ثورة 23 يوليو الناصرية في عيدها السابع والخمسون

mainThumb

26-07-2009 12:00 AM

عبدالهادي الراجح

تمر هذه الأيام على أمتنا العربية ذكرى عزيزة وغالية على قلب كل عربي مخلصاً لأمته، وهي الذكرى السابعة والخمسون لثورة 23 يوليو المجيدة، والتي انطلقت من أرض مصر العزيزة لتصل بتأثيرها الوطني والإنساني لكل الوطن العربي والعالم الثالث، كونها كانت أول ثورة تحرر عربية حقيقة، وكان نواتها القوات المسلحة المصرية .
كما كانت ثورة 23 يوليو رد فعل طبيعي على نكبتنا الكبرى بفلسطين عام 1948، حيث كان طلائع تلك الثورة ممن اكتووا بنار فلسطين، ، وكان ضمن تلك الضباط الذين حاربوا في فلسطين القائد والزعيم جمال عبد الناصر، الذي أصيب إصابة بليغة في حرب فلسطين وكاد أن يستشهد ، كما كان معه أو قريباً منه المشير عبدالحكيم عامر وحسين الشافعي وكمال الدين حسين، وكلهم من قادة ثورة 23 يوليو، حيث رأى هؤلاء الضباط الوطنيين جريمة الأسلحة الفاسدة، وكانت فكرة عبد الناصر وهو على أرض فلسطين إن معركتنا الكبرى هي في القاهرة، مع الفساد والإفساد والخيانة، وبناء عليه أسس تنظيماً قبل النكبة وتوسع هذا التنظيم بعد النكبة وأصبحت خلاياه في كل القوات المسلحة المصرية .
وكانت مصر قبل فجر 23 يوليو مقراً للقوات البريطانية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث كانت مصر مستعمرة للأجانب وخاصة الإنجليز، ولم يكن هناك أي قرار سيادي مستقل للدولة المصرية، ولعل حادثة الرابع من فبراير (شباط) عام 1942 أكبر دليل على ذلك، عندما فرض السفير البريطاني زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس رئيساً لوزراء مصر رغم إرادة الملك فاروق الذي حاصرت الدبابات البريطانية قصره، وفرضت النحاس عليه رئيساً للوزراء، وكانت تلك الحادثة التي أثرت على جميع الوطنيين المصريين، وفي مقدمة هؤلاء الضابط الشاب جمال عبدالناصر ورفاقه الأبطال، وبعد النكبة وحريق القاهرة كان النظام الملكي في المرتمي في حضن الإنجليز يحتضر.
وقامت ثورة 23 يوليو التي قادها الزعيم العربي الخالد جمال عبدالناصر، التي انطلقت من المبادئ الستة المعروفة وبعد أن استقرت، وأعادت سيادة مصر لأهلها وأممت قناة السويس، وطردت 800 ألف جندي بريطاني كانوا أكبر ضغط على القرار المصري، كما أممت جميع البنوك والشركات الأجنبية الذي كانت كل واحدة منها دولة داخل دولة، وبعد ذلك امتدت فضل ثورة 23 يوليو وقائدها جمال عبدالناصر بدعم كل حركات التحرر في العالم، وخاصة الوطن العربي الذي كان لمصر الثورة الفضل في جعل أعلام الحرية والاستقلال ترفرف في سماء كل دولة عربية، حتى أصبحت القاهرة خاصة بعد صد العدوان الثلاثي الذي قامت به بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني، وهزيمة المحتلين سياسياً وأخلاقياً، حيث أصبحت القاهرة قبلة الثوار والبيت الآمن لكل دعاة الحرية والاستقلال في العالم، يكفي أن نذكر ما قاله جيفارا المناضل العظيم للزعيم جمال عبدالناصر حرفياً (بأن تصديكم لقوى الاستعمار في السويس (يقصد العدوان الثلاثي) كان أكبر نصر لنا في ثورتنا الكوبية)، وهذا الثائر الكبير نسلون مانديلا عندما زار القاهرة، كان ضريح جمال عبدالناصر الطاهر أول مكان قصده ذلك الثائر العظيم ليزوره ذاكراً فضله على كل حركات التحرر في القارات الثلاثة.
وأحمد بين بيلا قائد ثورة الجزائر وأول رئيس لها بعد الاستقلال يقول بالحرف (والله لولا مصر عبد الناصر ما وصلتنا بندقية من الخارج)، ولأن الوحدة هي القوة وهي الحياة كان مشروع ثورة يوليو وقائدها جمال عبدالناصر هو إقامة الوحدة العربية الكاملة وكان رأيه وهو على حق أن الكيان الصهيوني الذي وجد ليكون عازلاً بين عرب آسيا وأفريقيا هو مشكلة داخلية، ولولا ضعفنا وتفرقنا لما وجد هذا الكيان أصلاً، ومنذ نجاح الثورة كانت الوحدة العربية هي هدف جمال عبدالناصر وأمله، كما كانت أمل كل من سبقه من أحرار الأمة، وأقام أول وحدة عربية في التاريخ بين مصر وسوريا لتكون النواة الأولى لبناء وحدة عربية شاملة، ولكن الاستعمار وأعوانه الخونة من الداخل تآمروا عليها بعد ثلاث أعوام ونصف، وخاض عبد الناصر كل المعارك في ذلك وتصدى لقوى الشر والعملاء في الداخل والخارج، وللأسف الشديد يأتي اليوم من يقول لنا بأن مشروع الوحدة قد فشل برحيل جمال عبد الناصر، ونحن نقول له أن الوحدة كانت أمل أحرار الأمة قبل وبعد عبدالناصر، وهنا يوجد ثلاثة وعشرون دولة عربية وهي غير قادرة حتى على حماية حدودها الإقليمية دون مساعدة الآخرين، وبالتالي قوة العرب في وحدتهم وليس في قطريتهم.
والذي نلاحظه إن الذين حاربوا مشروع الزعيم العربي الخالد جمال عبدالناصر هم أنفسهم من تآمر على العراق وحتى احتلاله، ومن يتآمر اليوم على المقاومة التي هي روح الأمة في فلسطين والعراق ولبنان، كما يتآمر هؤلاء العملاء على سوريا .
إننا اليوم ونحن نحتفل مع كل أحرار الأمة بفجر ثورة 23 يوليو التي قادها الزعيم العظيم جمال عبدالناصر نتذكر معها مواقف العز والكرامة عندما أصبح للعرب قيمة وكلمة ومرجعية، ونتحسر على ما وصلنا إليه وخاصة شقيقتنا الكبرى مصر كيف كانت بالأمس وكيف أصبحت اليوم، والذين يقولون بأن ثورة يوليو قد انتهت برحيل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر نذكر هؤلاء بأن ثورة يوليو فكر وإرادة، وبالتالي هي ككل الثورات في العالم في حالة مد وجزر، وستبقى ثورة يوليو التحررية خالدة في الوجدان طالما وجد الأرض والإنسان، وخاصة في ضمير الشعب المصري بشكل خاص طالما وجدت الأهرامات والنيل، وهي التي حملت المبادئ والقيم العليا لأمة عربية واحدة جمعتها الجغرافيا والتاريخ ووحدتها الأديان وفرقت بينها السياسات للأسف التابعة لهذه القوة أو تلك.
إن ثورة يوليو التي اقترحت عدم الانحياز وقادته ليكون حركة عالمية عندما كان ذلك ضرورياً من أجل مصلحة ألإنسان في كل مكان.
وفي هذه المناسبة العظيمة نتذكر عبدالناصر، الذي ما غاب ولن يغيب عن الذاكرة، وهو الذي نقل لنا السياسة من حديث الصالونات المغلقة لفئات وطبقات محدودة، إلى أن يكون هم الشارع العربي الذي تفاعل وأحبه ووقف إلى جانبه في النصر والهزيمة، حيث لا يوجد قائد في العالم كله يذكر خارج حدوده ووطنه كما يذكر جمال عبدالناصر، ألا يكفيه شرفاً أن قادة أمريكا اللاتينية يرفعوا شعاراته وهم يتحدون الإمبريالية الأمريكية، ألم يقل لنا بالأمس الرئيس الوطني الحر هوغو شافيز رئيس فنزويلا بأنه ينتمي لمدرسة جمال عبدالناصر، وأنه ناصري.
تحية فخر وإجلال لزعيم الأمة وقائدها جمال عبدالناصر، ونعاهد روحه الطاهرة أننا سنبقى أوفياء لأمتنا العربية والثوابت التي عبر عنها جمال عبدالناصر، ولم يتخلى عنها في النصر والهزيمة، في السراء والضراء، وإنه كما قال القائد لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات مع العدو الصهيوني، وإن فلسطين رقم واحد لم ولن يقبل القسمة على اثنين، هكذا علمتنا المدرسة الناصرية، ونحن على عهده سائرون حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ونبارك لأمتنا العربية هذه الذكرى العطرة ثورة 23 يوليو، نؤكد أن الأمة التي أنجبت جمال عبدالناصر وغيره من أحرار الأمة ستنجب غيرهم .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد