يا فرعون " مين فرعنك"؟!

mainThumb

19-04-2009 12:00 AM

لا أعتقد أن أحدا كان يجرؤ على أن يدير حوارا مع فرعون الحقيقي، حول تعديه على حريات الناس وحقوقهم ، ففرعون لم يكن يسمح لأحد أن يطرح معه أي موضوع، حتى لو كان موسى عليه السلام.

ولكن لنقل أن أحد الحكماء تصور هذا الحوار بناء على طبائع الأشياء، ونواميس الكون، إذ أن فرعون لو وجد شعبا حيا يعرف مصلحته ويدافع عن مقدراته، لوقف عند حدوده ولما تمادى في غيه حتى ادعى الألوهية واستعبد الناس يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم، ولذلك قال بلسان الحال: "تفرعنت لأني لم أجد من يردعني ويقف في وجهي" وانتهى عندما وقف في وجهه شخص واحد هو موسى عليه السلام.

إذا استلم أي شخص المسؤولية في أي مؤسسة، أول عمل يقوم به، يضرب عرض الحائط بالقانون! ويبدأ يتصرف بناء على أهوائه و"يتفرعن" فيظلم هذا ويعتدي على حق هذا، ويدور في فلكه الكثير و"يتفرعنون" كما "تفرعن" حتى تصل عدوى الفرعنة الى المواطن الذي يرتبط بهذا المسؤول، فإن مشى في الشارع يخالف كل الأعراف، وإن دخل مؤسسة تطاول على الجميع، وإن همس له أحد المواطنين إن ما تفعله خطأ، تبدأ أعراض الفرعنة عليه ويرتفع الصوت قائلا:" ولك انت مابتعرف أنا مين" وطبعا يبهت المواطن الحزين لأنه لا يعرف من هو، وفي ذهنه أنه لايقوى على مجابهة "الفرعون" الذي ينتمي إليه، فيسطو باسم الفرعون على حقوق الناس، ويغيب القانون لأن لا قانون في وجود الفرعون.

ليس مدير الدائرة أو المؤسسة وأقاربهم ومعارفهم هم الفراعنة فحسب، فكل واحد يتولى أمر الناس باسم القانون ويحكم بأهوائه ورغباته يعتبر فرعونا، فالفرعون ليس شخصا واحدا ولكنه لقب يلقب به من يفعل فعله، فمن عند عامل الوطن الذي يهتم بنظافة شارع دون آخر ويهتم بمواطن ويحرم آخر، الى الشرطي الذي يخالف من يكره ويترك من يحب، الى الموظف الذي يخدم معارفه ويعطل الآخرين، الى أي شخص يذل المواطن باسم القانون والقانون يعز المواطن ، أو يجبره على الركوع لأخذ حقه، فتسود المحسوبيات، فيخرج من تحت إبط الفرعون، هامان وقارون فيستبيحوا قوت المواطن و يبيعون به ويشترون، ولا يجد لهم من رادع، ما جعل كلمة "مسؤول" تعامل على غير واقعها، فبدل أن يُسأل يكون هو السائل ولا يجد من يسأله! حتى لو باع المواطن في سوق النخاسة، فكان الفاعل وهو المفعول .

لابد لكل شخص أن يعي حقه ويبحث عنه طبقا للقانون، ليساعد المسؤول على نفسه التي قد تأمره بالسوء، فكما هو مسؤول عن حقك، أنت كذلك مسؤول عن حقك، وحتي يشعر المسؤول أنه مسؤول، واسم مفعول وليس اسم فاعل، فقد آن له أن يعي دوره وخير من يعرّفه دوره هو المواطن، فتبعا لذلك هناك شعوب مثقفة وواعية وهناك شعوب متخلفة ومتأخرة ورجعية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد