نوعية الحياة الإنسانية ومشروع الأقاليم
مناسبة هذا المقال هو جلسة تمّ خلالها نقاش ساخن حول جدوى الأقاليم التنموية التي سيتم تطبيقها في الأردن ، وذلك على أثر المحاضرة التي ألقاها دولة العين معروف البخيت في مركز شباب عجلون مساء السبت 25/4/2009، حيث ارتفعت وتيرة النقاش بيني وبين أحدهم عندما قُلْت : في الأقاليم سيتم تفعيل مفهوم اللامركزية وتعميق المشاركة الشعبية وبالتالي ستتحسّن نوعية الحياة الإنسانية لسكان الإقليم ، ولأهمية حدث "الأقاليم" وما يحدث من حوارات ونقاشات عديدة تجري هنا وهنا في أرجاء الوطن ، رأيت أن أكتب في موضوع : نوعية الحياة الإنسانية ، لأنّها فعلاً الهدف الأسمى الذي تسعى تجربة الأقاليم لتحقيقه .
فما معنى نوعية الحياة ؟! وما المؤشّرات أو المعايير التي تُعتمد في قياسها؟!ومتى ظهرت الدراسات حول هذا الجانب الحيوي الهام الشمولي؟! وما أهمية توثيق المعلومات المؤسسّية والسّكانية(بالذات) للمهتمين في مثل هذه الدراسات ؟!
وللإجابة على التساؤلات السّابقة وبإيجاز: يمكن تعريف "نوعية الحياة الإنسانية" بأنّهامفهوم يُشير إلى حالة الرضا أو السعادة أو الرفاهية أو جودة الحياة (أوعكس ذلك) التي يعيشها الفرد أو مجموعة الأفراد مع متطلبات المعيشة الأساسية ، ونظراً لهذا التركيب الشّائك للمفهوم ، فقد تعدّدت واتّسعت المؤشّرات التي اعتُمِد عليها في قياس ومعرفة نوعية الحياة ، فهي لذلك أكثر إتّساعاً وشمولاً من مقاييس التنمية البشرية التي تتمثّل ب : معدّل القراءة والكتابة بين الكبار ، وأمد الحياة المتوقّع عند الولادة ، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي .
وتفترض مقاييس نوعية الحياة – بشكل عام – وجود علاقة طردية بين درجة النمو الإقتصادي وحالة الرّضا ، فكلما ارتفعت درجة النمو الإقتصادي في مجتمعٍ ما يُفترض (بل يجب) أن تتحسّن نوعية الحياة لدى أفراد هذا المجتمع .
ومن الجدير بالذكر أنّ مقاييس نوعية الحياة الإنسانية لم يتم تطويرها إلاّ منذ ثلاثة عقود من الزمن ، فقد ظهر مقياس "درونوسكي" المركّب لقياس نوعية الحياة بين الدول المختلفة عام1974م ، ومقياس "لاريسون" الإجتماعي عام 1979 م ، وعند دراستي لمدينة إربد في مرحلةالدكتوراة (1995) قُمت باستخدام بعض معايير نوعية الحياة وتطبيقها على أحياء المدينة (37حي آنذاك) ، وذلك من خلال قياس درجة رضا السكان عن الخدمات الإدارية والتعليمية والصحية والترويحية في المدينة.
ومن دراسة المصادر والمراجع ( وخاصة كتاب "التخطيط الإقليمي "لأستاذي الفاضل الدكتور سعدي محمد السعدي يرحمه الله) ، بتبيّن أنّ هناك عدة معايير يُمكن إعتبارها هدفاً من جهة ومؤشّرات دالة على نجاح وجدية وإيجابية تجربة الأقاليم من جهة أخرى , ومن وجهة نظرنا المتواضعه يمكن ان تُصنف هذه المعايير على شكل مجموعات حسب الأهمية وكما يلي :
أولاً: مجموعة المعايير التي تُشكّل أساليب أو طرق هامّة وعامّة يتم بها تحسين نوعية الحياة لدى سكان الإقليم وهي :
1- مشاركة الرأي العام : فالاستئناس بالرأي العام وتفهم قضاياه ومطالبه هو أمر في غاية الاهميه وذلك لضمان تفاعلهم وتجاوبهم مع الاهداف المرسومه .
2- التفاعل الديمقراطي وعلاقاته الحياتيه : من حيث المساواه في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص والمساواه في المعامله .
3- التعليم والتعلّم : وهي مسأله في غاية الاهميه تسعى الى صنع الانسان النافع المنتج المنتمي بكل معنى الكلمه .
ثانياً : المعيار الذي يعتبر خطوه تطبيقيه لتحسين نوعية الحياه وهو :
4- تخطيط استعمالات الارض : وتكمن أهمية هذا المعيار في انه يختص بتنظيم الحيز المكاني للافراد وعلاقاتهم الداخليه والخارجيه مع عناصر البيئه المختلفه .
ثالثا : مجموعة المعايير التي تُشكل نتائج للاساليب والطرق السابقه , فإذا أشركنا الرأي العام في التخطيط والتنميه بتفاعل ديمقراطي حيوي وسليم ، وتعاملنا بهذين المعيارين مع مجتمع وافراد على درجه جيده من التعليم المفيد ، فإننا لا شك سنصل الى نتائج تُشكل معايير او عوامل مُكمّله لقياس نوعية الحياه وهي:
5- مسألة السكن :الذي يرتاح فيه الفرد بعد عناء العمل ، ويقضي فيه نسبه كبيره من حياته ، وتتحقق فيه التنشئه الاجتماعيه , ففي مجتمع متعلم ترعاه حكومه ديمقراطيه تهتم بالشعب وبمشاركة الرأي العام فإن مسألة السكن تصبح محلوله اصلاً.ً
6- الضمان الاقتصادي: يستطيع من خلاله الفرد أن يحقق التوازن بين إمكاناته الماديه وبين قدرة تلك الإمكانيات على سد حاجاته ومتطلباته الأساسيه فيها بشكل خاص .
7- الصحه العامه: من علاج فيزيائي وعقلي وسيطره على الاوبئه لضمان صحة السكان .
رابعاً : مجموعة المعايير التي تتفاوت في أهميتها من فرد لأخر في تحسين نوعية الحياه وتتمثل أهميتها في أنها تُشكل حوادث داخليه في نفس كل فرد وهي :
8- حق الاختيار للافراد بحريه تامه للمأكل والاتجاه والتفكير والتعبير وغيرها من ضرورات الحياه الفرديه واختيار الافضل في حالة عرض اختيارات متعدده .
9- الفرص الاقتصاديه : وتقرير مستوى رفاهية الافراد بمستوى كفايتهم وطموحهم , وتفاوت هذه الفرص حسب تفاوت الجهد المبذول .
10- التكاليف الاساسيه للحياه : وضمان حياه كريمه للافراد على مستوى الحاجات الاساسيه كالطعام واللباس والسكن.
ويمكن صياغة المعايير التي تم عرضها سابقاً لتُشكّل في مجملها فقرة مُفيدة في التنمية الإقليمية ومشروع الأقاليم على النحو التالي :
اذا تمت مشاركة الرأي العام وأستنير برأي الافراد او الجماعات ذات الثقل الاقتصادي او الإجتماعي وذلك في جو ديمقراطي حر , وتم توفير التعليم لافراد المجتمع وتوجيههم الى احترام الرأي والرأي الاخر ،فإن هؤلاء الافراد وبشكل عفوي سيكونون عوامل مساعده للمخططين في اتخاذ الخطوه التطبيقيه الهامه ، وهي تخطيط استعمالات الارض الاستعمال السليم دون هدر او إستنزاف للموارد ولمكونات النظام البيئي ، وبذلك تصبح قضايا السكن والضمان الاقتصادي والصحه العامه هي من البديهيات بافتراض ان المعايير الأربعه الاولى موجوده في المجتمع , لتصبح المعايير الثلاثه الاخرى المتبقيه (حق الاختيار والفرص الاقتصاديه والتكاليف الاساسيه للحياه ) هي تحصيل حاصل كذلك في مجتمع يشارك أبناؤه مشاركه فاعله في اتخاذ القرار بجو ديمقراطي علمي ، وهذا أسمى ما يهدف إلى تحقيقه مشروع الأقاليم كما ذكرنا سابقاً.
ونريد ان نؤكد في هذا المجال بالذات بأنّ اسمى اهداف التنميه (أياً كان نوعها ) هو تحقيق العداله الاجتماعيه للمواطنين ، وتحقيق الرفاهيه لهم بهدف تحسين نوعية حياتهم ، ولذا فإن من الضروره بمكان أن لا يكتفي الباحث لدى قياسه لنوعيه الحياه في مجتمع ما في اختبار البيانات ذات الاساس المؤسسّي (المأخوذه من المؤسسات ) ، ولكن عليه أن يُعضّد هذه البيانات بالبيانات ذات الاساس السكاني (المأخوذه مباشرةً من السكان ) ، حتى يستطيع فعلاً قياس الأحاسيس الفعليه للافراد , ومطابقة أحاسيسهم بنتائج المعطيات الرسميه (الارقام) التي يحصل عليها من المؤسسات التي قد تكون بياناتها مضلله , إذ ليس من المعقول قياس درجة الرضا والسعاده والجوده للسكان من خلال الارقام الرسميه , كما انه ليس من المعقول أبداً وضع الخطط التنمويه بناءاً على هذه النتائج .
ولذا فإن من الضروره بمكان أخذ آراء السكان بمشروع الأقاليم وبنوع وكم الخدمات المختلفه التي تقدم لهم , فوجود الخدمه لا يعني كفاءتها او رضا السكان عنها أحياناً , فقد يكون في هذه الخدمه – مثلا – خلل لا يراه إلاّ من يتعامل معها ويعايشها يومياً .
فقد آن الاوان لأن نوسع قاعدة المشاركه الاهليه (الشعبيه) ، والاهتمام باراء السكان واستثمار الجهود والامكانات الذاتيه والإعتماد على النفس بعقل وسلوك جماعيْين لدى افراد المجتمع وتجاوز مصاعب التنميه العصيّة (الصعبة) بسهوله ويُسر , واذا ما تحقق ذلك نكون قد وصلنا الى درجه كبيره من الرقي والتقدم بالطريقة التي نُدير بها حياتنا.
وفي نهاية المطاف نعود فنذكر مره اخرى بأن تعميق هذا النهج يمكن ان يمتد ليشمل جميع جوانب الحياه الاقتصاديه والاجتماعيه للمواطنين , خاصه وان الأردن مُقبل بشكل جاد الى تطبيق نظام الأقاليم للغايات التي ذكرنا بعضها سابقاً , ولذا نتمنى على قياداتنا المحليه ومؤسساتنا الرسمية والخاصّة متمثله بالمجالس البلديه والجامعات والمدارس بكافة مستوياتها وجميع المراكز الخدماتيه ان تُساهم ولو جزئياً في دفع م?Zرْكب تحسين نوعية الحياه لمجتمعاتنا المنتشره في أرجاء بلدنا الغالي ريفه وحضره وباديته ، ليصبح الأردن البلد النموذج ، حفظ الله الأردن أرضاً وقيادة وشعباً .
الملك يعود إلى أرض الوطن بعد جولة عمل أوروبية
مصر: العثور على 10 جثامين لمهاجرين غير شرعيين
هل يهدد شات جي بي تي عرش محرك البحث "غوغل"؟
الزراعة: أسعار الأضاحي المحلية مستقرة رغم ارتفاع المستورد
عيد الجلوس ليس احتفالًا فقط .. بل تجديد لعقد العدالة الاجتماعية
زيارة أريحا الممنوعة: كشفت عار التطبيع العربي
الملكة رانيا تشارك صورة عائلية احتفالاً بالعيد
منتخب فلسطين يطمح للفوز والتأهل إلى الملحق
فعاليات اقتصادية: الملك قاد نهضة الاقتصاد الوطني
تراجع طفيف للجنيه الإسترليني أمام الدولار واليورو
عيد الجلوس الملكي ال26: وفاء شعب ومسيرة قائد
عُمان تطلب توضيحاً رسمياً بشأن ما حدث بتدريبات النشامى
كم يبلغ سعر كيلو الأضاحي البلدي والروماني في الأردن
في الأردن : اشترِ سيارة .. وخذ الثانية مجّانًا
التلفزيون الأردني يحذر المواطنين
إلغاء وظيفة الكنترول بشكل كامل في الأردن
قرار من وزارة العمل يتعلق بالعمالة السورية
أسماء ضباط الأمن العام المشمولين بالترفيع
الملكة رانيا: ما أشبه اليوم بالأمس
وفاة مستشارة رئيس مجلس النواب سناء العجارمة
خلعت زوجها لأنه يتجاهل هذا الأمر قبل النوم .. تفاصيل لا تُصدق
فيفا يمنح الأردن 10.5 مليون دولار بعد التأهل إلى كأس العالم 2026
كتلة هوائية حارة قادمة للمملكة من الجزيرة العربية .. تفاصيل
تنشيط السياحة توضح موقفها من حفل البتراء المثير للجدل