الفرس و سياسة العزف على الأوتار

mainThumb

21-01-2009 12:00 AM

السياسة هي الخاصية التي ترتبط بكل الأحداث و الأعمال والإجراءات داخل الدولة و المعبرة عن وجود غايات مشتركة في المجتمع. وتسعى إلى ضمان تحقيق الأهداف والغايات السامية داخل هذا المجتمع، و ذلك عن طريق تنظيمه و التنسيق بين أعضائه بواسطة القانون، لكن هذا لا يخرج عن الممكن والحالة الواقعية التي يعيشها المجتمع فهي فن تحقيق الممكن في ظل المتغيرات والإمكانات المتاحة. و السياسة يمكن تقسيمها إلى السياسة الداخلية وهي المرتبطة بالحقل السياسي داخل الدولة و السياسة الخارجية المرتبطة بالحقل السياسي خارج حدود الدولة.

و السياسة نظريا تسعى إلى تحقيق آمال و طموحات الشعوب ولكن عمليا قد تُحرف عن مسارها الصحيح وتُستخدم من قبل بعض الأنظمة وبالأخص الاستبدادية في خدمة أهدافها و مصالحها الخاصة ، ساحقة لجميع آمال وطموحات شعوبها.

يُعد النظام الفارسي الحالي مثالا للأنظمة التي سحقت طموحات الشعوب الخاضعة لسيطرتها وحطمت آمالها. هذا النظام استخدم جميع الوسائل والطرق غير الشرعية لضمان استمراريته في الحكم وتوسيع نفوذه في الخارج ليصبح صاحب مشروع واسع يمتد خارج حدود حكمه، منتهكا لسيادة جيرانه.

الملفت للنظر إن النظام الفارسي في سياسته العدوانية لم يستثن جهة دون الأخرى فالكل مستهدف منه إلا من ارتضت له نفسه و قبل أن يكون ذيلا وعميلا للفرس. فهذا النظام عدواني ويمارس الإكراه ضد الشعوب الخاضعة لسيطرته و عنيفا و عدوانيا أكثر من السابق و أشد شراسة ضد أبناء الأمة العربية في بلاد الأحواز المحتلة وفي الأنحاء الأخرى من الوطن العربي. حيث هذا النظام أوجد الكثير من الأقنعة مثل بناء الحسينيات و المراكز الثقافية. عقد الندوات و المؤتمرات و أقام المعارض و .. طبق هذه السياسة و مارس الكثير من الأدوار التخريبية من بينها 1- غسل أدمغة الكثير من كان لهم احتكاك مع الفرس 2 - هيأ شريحة واسعة من أبناء الأمة العربية لاستخدامهم كأدوات لتنفيذ أوامره عند الضرورة 3- نشر الدعاية و الخرافات و الفتن بين الشعب العربي.

إن المخابرات الفارسية دخلت من بعض النوافذ و استغلت بعض نقاط الضعف عند العرب لتسويق أفكارها وصولا إلى ما ترنو إليه. و من هذه النقاط

الظروف الاقتصادية المزرية: التي يعيشها البعض من أبناء الأمة العربية فتحت المجال أمام النظام الفارسي لاجتذاب كل من له حاجات اقتصادية و إغرائهم من خلال إعطاء الرواتب و المساعدات المالية و القروض و المنح الدراسية و العلاج المجاني و غير ذلك من الخدمات الاقتصادية و الاجتماعية الأخرى من ثم كسب ولائهم و جندهم لصالحه.

 

المذهب الشيعي: إن النظام الفارسي استغل نقطة الاشتراك الموجودة بينه وبين البعض من الأشقاء العرب وهي المذهب الشيعي وروج لأفكاره وعاداته وخرافاته بين هذه الشريحة من الأمة العربية و تمكن من استقطاب جزء منها وجعله ذيلا في جميع المواقف والممارسات يتبع الدولة الفارسية(إيران) ويعتبر ذراعا لتنفيذ مخططاتها.

 

استغلال نسب آل البيت: إن الفرس عن طريق سفاراتهم في بعض الأقطار العربية استغلوا نسب بعض القبائل و العشائر العربية التي تنحدر لآل البيت و تمكنوا من إقناعها أو جزء منها على أقل تقدير وتشييعها و بث الفكر الفارسي بينها .

استثمار الخلافات الداخلية: إن الدولة الفارسية استغلت الخلافات الداخلية البسيطة حول طريقة إدارة البلاد بين القوى السياسية داخل الأقطار العربية ووسعتها وفي بعض الأحيان عملت شرخا بين هذه القوى يصعب التئامه مما مكنها من إضعاف الحكومات العربية وإضعاف مواقفها أمام التعنت الفارسي في المنطقة العربية. وأيضا كسبت الدولة الفارسية مواقف متعاطفة من الجهات المعارضة للحكم في هذه البلدان وذلك ردا من المعارضة العربية على حكوماتها .

 

العزف على وتر المقاومة: استغل النظام الفارسي مشاعر الشعب العربي ومناهضته للاحتلالات وحبه للمقاومة والمقاومين وأصبح يعزف على هذا الوتر مدعيا أنه قوة الممانعة والصمود ضد اليهود وأميركا . وأيضا استثمر لصالحه تخاذل بعض الأنظمة العربية تجاه قضايا أمتنا المصيرية وأثر على الشارع العربي و كسب تعاطفه و مناصرته في الكثير من المواقف والقضايا التي تخص (الدولة الفارسية)إيران أو بالأحرى قضايا تصب في خانة الفرس ولا تمت للأمة العربية بأي صلة.

إن النظام الفارسي يدرك تماما طبيعة الأوضاع السياسية في المنطقة ومواقف الأنظمة العربية حيال تعنته وتدخلاته في الشئون العربية ، و يعرف جيدا أنها لن تستمر طويلا على هذا المنوال مهما قصر أو طال الزمن. لذلك يخطط و يبذل الكثير من الجهود ويحاول العزف على جميع الأوتار لخلق تناقضات داخل المجتمعات العربية و تفخيخها بقنابل بشرية من أبناء الشعب العربي وجعلها رهن إشارة ولي الفقيه لتفجيرها داخل الوطن العربي وإشعال الفتنة بين أبناء الجلدة الواحدة وحرقهم على غرار ما يحدث للشعب العربي العراقي.

إذن على القوى السياسية العربية الفاعلة الانتباه إلى هذه السياسة الفارسية(سياسة العزف على الأوتار) في الوطن العربي والتصدي لها بالطرق الممكنة من أجل إيقاف هذا الغزو الثقافي الفارسي -المرتدي لباس الدين، الهادف إلى غايات سياسية و الموجه ضد العرب. وطبعا لن تكون هذه المهمة سهلة على القوى السياسية العربية بسبب ارتداء هذه الهجمة الفارسية لباس الدين والمذهب والتستر بمساعدة المستضعفين و مناهضة المحتلين .. ، وأيضا بسبب التغلغل الفارسي في المجتمعات العربية الذي وصل إلى النخاع و كسب تعاطف و ولاء شرائح واسعة من الشعب العربي. ولكن لن تكون هذه المهمة مستحيلة. فالأنظمة العربية و القوى السياسية الأخرى تمتلك الكثير من الطاقات و الإمكانيات التي تؤهلها لإدارة الصراع العربي الفارسي و تحقيق النتائج المرجوة . لأن الإمكانيات التي تتمتع بها الأمة العربية تفوق الفرس بالمرات، و كل ما تحتاجه الأمة العربية هو الإرادة الحديدية لاتخاذ القرارات الحاسمة وبناء إستراتيجية واحدة لمواجهة المد الفارسي في الوطن العربي و توظيف الطاقات العربية وتفعيلها في هذا الصراع المصيري قبل فوات الأوان.

layth1925@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد