صحيفة السوسنة الأردنية

رحمة منذر مريان

تدوالت الصحف والمواقع الالكترونية خبر مطالبة مجموعة من المثليين بتأسيس جمعية لتمثيلهم وللدفاع عن حقوقهم تحت اسم "جمعية قوس" وفي الحقيقة فقد تابعت الخبر والتعليقات الواردة عليه من زوايا عدة ولم أجد سوى شوالات من الشتيمة والسخط والاعتراض، ولا اخفيكم انني استقبلت الموضوع بمنتهى الهدوء ولم أشعر بالدهشة على الإطلاق ذلك لأن وضع هؤلاء كان قد تطور إلى ظاهرة مرئية في مجتمعنا قبل الوصول إلى مرحلة الجمعيات والمناداة بالحقوق!! وأصبحنا نرى الكثير من تلك نماذج على أرض الواقع بشكل يومي ولم يعد مظهر شب "بناتي" أو بنت "زلامية" بالأمر المستهجن أو الغريب.

وأذكر في إحدى المرات أنني كنت في سوبر ماركت وكانت بجواري صبية ترتدي شورت كاروه وبلوزة "كت" وتتزين بأقراط ذهبية وسلسة فيها كريستالة زهرية اللون، وفي الحقيقة فقد شعرت بالإستغراب كوننا مجتمع محافظ وقلما تجد صبية ترتدي هكذا ملابس في الشارع، إلا أنني رجحت أن تكون إحدى السائحات فلم أرغب بالنظر إليها حتى لا تأخذ عني انطباعاً سيئاً وتعتقد بأنني أستهجن ماترتدي أو تفكر إني " قاعدة بجحر فيها" ، ولكنني عندما هممت بالخروج إكتشفت أنها (شاب) وبصراحة "إنهبلت" كوني كنت بجانبه/بجانبها ولم "أتوغوش" وظل قلبي مطمئناً لوجود أنثى بجواري وعشت مخدوعة طوال دقيقتين من الزمن، وفي حادثة أخرى صعدت صبية "خزاة العين عنها" إلى إحدى الحافلات بشعر أحمر قصير وبلوزة فوشية فاقعة وحزام سيلفر "لمييع" أضف على ذلك "فل ميك أب وكحلة " وبالنسبة لنا نحن الركاب فقد استقبلنا الأمر بمنتهى "العادي" كالعادة!!! إلا المسكين الذي يقوم بجمع التذاكر فقد وقف حائراً ثم قرر أن يسأل بصراحة: معلش التذكرة يا.... أخ ولا أخت؟

المهم و "شو بدكوا بطول السيرة" فنحن هنا لسنا بصدد إستعراض أحوال تلك الفئة ولا أعتقد أيضاً أن هناك داعي لذم هؤلاء أو إطلاق الشتائم بحقهم، فهم قد ذموا أنفسهم باستعراضهم لها على تلك الشاكلة، ولكن مالفت إنتباهي لتلك الجماعة وجعلني أشعر بضيق ذات اليد أنهم وعلى الرغم من كونهم قلة قليلة من شباب يعاني مشاكل متعددة الجوانب إلا أنهم إمتلكوا الجرأة على المطالبة بتأسيس كيان لحفظ ما "يسمونه" حقوقهم ومايضمن نشر فكرهم وتوسيع رقعة إنتشارهم ، وسؤالي المحرج المؤسف لنفسي أولاً ثم للجميع في هذا السياق: أين دور الشباب السوي والواعي والذي يفوق أعداد هؤلاء بكثير؟

هم يؤسسون جمعية قوس "للمثليين" فلماذا لا يؤسس شبابنا الملتزم الطيب جمعية قوس قزح "للبني آدمين" للمحترمين، للبيوت الحقيقية والنظيفة؟!!!!! ياجماعة صدقوني أنتم كثر وبيدكم يصنع الفكر ويزرع الخير ويزهر جيل من ألق، وقد حان الوقت لصحوة و بداية وانطلاقة............