عندما تثور الدبابة الأمريكية ..

mainThumb

02-05-2009 12:00 AM

ست سنوات مضت على احتلال العراق، وست سنوات على صورة العراق الجديد، الذي من المفروض أن يأخذ شكلاً من أشكال الحداثة والحضارة، والحرية التي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية.

سنوات مضت بعد أن ثارت الدبابة الأمريكية لتهدم منظومة الفكر والثقافة التي كان يعيشها العراق، تلك الدبابة التي جاءت تحمل شعارا من الحرية والتحرير؛ جعلت من العراق ساحة كبيرة من ساحات القتل والهدم والتشريد، ساحة كلها دماء نازفة، وأشلاء متناثرة، هي صورة ما عاشه ويعيشه العراق اليوم نتيجة ثوران تلك الدبابة.

وقفتُ كثيراً عند بعض الإحصائيات التي تعدها جهات مختلفة من ضمنها الأمم المتحدة، وأخرى تعدها الخارجية الأمريكية والبريطانية أيضاً بخصوص العراق، من ضمنها "المجازر الجماعية" التي ارتكبت بحق الشعب العراقي من قبل الاحتلال الأمريكي وحلفاؤه في أول الحرب ولغاية اللحظة، تلك المجازر البشعة التي أودت بحياة أكثر من مليون قتيل عراقي منذ عام 2003، وهذا ما أشارت إليه أبرز مراكز الدراسات واستطلاعات الرأي في بريطانيا.

وتشير الدراسات أيضاً أن أكثر من 40% من الشعب العراقي تركوا وطنهم، ذلك الوطن الذي أمسى بلا هوية واضحة المعالم نتيجة الظلم المشترك الذي حلّ على العراق بمبررات وذرائع كاذبة، ليس لها وجود أصلاً.

يبدو أننا اعتدنا على صورة الدماء والدمار في وسطنا العربي، حتى باتت كمسلسل عربي نتابعه يومياً، لكن أبرز ما أثار اهتمامي وأنا اقرأ وأتابع تلك الدراسات التي خرجت وتخرج بشأن العراق وما يسمى الحرب على الإرهاب، الدراسات التي أشارت أن البنية التحتية في العراق قد دمرت نهائيا?Zً، هذا - مع اقتراب انسحاب قوات الاحتلال من العراق وتسلم الحكومة العراقية زمام الأمر، حيث تشير الدراسات أن الاحتلال كان يهدف إلى هدم وتدمير الوطن العراق بكل ما فيه، بكل مقوماته، كانت سياسة الاحتلال تهدف إلى هدم كل شيء، حتى أشجار النخيل، والحجارة، وكل ما لا يتصوره العقل، مما أعاد العراق آلاف السنين للوراء.

فقد دمر الاحتلال البنية الاقتصادية والزراعية والاجتماعية، وأبرز ما تم تدميره من قبل الدبابة الأمريكية، البنية العلمية الثقافية الفكرية التي كان يحتضنها العراق في ذلك الوقت، مما جعله هدفا لقوات الاحتلال، وهدفا لدول أخرى همها كان ولا زال مدى صلابة العراق ووقوفه بوجههم ضد مخططاتهم الاستعمارية.

والدليل على أن تلك الدبابة الأمريكية وغيرها من دبابات الاحتلال، كانت تسعى بداية لتدمير منظومة الفكر والثقافة التي كانت الأبرز في المنطقة، الدراسة التي أجرتها جامعة الأمم المتحدة والتي تشير إلى أن 84% من مؤسسات التعليم في العراق تم تدميرها أو حرقها أو نهبها، كذلك الأمر بالنسبة لعلماء العراق الذين قتلوا على يد إما أمريكا أو إسرائيل أو بيد إيران وعملاء إيران في العراق، الذين عاثوا في الأرض فسادا، فبينت دراسة صادرة عن الخارجية الأمريكية أن حوالي 74% من العلماء في العراق تعرضوا للاغتيال، وأن البقية إما هاجروا وتركوا وطنهم، أو صمتوا تحت وطأة التهديد.

هذه صورة ما يعيشه العراق اليوم، صورة تقف بوجه التاريخ وبوجه البشرية، تطلب من ينصفها بمنطقية وواقعية، تطلب من يدحض ادعاءات عملاء الاحتلال الذين جاؤوا على ظهر تلك الدبابة من أجل تدمير ذلك الوطن الذي كان يوماً .. وسيكون

صورة تعبر عن نفسها بنفسها

صورة الدبابة الأمريكية التي ثارت .. وهاجت .. فكانت صورة العراق اليوم مثل ما نعرفها جميعا ..

otelfah@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد