أبعد من التقصير

mainThumb

19-01-2009 12:00 AM

قال الفارس العربي القديم عمرو بن معدي كرب: " إذا رأيت حربا جبانها يجرؤ، وجريئها يجبن، وخسيس الأصل يتحكم بكريم الأصل، فاهرب منها الى رابية، وترقب الأمر.. تري في الأمر خيانة" جبن اسرائيل وجيشها على مر العصور واضح للعيان، ونحن العرب أكثر من يعرف جبنهم وتمسكهم بالدنيا، وخبرناهم في كل الحروب التي خضناها معهم، أما حروب ، 48، 67، 82 وغيرها مما تفوقت فيها إسرائيل، فلكم أن تطبقوا قول الفارس العربي عليها، أما ما تبقى من حروبها مع العرب فكانت اسرائيل تظهر بشكلها الصحيح، خائرة، مهزومة، وتهرع الى أمريكا لتوقف الحرب، لأن الطرف الآخر قابلها بموقف صارم حتى لو كانت العدة والعتاد غير متكافئ، فذاب جيش الأسطورة وانهزم بطريقة مذلة، ومعركة الكرامة أكبر شاهد على ضعفهم وخورهم حين ظهر انهزام الجندي الصهيوني المدفوع على المعركة دفعا - وكان بعضهم مكبلا في دبابته- حتى يشترك في حرب هو المعتدي فيها، وفي حرب تشرين لو لم توقف أميركا الحرب لانتهت اسرائيل! لأنها دولة لا تستطيع أن تدخل في حرب مع دولة أخرى، لصغر حجمها وانعدام العمق الإستراتيجي لها، والأهم ضعف الجندي الإسرائيلي، الذي يتمسك بقضيته غير عادلة بمقابل من يدافع عن أرضه وعرضه ووجوده.

وإذا لم يكن سيناريو الحرب مكتوبا لهم وتدربوا عليه، وضمنوا أن الذي أمامهم سيمكنهم مما أرادوا بناء على ضمانات أمريكية وأوروبية لم يقدموا ولو خطوة.. لهذا كانوا يظنون الحرب نزهة والذين أمامهم هياكل من ورق! وأكبر مثال كتاب " المحدال"- "التقصير" الذي وضعه مجموعة من الصحفيين الإسرائيليين بعد حرب تشرين73 وترجمته مؤسسة الدراسات الفلسطينية، والذي أكد عكس ما توهموا في الجندي العربي حيث اعترفوا بكفاءته وضعف الجندي الصهيوني وانهزامه..

ولكن لماذا كل هذه الغطرسة والتجبر والإجرام، الذي يتبعه اليهود ضد العرب، وتدخلهم السافرفي كل شيء في الشرق الأوسط! عدا عن التدخل في التسلح الى التدخل في أمور داخلية بحتة وإملاء إرادتها على المنطقة، أهو التفوق التقني والفني عندها وانعدامه عند العرب، أم انه شيء مما يتحدث عنه الفارس العربي الذي خبر الحروب وجرّبها، ولا أقول أمريكا بالمطلق هي السبب، فالعرب لو كان عندهم شيء من الاستقلال السياسي والدبلوماسية، لأخذوا أمريكا في صفهم بما يملكون من موارد، وهم أنفع لها! واسرائيل عبء على أمريكا ماديا وسياسيا، ولكن حديث الفارس فيه يشير الى ما غاب عنا.

إن تجييش إسرائيل لجيوشها، وإحاطتها بغزة إحاطة السوار، أمام مرأى العالم وسمعه، وتمطرها بوابل من النيران، وتستخدم مختلف أنواع الأسلحة، ضد شعب أعزل ومقاتلين يدافعون عن أرضهم وحقوقهم المشروعة، ثم يقف العرب والمسلمون وهم كعداد النمل يتململون، يتدابرون، ويتناجشون، يجتمعون ويتفرقون وأخوانهم يقتلون بلا هوادة، لهو أبعد بكثير من التقصير في حق أهل غزة، وأظن كلام الفارس العربي يصف مثل هذا الحال..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد