بقايا ارض

mainThumb

15-06-2009 12:00 AM

الشفق الاحمر
صور ومشاهد وحكايا تعود للخيال,قبل زمن قليل وفي مثل هذه الأيام الصيفية كان جميعنا مشغولين بموسم حافل بالعطاء السخي,من قلاعة العدس والكرسنة, وحصيدة القمح والشعير , وقطف ثمار القثاء والبطيخ والباميا والكوسا والبندورة..... .
كنا نصحو باكرا في أيام الصيف للعمل الجاد الدؤوب ,ومع انه عمل شاق ومتعب ,لكنه عمل يحس المرء معه انه إنسان ينتج شيء ما.
لا أريد أن أكتب ذكريات شخص يعيش على حافة عصره. ولكنني أريد أن أتحدث عن موضوع هام وملموس نعيشه الآن , فقبل عدة أيام وعندما زرت أحد الحقول الكبيرة في القرية. لم أشاهد ما كنت أشاهده قبل سنوات قليلة , فقد كان مشهدا محزنا من أعشاب طويلة وأشواك في حقول من كان يعرفها يعتقد انه في مكان أخر, ولا يوجد في الحقول سوى الأفاعي وبعض القوارض التي تفتك بتلك الحقول.
هل إلى هذا الحد أصبحت سواعدنا هشة ؟! هل إلى هذا الحد سمحنا باستعمار أرضنا من قبل القوارض والأفاعي ؟! هل إلى هذا الحد أصبحنا غريبين عن الأرض , التي هي أمنا. ولكن كيف هي أمنا ونحن نأكل من ارض غيرنا ونستهلك من صناعات غيرنا, فنحن لسنا أبناء أرضنا ,فأرضنا أصبحت عاقرا لا يعتريها إلا الخراب.
لن أنسى حكاية طريفة حدثت مع ابن عم لي العام الماضي,حيث انه حضر إليه شخص (بقايا فلاح) وسأله : هل تعرف بعض الحصادين ليحصدوا لي القمح, فضحك ابن عمي وقال: أعرف الكثير منهم, وقال له سأذهب الآن أنا وأنت إليهم , فعندما ذهبوا , سأله الرجل: أين هم ؟! فقال له إنهم أمامك , فغضب الرجل , وقال له:أتستهزئ بي؟! إننا في المقبرة ولا نرى سوى الأموات! فقال له ابن عمي :أنت سألت عن الحصادين ولا يوجد الآن سواهم , فأن استطعت ايقاض حصاد منهم, استطيع أن احضر لك حصاد من أحيائنا.
إننا الآن لانشكو موت الحصادين فقط , ولكننا نشكو موت الأرض.
نحن لسنا مع الفلاحة البدائية التي تعتمد على الجهد المضني والإنتاج القليل , ولكن لما لا نستخدم تكنولوجيا عصرنا في إنتاج ما نريد أو ما يسد حاجة جيدة لأبناء مجتمعنا. فلا أتحدث بهذه الطريقة من باب الرجعية. ولكن من باب انه لا تقدم لمجتمع دون الحرص على منتجات الأرض.
في نهاية ما أكتب , أقول قول الرسول الأعظم( صلى الله عليه وسلم ): ( لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع,وتلبس مما لا تصنع ).
فيما كتبت لم أرد أن اكتب إحصاءات ونسب حاجات الشعب من مواد غذائية . ولكن أردت أن أضع المرء أمام مشاهدات يومية,فربما نجحنا في صنع شيء ما.!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد