لغز الكتاب

mainThumb

25-04-2009 12:00 AM

في طريقه إلى الجامعة، جلس ليستريح على أحد المقاعد في الحديقة، لفت نظره كتاب وحيد بجانبه، لم يقلّب أحدٌ صفحاته وكأنه خرج من المطبعة للتو... قال في نفسه: لعل أحداً جلس قبلي وتركه، لابدّ أن يعود إليه.. هل أحمله وأدور بين الطلاب وأفرّح صاحبه بلقياه إن كان غمه فقده وحار في أمر غيابه..

لم يلبث طويلا حتى قام مسرعا إلى محاضرته وترك الكتاب وراءه دون أن يلتفت ظنا منه أن صاحبه سيعود إليه.

في اليوم التالي ودون أي ترتيب مر بالمقعد وإذا الكتاب ما زال في مكانه! تعجب من أمره وخامرته في أمره الظنون، حتى ارتاب منه وشك في أن يكون هذا الكتاب فخا نُصب لأحدهم ، أو تكون وراءه قصة طويلة ومخيفة، لكن هل العصابات يمكن أن تضع كتابا لتخفي فيه ممنوعا! هل الكتاب يمكن أن يحمل متفجرات ويستخدمه الإرهابيون!... انتفض وطرد الوساوس، ونظر إليه بريبة.. ولكنه كتاب! أرى صفحاته وتجليده الأنيق.. وهمّ بلمسه.. مدّ يده ببطء وأعادها بسرعة وترك المقعد مسرعا وهو يفكر لماذا الناس تتحاشاه!؟.

بعد أسبوع مرّ بنفس الطريق، وكان قد نسي أمر الكتاب دون أن يحل لغزه المحير، وكانت المفاجأة أن الكتاب مازال في مكانه لم يحركه أحد! تجاهله أول النهار، قد يكون كتابا آخر غير الذي رأيته من قبل... في المساء وتحت ظلال أشجار الحديقة الداكنة كان ما يزال الكتاب وحيدا على المقعد! يراه من بعيد ظاهراً للعيان! أصابته قشعريرة من منظره، أراد أن يهرب، هل كل الطلبة يرونه؟ أم هي روح شريرة تطاردني!؟ سيطرت عليه الفكرة وحاول أن يولي هاربا لولا صديقه الذي لاحظ خوفه وحاوره في أمر الكتاب، فما كان من صديقه إلا أن توجه إلى الكتاب وأمسكه وقلب صفحاته، وهو ينظر إليه وينتظر ماذا سيحل به..

ضحك صديقه ضحكة مدوّية.. إلى هذا الحد ذهب بك الشك! يا صديقي أي شيء في بلادنا يمكن أن تمتد إليه اليد ويؤخذ حتى لو كان بسيطا! إلا الكتاب، الكل زاهد فيه ولا يعيره انتباها، ولو بقي سنوات لن تجد من يأخذه أصبح بضاعة كاسدة.

صادف يوم الخميس الماضي 23/4/2009 اليوم العالمي للكتاب، للتذكير بأهميته، ودوره في حفظ الأمم تاريخا وثقافة وعلما، وحفز الشباب الى القراءة لما لها من فوائد، وخاصة نحن العرب الذين صار هجر الكتاب لنا سمة غالبة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد