بأصحاب الشأن ويعرض عليهم حاجته - من فوق- وهو يلوح بسلاح الموت،.. وأمام جلال الموت لا يملك المسؤول إلا أن يجيب طلب هذا الملهوف ويحقن دمه، لان الإنسان أغلى ما نملك.

هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر عندنا بشكل لافت - خصوصا بعد أن حصل بعض من حاول الإنتحار على مكاسب بسيطة- تؤشر إلى جانبين، أحدهما أن هناك أزمة نفسية يمر بها البلد كاملا والشباب بوجه خاص، وأن هذه الأزمة منشؤها مادي بحت ويجب أن تنظر لها الحكومة بشكل عام وتدرسها جيدا وتضع لها الحلول الجذرية.

والثاني أن الحكومة ما زالت تركز على الأمور الفردية وتحل مشكلة شخص وتوهم أنها أدت واجبها، والمشكلة مشكلة مجتمع، فهي بذلك كالذي يرى مسكينا ويعطيه رغيف خبز، والرغيف لن يسد حاجته إلا لساعات ثم تعود المشكلة، ولا يجوز لحكومة أن تتصدق على شخص بعينه، بل على مواطنيها دافعي الضرائب، وتقول أني حللت مشكلة، ومثل هذا الشخص طوابير تنتظر الفرج ولا تجده، ولا تجوز الصدقة أصلا من الحكومة على شعبها وهو محل رعايتها، ولابد لها من وضع سياسات لحل هذه المشاكل العامة حلا يظهر فيه معنى الرعاية.

والأمر جدُّ خطير فالذي يهدد بالانتحار اليوم مؤهل لأن يقوم بأكثر من ذلك لأن اليأس تمكن منه، والعدد ليس بسيطا انه يستغرق نصف الشباب.

هناك محاولات للإنتحار نجحت، وكان أصحابها يملكون اصرارا على انهاء ماهم فيه، ودرجة كآبتهم كانت أكبر من أن يعرضوا أمرهم على مسؤول، أو كانت أوجاعهم أكبر من يحلها محافظ أو رئيس بلدية أو مدير أمن، فاختاروا أن ينهوا مشاكلهم بأنفسهم، ثم هناك من ينحر غيره هروبا من مشاكله،
فجرائم القتل والاختطاف وغيرها تضاف الى الرصيد الذي أصبح مُفزعا ومؤرقا، ولم نعهده في مجتمعاتنا المتكافلة التي لا ترضى بالجريمة ولا بالضرر للنفس ولا للآخرين، وهذا التحول الخطير لا بد من ايلائه عناية كبيرة من الحكومة ومن مؤسساتها جميعا، لا أن ترفع يدها وتقف كالمتفرج على أحداث "فلم" يمر أمامها قد تتأثر نفسيا منه لكنها لا تغير شيئا ولا تدخل المشهد، لأن الأحداث بعيدة ومنتهية، وبانتهاء الفلم ينتهي التأثر والألم عندها، وقد لا تنظر اليه حتى لا تتألم وتذرف بعض الدموع التي لا تفيد الضحية في شيء.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد