المرتزقة

mainThumb

19-06-2009 12:00 AM

د. محمد فلاح القضاة

استلمت على بريدي الالكتروني قبل فترة بسيطة فيلما قصيرا، يعرض ممارسات جنود الاحتلال الامريكي على ارض الرافدين. وعلى الرغم من أن الأمريكي معروفا عنه النظام والدقة في تطبيق القوانين والتعليمات، فقد كان الشريط على العكس من ذلك. حيث يرى المشاهد استهتارا بكل القيم والمبادئ والقوانين التي شرعها الله في كتبه من جهة ، واستخفافاً بكل الأنظمة والقوانين التي وضعها بني البشر من جهة أخرى.

سألت نفسي هل من المعقول أن يحمل الإنسان معايير مزدوجة في حياته؟ لماذا يتصرف الجنود الامريكييون بهذه الطريقة المشينة ضد العراقيين؟

اعترفت إدارة غير المأسوفٌ على رحيله ،جورج بوش بوجود تصرفات وسلوكيات سادية وشاذة وعنيفة ضد العراقيين، كبارا وصغارا، رجالا ونساء، مدنيين وعسكريين سابقين.

تصوروا كيف يتفنن الجندي الأمريكي في العراق بصيد ضحاياه. أرى طائرة الكوبرا تحلق فوق 3 مدنيين، و أرى جنديا أمريكيا يقنصهم واحدا تلو الآخر، كما يقنص صيادا غزالا في صحراء. قتلهم بدم بارد، و يشير بإشارة النصر على هؤلاء العزل.

زرت الولايات المتحدة، لم أر أن المجتمع الامريكي مجتمعا دمويا، بل رايت في سلوكهم الانتظام والقدرة على الحوار.

أيعقل أن يكون هذا الجندي القناص أمريكيا؟ لا اعتقد ذلك! قد يكون من المرتزقة المأجورين القتلة، الذين يقتلون ليعيشوا. إنهم مرتزقة منبوذون حتى من المجتمع الأمريكي الذي، أضحى أداة لتحقيق أهداف أسوأ من تسلم سدة الحكم في واشنطن حتى الان، إنه جورج دبليو بوش.

هذا الجندي وغيره كثير من المرتزقة والمنبوذين في صفوف جيش الاحتلال الأمريكي لا يحلم إلاّ ببضع آلاف من الدولارات ينفقها على لعب القمار وحفلات السكر والتعري والراقصات.

إني متأكد من أن المجتمع الأمريكي ينبذ هؤلاء القتلة الذين يحاولون باستخدام فنون القتل والعنف أن ينالوا الاعتراف والاحترام.

هؤلاء المرتزقة المستعرضون بطولاتهم المزيفة يحاولون اجتذاب تلك الفئة القابعة في أسفل السلم في المجتمع الأمريكي إلى جانبهم ليظهروا لهم هذه البطولات الخرقاء. انهم وحوش في غابة، يمارسون فيها غرائزهم العدوانية التي لا يقبل بها دين أو منطق بشري.

تساءلت لماذا هذا الجندي جنديا ؟ واسمحوا لي ان أنفي عنه صفة الجندية.هذا المرتزق يتلذذ بقتل وتعذيب وإهانة الناس الذين بنوّ حضارة من أعرق الحضارات على الأرض؟ هذا المرتزق يعي بأن من يقوم بإذلاله سيسعى بعد هذا الإذلال إلى الموت .

وصل الحال بهذا المرتزق إلى حد تخدير حواسه الإنسانية، فمات إحساسه وإدراكه.

هل حبه لجني الثروات، وخشيته من مقاومة عنيفة يجعله يقبل على القتل مستخدما أبشع أساليب القتل والظلم ؟أم هل جندت السياسة العليا المرتزقة وجعلت لها دورا في الاستعمال المفرط للقوة؟

لنعد قليلاً إلى السطلة أولاً التي جندت المرتزقة، ألم تستعمل أبشع أنواع القوة في احتلال بلد مستقل؟ ألم تدمر وتحرق عشرات بل آلاف المدن والقرى والجسور والمصانع؟ ألم تقتل آلاف البشر دون تميز بين جندي يدافع عن وطنه، وفلاح يحرث أرضه، وطفل يلهو بكرة، أو رضيع يرضع من صدر أمه.

يعلم الاحتلال بتصرفات المرتزقة في صفوفه، فقد أجبر وبالقوة على إقرار قوانين تحمي المرتزقة من الملاحقات القضائية على ما يقترفونه في العراق وغيرها من البلدان. ومن هذا المنطلق فإن الانسان المأجور يعلم بأنه مهما ارتكب من تعذيب وقتل فلن يحاسب.

انطلاقاً من ذلك يقوم هؤلاء المرتزقة بممارسات يندى لها الجبين خجلا، مداهمات منازل، ترويع الأطفال والنساء، والتفتيش الهمجي دلاله على نفسية انسان لا يعرف انسانية الانسان.

هؤلاء المرتزقة لا يعرفون قدسية حرمة المنازل، ولا يفهمون حجم الأذى الناجم عن اعمالهم الرهيبة، ولا تهمهم سمعة بلدهم وتعزيز الكراهية لها.

نعم هناك جيوش مقاتلة، تقاتل من يقاتلها، تقتل العسكر وتدمر المطارات العسكرية والمصانع ذات الصبغة العسكرية، لكن هل المرتزقة في العراق جيش مقاتل؟ لاأظن ذلك، سمهم ما شئت ولكن ليس بجيش مقاتل. ربما من الصواب أن نقول إنهم المرتزقة القتلة المدمرون.

لقد سجلت صفحات التاريخ العديد من الحروب، قتل فيها الملايين، لكن لم يسجل التاريخ إلاّ حالات نادرة أن قام جيش بمقاتلة مدنيين عزل، وأطفال رضع. لم يسجل التاريخ من الحالات التي قام بها جيش مقاتل بمداهمات وحشية ضد أناس عزل، أشاعوا خلالها الرعب والخوف بين الكبار والصغار.

إنهم فئة قبيحة، إنهم مخلفات الشعوب، إنهم حيوانات بأشكال إنسانية، إنهم المرتزقة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد