ديمقراطية القوة أم قوة الديمقراطية؟
انّ?Z الديمقراطية في المجتمعات الغربية لم تولد لقيطة كما هو الحال في المجتمعات العربية التي ما زالت تعيش مرحلة ما قبل الرأسمالية (مرحلة يميزها اقتصاد شبه اقطاعي ممزوج بعلاقات شبه عبودية). ان المجتمعات الغربية قد قدمت في سياق صراعها مع النظم الاقطاعية مرورا بالثورة الصناعية الكثير من التضحيات البشرية والمادية والتي بالمحصلة انتجت وعيا انعكس على وجودها، حتى اصبحت غير مستعدة للتنازل عنه بالمطلق.
ان ما يميز المجتمعات الديمقراطية هو تناقلها الديناميكي- أو ان شئت الحركي- لنتاج نضالها والبناء على مقدرات سابقيها بشكل تصحيحي عقلانوي. انني لا اكتب هنا ترويجا للديمقراطية الغربية ولا انا بصدد ابراز مساوئها او كشف عوراتها بقدر ما انا احاول جاهدا ان افسر لماذا لا تفقد الديمقراطية خصوبتها في العالم العربي.
ان البناء الاقتصادي- الاجتماعي للطبقات السائدة في المجتمعات الرأسمالية الغربية قد اعطاها من القوة هامشا للمناورة وقدرة على التحرك للضغط على حكوماتها ليس في اوقات الحروب فقط- بل تستجيب حركتها للمؤثرات الاقتصادية-الاجتماعية مهما يحسبها المراقب ضئيلة.
فترى الاحزاب - والتي هي ليست ترف اجتماعي – بل تعبير مباشر عن سلطة الاغلبية الفاعلة-الناطقة، اقول ترى الاحزاب تتحرك بشكل فاعل اذا ما احست بتشريع ينتقص من مكتسباتها او رات ظاهرة اجتماعية يمكن ان تقوض بنيانها.
ان هذا الحراك الذي يسبق التحرك الجماهيري يشكل عادة ميكانزما تصحيح ذاتي متواصل قد يشوبه بعض من التشوهات بسبب تأثير العوامل الخارجية تارة والتفاعل مع المصالح الذاتية الضيقة تارة اخرى؛ ولكنه بالمحصلة يغلب عليه نظام خطي متصاعد.
ان الديمقراطيات الحديثة يغلب عليها الفكر المتمدن الذي من قمم نتاجه حرية التفكير والتعبير والقدرة على احترام القوانين والصدق في التعامل. كل هذا يرافقه ايمان عميق بالعمل الجاد والاحتراف المهني والعلم كاداة تقدم.
ان البنى الجهوية والعائلية قد تلاشت بسب وجود مؤسسات مدنية محترفة ونظام قادر على حماية الحقوق الفردية ضمن اطار احترامها للكل الاجتماعي. ان القوة الاقتصادية – الاجتماعية تلعب دورا مزدوجا بين قطبين متناقضين: هما الفرد والدولة حيث تعكس قوة الاول مدى استجابة الدولة الديمقراطي لحاجات الفرد كجزء ومنظومة المجتمع ككل.
وهنا تكمن الديمقراطية في قوة الفرد كلبنة وفي البناء الاجتماعي بشكل متناسق. ان الديمقراطية تصنع التاريخ من خلال انجازاتها الاقتصادية-الاجتماعية، لا من خلال افراد بدون دور اجتماعي مهما امتلكوا من طاقات هائلة.
اما بالنسبة لنا في العالم العربي فالهرم يبدو مقلوبا؛ اذ ان البطولات والانجازات المتفردة هي ما تؤمن به الشعوب؛ بل وتبالغ فيه بعكس ذلك في بنائها الفوقي حين تصور قياداتها بالظواهر المعجزة وتغلق الباب في وجه الطاقات المندفعة- بل وتقزمها في اكثر الاحيان.
ان التناقض الذي وصل الى درجة الانشطار بين منظومة الدولة كبناء فوقي وبين منظومة افراد المجتمع كبناء تحتي؛ والذي ادى- في كافة المجتمعات العربية- الى تهميش البناء التحتي فاوصله الى هذا الواقع البائس.
ان ضعف المجتمعات العربية، وعدم ايمانها بقدراتها الفردية كمجموع وبالعلم التقني كوسيلة استراتيجية للخلاص قد قاد القلة منها الى التطرف والاغلبية الى اللامبالاة؛ فتحولت الى جموع - ولا اقول مجتمع – يميزه غباء استهلاكي جامح والتشوق الى ثراء زائف سريع.
وكنتيجة لذلك تعيش الغالبية في الوطن العرب تغييبا ذاتيا تارة وقسريا تمارسه الانظمة تارة اخرى لمحركات الديناميكا الاجتماعية – التي فقدت بغيابها تميزها الذاتي وانتاجها الفكري الذي يكاد ينعدم بسبب تهميش الدور الاقتصادي – الاجتماعي للعلم والمعرفة. لقد اكتفت الجموع العربية باستهلاك منتجات الحضارة؛ اذ تميز العقد الاخير بتركيز الدول العربية النفقات على البنى التحتية ذات الترفيه المباشر؛ وتقليص الانفاق على المشاريع الاقتصادية الاسترتيجية- ناهيك عن تراجع الدور الريادي للمؤسسات التعليمية والبحثية. ان االطبقات الاجتماعية السائدة (عدديا وليس اقتصاديا) قد فقدت دورها الاقتصادي – الاجتماعي وبالتالي فقدت قدرتها على التصحيح الذاتي؛ ووهنت حتى على نفسها فلم تعد قادرة على صناعة المستقبل، لانها فقدت حاضرها واصبحت اسيرة للماضي، تحاول ان تستحضره بطريقة غير عقلانوية كلما المت بها المحن.
ان ما اريد ان اخلص اليه: ان الديمقراطية عندما تكون مفرغة من مكوناتها الاقتصادية – الاجتماعية لا يمكن تعاطيها كوصفة طبية كما ارادتها اميريكا في العراق؛ حيث كانت النتيجة تسمما جماعيا.
ان الشعوب الغربية لو ضعفت لفقدت مكوناتها الديمقراطية ولزادت وتعمقت حدة التناقض بين بنائيها الفوقي والتحتي، وهذا ما يفسر ازدواجية المعايير للدول الغربية. فانت تجد ما هو مرفوض ديمقراطيا داخل مجتمعاتها وعلى اراضيها يصبح مقبولا ديمقراطيا خارجها. اذن نستطيع ان نقول ان عولمة الظواهر الاقتصادية-الاجتماعية (الديمقراطية تحديدا) امر غير ممكن واقعيا لانك لا يمكن ان تفصل الظاهرة عن مكوناتها وتبقى حية.
لذا ونحن نعيش غمرة المذبحة في غزة، لا يمكن ان نتوقع من مجلس الامن شيئا او نعتب على اميريكا لانها لم تتصرف بشكل ديمقراطي معنا، المشكلة يا سادة في بيتنا؛ علينا ان نعاتب انفسنا وان تسالوا انفسكم: كيف جاء كل واحد منكم الى مكان عمله؛ من فوق الطاولة ام من تحت ارجلها؟
attarakih@yahoo.com
تحطم طائرة تقل 20 شخصاً في تينيسي الأمريكية
تهنئة للمهندس رياض الدراويش بمناسبة الزفاف
ركلات الترجيح تحسم نهائي دوري الأمم الأوربية بين إسبانيا والبرتغال
التعليم العالي في الأردن بين الواقع والطموح
أنا من طين وهذا كأسي أيضا من طين
النشامى وأسود الرافدين: الرياضة رسالة محبة لا ساحة صراع
للعام الثاني .. بعثة الحج الأردنيّة تحصد جائزة لبيّتُم الفضيّة
رسالة مفتوحة الى دولة رئيس الوزراء
المفاوضات النووية بين إيران وأمريكا إلى طريق مسدود
الملك يجري سلسلة لقاءات مع قادة دول ورؤساء في نيس
مبابي يقود فرنسا إلى المركز الثالث بدوري الأمم الأوروبية
كيف ستكون حالة الطقس في المملكة حتى الأربعاء
أمسيات فنية وثقافية وسط مدينة السلط
المساعدات الواردة إلى غزة لا تغطي سوى 10% من الاحتياجات
الملك يلتقي الرئيس العراقي في نيس ويؤكد اعتزازه بالعلاقات الأخوية
عُمان تطلب توضيحاً رسمياً بشأن ما حدث بتدريبات النشامى
كم يبلغ سعر كيلو الأضاحي البلدي والروماني في الأردن
في الأردن : اشترِ سيارة .. وخذ الثانية مجّانًا
التلفزيون الأردني يحذر المواطنين
إلغاء وظيفة الكنترول بشكل كامل في الأردن
أسماء ضباط الأمن العام المشمولين بالترفيع
قرار من وزارة العمل يتعلق بالعمالة السورية
الملكة رانيا: ما أشبه اليوم بالأمس
وفاة مستشارة رئيس مجلس النواب سناء العجارمة
خلعت زوجها لأنه يتجاهل هذا الأمر قبل النوم .. تفاصيل لا تُصدق
كتلة هوائية حارة قادمة للمملكة من الجزيرة العربية .. تفاصيل
تنشيط السياحة توضح موقفها من حفل البتراء المثير للجدل
فيفا يمنح الأردن 10.5 مليون دولار بعد التأهل إلى كأس العالم 2026