قصر بلا ماء!!!

mainThumb

06-07-2009 12:00 AM

ربما يتوارد لبعض من قرأ عنوان المقال بأن ذلك المقال سيتناول الحديث عن قصر مشيد تجاوره الأبراج، ويحيطه الحرس من جهاته الأربع ،وتلفّه الحدائق الرائعة المطرزة بالأشجار الشّاهقة ،ويقطنه الأمراء والملوك ،ويقوم على رعايته الخدم والحشم الذين لايتركون طبقا شرقيا أو غربيا إلا وأعدّوه لمن يقطن في أكناف ذلك القصر، وربما أن من قرأ ذلك العنوان سيساوره شيء من الدهشة والإستغراب فيقول:قصر بلا ماء؟؟! فأقول نعم قصر وبلا ماء.
فعلا أنني سأتحدث عن قصر ،ولكنه ليس ذلك القصر المشيد الذي ظنّه الكثيرون، إذ أنني سأتحدث عن قصر من نوع آخر ،قصر أطلق عليه ذلك الإسم ولكنه على غير مسمّى، ذلك القصر الذي سأتحدث عنه هو مجرّد منطقة جغرافية تقع ضمن حدود المملكة الاردنية الهاشمية، وبالتحديد في محافظة الكرك وإلى الشمال منها بحوالي 25 كلم.
إن ذلك القصر المقصود يقطنه كم لايستهان به من السكان ربما يفوق ال5 الاف نسمة، ولكنه يفتقر لأبسط حقوقه التي وجدت، تلك الحقوق المتمثلة بالمياه والتي بات الكثيرون من سكانه يحلمون بها حتى أنهم أصبحوا يرونها في مناماتهم، فينامون ويستيقظون على أمل رؤية تلك المياه وقد عادت ولكن دون فائدة ،يحلمون بأن تعود الحياة وتدبّ في (مواسير) مياه منازلهم التي طال انتظارها، حتى أن تلك المواسير لحقها الصدأ وتآكلت ربما هو قهر على غياب نعمة المياه التي بات يتحكم بها فئة معينة لاتخاف الله، تعطي من تشاء وتمنع عمّن تشاء، مع أن المعطي هو الله والمانع هو الله ،ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل على كل فاسد وموطن فساد.
أصبح الكثيرون يحلمون بسماع (سيمفونيّة) المياه عبر تلك (المواسير)، حتى وإن كانت تلك السيمفونية هواء دون ماء، ولكن لاهواء ولا ماء يسمع عبر أوردة تلك المواسير، لأن تلك السيمفونية تسمع في مناطق مجاورة ويطرب عليها سكان غير سكان ذلك القصر ،لأن المياه تجري ليلا نهارا في تلك المناطق دون انقطاع، وذلك القصر وأهله لاحيلة لهم إلا تفريغ (تنكات المياه) في خزاناتهم وبمبالغ ليست بالقليلة، والسبب تلك الواسطة والمحسوبيّة والشلليّة والجهويّة التي أصبح مجالها حتى في المياه وتوزيعها، فمن يقطن أهله أو أقاربه في منطقة معينة يبدأ بضخ المياه لتلك المنطقة متناسيا ذلك القصر وأهله.
نتمنى ان نعود لسماع تلك الأنفاس المتمثلة بصوت المياه عبر مواسير وأنابيب ذلك القصر الذي لايستحق كل تلك القساوة ممن يتخذون من الواسطة والشللية والجهويةّ أساسا في حياتهم جعلتهم يحتكرون أبسط الحقوق التي يحتاجها المواطن، ذلك المواطن الذي مازال ينتظر بفارغ الصبر سماع صوت أنفاس المياه وسيمفونيّتها وقد عادت من جديد عبر أنابيب وخزانات ذلك القصر.
majalimuathmajali@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد