إدارتي و مملكتي

mainThumb

23-01-2009 12:00 AM

في لحظة من الصفاء بعد يوم عمل ليس باليسير جلست أمام دفتر أوراقي الخاصة وفي خاطري الترويح عن نفسي ولو لبرهة بسيطة لاقتناص معلومة مفيدة تغني الروح عن زخارف الحياة المنمقة بالإجتماعات والدراسات والأبحاث وضغوط العمل اليومي البعيدة عن قسمات شيء اسمه "طموح النبلاء".

القيادة فطرة والقيادة أسلوب حياة ومنهج أخلاقي قبل أن يكون أسلوبا وظيفيا، والإدارة هي نتاج اقتصاد عفي متقدم وفي هذا المنحى لا يفوتنا التنويه بالإنجازات الأردنية في مجال الإدارة المالية والاقتصادية حيث تظهر مؤشرات الاقتصاد الكلي استمرار زخم النمو الاقتصادي، حيث بلـغ معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي (5.8%) خلال النصف الأول من عام 2007 وقد بلغ هذا المعدل لعام 2007 بحدود (6%) أما في العام 2008، فقد بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المملكة بنسبة 6.1%، وهي نسبة أعلى قليلاً من النسبة المسجلة عام 2006 والبالغة 6.0%، وبلغت قيمة الصادرات الوطنية خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2007 نحو (2.1) مليار دينار بارتفاع نسبته (11.3%) عن نفس الفترة من عام 2006 ومازالت تنمو هذه النسبة بإضطراد حتى في عام 2008 والذي أصفه بعام "الزلازل الإقتصادية"، كما بلغ معدل التضخم خلال عام 2007 (5.5%) مقابل (6.2%) خلال نفس الفترة من عام 2006، وتجدر الإشارة إلى أنه قد انعكس أداء النمو بشكل ايجابي وواضح على الاستقرار المالي والنقدي في المملكة .

ومجمل القول الذي لا بد من تسليط الضوء عليه هو إن اقتصاد المملكة يواجه تحديا?Z كبيراً يتمثل بارتفاع نسبة التضخم، والذي تدفعه مجموعة من العوامل المحلية والعالمية في ظل إعصار الأزمة المالية العالمية والمضحك المبكي أننا وفي خضم نزفنا العربي في فلسطين جاءت قمة الكويت الإقتصادية لتلملم الجراح العربية والإقتصادية في آن معاً لكنها تدحرجت في أمسية أنيقة ككرة من الثلج في يوم ممطر كان عنوانه الأبرز "خلاف الأشقاء ورأب الصدع"، ربما رحيق مفاجآتنا العربية انتصر على رصاص المناضلين ربما!

بل ربما خريف فرقتنا قد أضحى عنواننا الأجمل في محيط الفضائيات العالمية، وبين هذا وذاك يبقى ايضا جرحنا الإقتصادي بحاجة لذلك النطاسي البارع للإنتصار على معادلات وخرائط الأرقام.... وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أنه استثماراً للجهود التي يبذلها جلالة الملك عبد الله الثاني مع قادة الدول الدائنة لمساعدة المملكة في تخفيض أعباء المديونية الخارجية التي تثقل كاهل الخزينة العامة، تم توقيع اتفاقية مع نادي باريس لشراء جانب كبير من الديون التصديرية تجاه دول النادي بنسبة خصم بلغ متوسطها (11%)، وسيتمخض عن تنفيذ هذه الاتفاقية تخفيض نسبة رصيد الدين الخارجي بحوالي (10) نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي وتخفيض أعباء خدمة الدين الخارجي (أقساط + فوائد) بحوالي (240) مليون دولار سنوياً خلال السنوات الأربعة عشر القادمة تواصل الحكومة الأردنية تنفيذ برامج إصلاح الإدارة المالية التي تبنتها، وستشهد الفترة القليلة القادمة قطف ثمار تنفيذ بعض هذه البرامج سواءً على صعيد إعداد الموازنة العامة أو تنفيذها أو الرقابة عليها أو على صعيد تبسيط الإجراءات الضريبية وتحسين كفاءة تحصيلها، وقد واصلت الحكومة الأردنية إعداد الإطار المالي متوسط المدى (MTFF) والذي يتضمن تقديرات للإيرادات العامة والنفقات العامة وعجز الموازنة العامة خلال السنوات (2007-2010) في ضوء التطورات الاقتصادية المتوقعة خلال هذه الفترة، ويمثل هذا الإطار خطة الحكومة المالية خلال السنوات القادمة والتي تنسجم مع المبادرات والأولويات التي نصت عليها الأجندة الوطنية وملتقى كلنا الأردن، وقد شهدت موازنة عام 2008 نقلة نوعية وتطورا ملحوظا، حيث تضمنت إطارا متوسط المدى للإنفاق العام (MTEF) وهو يمثل تقديراً لكافة بنود الإنفاق الجاري والرأسمالي لكافة الوزارات والدوائر الحكومية خلال السنوات الثلاث القادمة، كما تمت صياغة هذه الموازنة لتشمل مفهوم الموازنة الموجهة بالنتائج (R.O.B.) والذي من خلاله سيتم عرض استراتيجيات وخطط الوزارات والدوائر الحكومية خلال السنوات الثلاث القادمة ومشاريعها وبرامجها التي تنسجم مع أهدافها الإستراتيجية، بالإضافة إلى وضع مؤشرات (Kpis) لقياس وتقييم أدائها، كما تضمنت موازنة عام 2008 خارطة جديدة للحسابات الحكومية (Chart of Accounts) والذي يشمل على تصنيف كافة حسابات الموازنة العامة وفقا لمصادر التمويل والتصنيف الوظيفي والتصنيف الجغرافي والتصنيف حسب البرامج وحسب المؤسسات، وبهدف زيادة تنافسية قطاع الصناعة محلياً وفي الأسواق الدولية تم إعفاء المزيد من مستلزمات الإنتاج اللازمة للصناعة المحلية.

نعم إن إنجازاتنا عظيمة مقارنة بمحدودية الموارد وهذا يعكس بشكل واضح أسلوب قيادة حكيمة شفافة ممثلة بجلالة الملك حفظه الله فضلا عن وجود حكومة عصرية بطابع اقتصادي وتنموي.. إن إعداد القيادات في إدارتنا الحكومية يتطلب فتح آفاقاً رحبة وتنمية واعدة لملكات الإبداع ودعم مفاهيم المؤسسية وقيم الولاء، ورفد الطاقات الخلاقة بمبادئ الحوكمة الرشيدة، فقطاعنا العام ولله الحمد بخير برغم ما فيه من إقصاء للكفاءات لإبقاء بعضا من القيادات الرجعية التي تنأى عن مفاهيم الحداثة والإدارة المتقدمة بالإنجازات وإكتفائها فقط بإختلاق الأزمات!!!

إن المفاهيم المتقدمة للإدارات الحكومية الأردنية ليست ستارا مخمليا أو عاجياً لما يسمى بالإدارات بالشخوص، فالإنجازات يجب أن تكون مقرونة بالقياس البعيد عن حقول البراغماتية... تلك هي الإدارة الحلم وتلك هي قرص شمسنا التي لا تغيب لانعكاس تميز ومأسسة قطاع عام أردني راقي ومتقدم ومنافس للوصول إلى الذروة... كل ليل سينجلي بانبلاج شمس ذلك الصباح وسيأتي ذلك الألق حاملا تلك النخب المثقفة والمتطورة في أيدولوجياتها ومخزونها الحضاري وإدارتها لا بتسلقها ومحاربتها وقفزها على أعتاب المخلصين المتميزين (فعين الرضا عن كل عيب كليلة)، والأهم من هذا وذاك أن تكون تلك النخب مشرّبة بالرادع الإيماني والأخلاقي كأساس ومنهجية بقاء.... ننشد تطويرالإدارة الحكومية، ونريد المؤسسية، والشفافية، وإقتصاد عفي، ونعم كلنا نريد الإصلاح ليس فقط في القطاعات لا بل في الشخوص، ونريد جلسات من ذلك العصف الذي يفرز الغث من السمين... نرنو ونتطلع لقطاع عام أردني متطور في ظل عالم عنوانه "التنافسية الرأسمالية"... يزيد الراشد الخزاعي.
vipyazeed@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد