تعيش الحكومة ..

mainThumb

28-11-2008 12:00 AM

المقولة الشعبية الأردنية المعروفة "خبرك بعمان قرية!!!" بدأت تطفو على السطح من جديد وعاد صداها يتردد على مسامعنا وبشكل شبه يومي, فالمقولة ما هي إلا تعبير عن الغلاء الفاحش الذي نعيش فيه هذه الأيام, فإن أبديت استغرابك من سعر كيلو العدس وقلت (الله أكبر... بدينارين!!! يا رجل أنا شاريه بعشرين قرش!) يأتيك الجواب مباشرة... "خبرك بعمان قرية".

قبل ثلاثة عقود تقريبا كانت العاصمة الحبيبة عمان كبيرة جدا بالهاشميين وبأهلها... ولكنها كانت بمثابة قرى مترامية الأطراف, ومضى الزمان سريعا وتوسعت عمان وأصبحت من أجمل وأكبر مدن العرب, ولذا أصبح التعبير والمقارنة بين الماضي والحاضر بالمقارنة بين عمان السبعينات وبين عمان الألفية الثانية وراحت مقارنتها مثلا.

إن الغلاء الذي أصابنا في الأردن جاء على ثلاثة مراحل تقريبا: الأولى: عام 1988 وبناء على طلب المغفور له ياسر عرفات من المغفور له الحسين بن طلال رحمهما الله فك الارتباط بالضفة الغربية قانونيا وإداريا ونتيجة لخروج رؤوس المال وإيداعات البنوك بمبالغ كبيرة جدا وفي فترة قصيرة جدا (مع تحفظي وسأذكركم لاحقا), ولدت إرباكا في الاقتصاد الوطني وزعزعت الثقة بالدينار الأردني مصحوبة بمخاوف على الاحتياطي الأردني من العملات الأجنبية مما الحق بالدينار انتكاسة قوية أضعفت قوته الشرائية, فعلى أرض الواقع لم يكن هناك ارتفاع حقيقي للأسعار بقدر ما كان انخفاض قوي للقوة الشرائية والذي ارتفع معه سعر صرف الدينار من بضع وثلاثون قرشا إلى بضع وستون قرشا أي بفارق ثلاثون قرشا تقريبا أي أنه بعد أن كان الدينار بثلاثة دولارات أصبح الدينار بدولار ونصف تقريبا في أحسن الأحوال.

وحيث أن استيراد الأردن لاحتياجاته على اختلافها تتم في معظم الأوقات بالدولار الأمريكي (قبل اليورو) مما ضاعف معه سعر السلعة المستوردة والمواد الخام التي تدخل في صناعة المنتجات الوطنية, وبالتالي كان الغلاء.

الثانية: في عامي 1991 و1992 وتحديدا بعد حرب الخليج الثانية (إن جاز التعبير) ودخول العراق الكويت, وحرب ما يسمى بتحرير الكويت (مع تحفظي التام) وما تليها من تهجير وتسفير وترحيل وطرد وعودة لأردنيين وفلسطينيين وعرب إلى الأردن قدر في فترة بسيطة ما يقارب الستمائة الف شخص, بحيث امتلأت الشقق الفارغة والمفروشة والفنادق وحتى الشوارع عن بكرة أبيها وبالتالي زاد الطلب على السلع في حين كان العرض ثابتا مما زاد في رفع أسعار السلع.

الثالثة: في عام 2008 في ظل النظام العالمي الجديد وبرئاسة الشيطان الأكبر تاجر البشر وصاحب أكبر الشركات النفطية العالمية والذي لعب حتى على شعبه وأثبت أنه لا يعرف معنى الكرامة والشرف, فنهل من الخليج العربي وخصوصا العراق الجريح المحتل مليارات الدولارات من مقدراته النفطية وتخزينه لملايين الأطنان من النفط بالمجان أو بسعر رمزي جدا على أحسن تقدير وربط الحكومة العراقية بعقود نفطية آجلة لسنوات قادمة طويلة, ومن ثم أوعز لعملائه في منظمتي (أوبك وأوابك) اللعب بالتصدير والسعر حتى وصل حدا فاحشا (145دولار للبرميل) ولكون النفط هو عصب الحياة والصناعة أثر سلبا على أسعار السلع المحلية والخارجية وعلى قطاع الخدمات أيضا. رحم الله وزارة التموين, فقد طبقت (بضم الطاء وكسر الباء) ديموقراطية العرض والطلب في السوق الأردني والخصخصة وفتح (بضم الفاء وكسر التاء) باب التصدير بتخبط وعشوائية, وترك الأمر دون رقيب أو حسيب والهدف المعلن ترك الأمور لواقع الحال وللمنافسة في السعر, ومع عدم قناعتي التامة بسوء النية لعلم الجميع بأن الأردن يحوي حيتانا لا تستطيع أعتى الحكومات الوقوف بوجههم وبوجود شركات كبرى تحتكر استيراد سلع معينة ومن أهمها المواد الغذائية والتي قد يعتبرونها (الحكومة والحيتان) من الكماليات!!! .

في العام الماضي فتح باب التصدير للحوم الأردنية ومنع استيراد لحوم من الخارج (تقريبا) وصلت معه أسعار اللحم إلى ثمانية دنانير للكيلو الواحد وما أن تم فتح باب الاستيراد لأحد التجار من الأسواق السورية (مواطن بس حوت) عاد ثمن كيلو اللحم لخمسة دنانير وأقل, وفي هذا العام منع تصدير الخضار ومنها البندورة ولفترة محددة بيعت بسعر عشرة قروش للكيلو وما أن جاء مواطن (بس حوت أخر) وفتح له باب التصدير حتى عدنا نبحث عن البندورة بسعر خمسة وثمانون قرشا للكيلو. صلاة الحاجة والدعاء والرجاء وزيارات النواب وتشغيل الواسطات, لكن دون المظاهرات والإضراب هي من الحلول الأولى (والبقية تأتي) لعودة وزارة التموين ولتسعير كل السلع الضرورية وبحد أعلى فقط مع ترك الحد الأدنى للمنافسة وعدم فتح باب التصدير على مصراعيه وترك الباب مواربا مع عدم حكر رخص الاستيراد على جهة معينة والتقليل من البيروقراطية والشكليات التي تبقي السلع المستوردة في الساحات الحرة والحدود لأسابيع حتى يتم بيع ما في السوق بالسعر الملغوم (باعتبار أن الملغوم عكس المدعوم).

سؤال "بايخ": هل يا حكومة لديك القدرة على التحكم بسعر السوق وبأي طريقة كانت, أتمنى أن لا يكون الجواب "عذر أقبح من ذنب". ولك الحق بالاتصال بصديق فقط – حتى لو كان حوت- دون حق تغيير السؤال.

Ayman_alamro@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد