صحيفة السوسنة الأردنية

يا الله كم احبك أيها المساء ... !! كم تسعدني لياليك ... و كم أعيش عالمك ...!! في كل ليلة تجدني أرمي فوضى النهار خلفي و أسرع أليك معانقا ... عاشقا ... أعزف على أوتارك التي لا تكل مني ... فإذا بك تحتضنني ... كطفل صغير ... تسامحه مهما لك أساء ...!! فإذا بك تداعبني و أنا ذلك المتعب المجهد من تزاحم الأفكار و تبعثرها في ذاكرتي ...!! فأنت ملاذي حينما يهجرني النوم ... و ترهقني الكلمات ... و ينثرني الحزن ...!!

يا الله كم بكيت على جدرانك ... و كم خاصمت ظلامك ... و كم أحيانا على استحياء غازلت نجومك ... !! فإذا بك ذلك الصدر الذي أومئ عليه رأسي ... و تلك اليد على تداعب شعري ... لتنتشلني من ركام الواقع و لترميني راغبا في أحضان الحلم ... !! لأغمض عيني و أظل أركض خلف حلمي ... أرسمه لوحة تبتسم لي ... تناظرني ... تضحك ... أظل أتأملها حتى يغتالك الفجر ... و تبدأ الفوضى مرة أخرى ...!! لكنني - و لا اعرف إن كنت سأستطيع - سأودعك ...؟؟!

نعم .. مع أن كلمات الوداع تخنقني ... و مع أنني أحبك ... لكنني اعتقد انك سئمت من مناجاتي ... تعبت جدرانك من بكائي ... وخجلت نجومك من عيني عاشق أضناه الحلم ....!! أودعك و أنا أرنو منك ...لا أريد الابتعاد ... !! كأنني من ظلمتك أريد خيطا من النور ... و من دفء عينيك أريد ما اتكأ عليه في رحلة عودتي إلى ذلك المجهول ...!!

نعم ... أودعك و أنا لا أريد لأي فجر حتى و عن كان مشرقا أن ينتزعك مني ...!! فأنا و إن كنت أريد أن أكون بعيدا ... لا أتخيل الحياة بدون مساء ... !! بدون فضاء يأخذني من ذلك المنطق لعالم جميل ... !! لا أتخيل نفسي لا أشاهدك و أنت تأتي ... غروب يأخذني ... يراقصني ... يقبلني ... فأنتشي ... و أنسى ما كان من يومي ... و أكون لك وحدك ...!!

أتعرف أيها المساء ... ؟؟! أنا أكبر كاذب على هذه الأرض ...؟! أتدري لماذا ...؟؟ لأنني أبدا لن أستطيع أن أكون عنك بعيدا ...!! و لأنك جزء مني رغما عني ...!! لأنني بدونك أتيه في سراديب هذا الزمن ... !! أعتذر منك إن غضبت مني مرة ... لكنني لا أستطيع تخيل الحياة بدون مساء ... بدون غروب يحيني ... و بدون ليل ينسيني ما التصق بذاكرتي ...!! بدأت بوداعا أيها المساء ...!! و أنتهي بـ أحبك أيها المساء ...!!