المعارض الأردنية الخارجية بين العبثية والاستهتار

mainThumb

25-11-2008 12:00 AM

للمعارض أهمية بالغة من حيث أنها تكون وسيلة اتصال مباشره بين الجمهور وما تريد طرحه من أفكار عن طريق الصور والوسائل السمعية والبصرية وهي بمثابة مرآه تعكس أفضل ما لدى العارض وتكون فرصة ذهبية لإظهار أفضل ما لديه من تاريخه و حضارته وتقدم أفضل ما لديه من منتجات للعالم من خلال هذا المادة المنتقاة للعرض ولا ننسى أهمية الشخصيات المشاركة في استقبال الزوار في المعرض هم وسيلة جذب للمعرض ويكونوا مميزون منتقون بعناية شديدة لتمثيل بلدهم كوسيلة لنقل الحضارة للخارج بعبارة أدق المعارض (يد أفكارك التي تصافح بها عقول الآخرين مباشرة وبلا حجاب).

كنت قد زرت المعرض الأردني في المعرض العالمي في مدينة ثرقوثا الاسبانية وهذا المعرض العالمي تحت عنوان (المياه والتنمية المستدامة) ومدته شهرين من 14/تموز-14/أيلول/2008 وحينها دخلت مع أصدقاء أسبان حيث كانت المفاجآت الكبرى على التوالي:

1- قابلنا شاب عند مدخل المعرض واعتقدنا بأنه شاب اردني مخضرم ومطلع على تاريخ وحضارة الأردن ألا أننا فوجئنا بأنه لا يتحدث الاسبانية إلا قليلاً وكانت المفاجئة اكبر انه ليس أردنيا وانه من أبناء الدول العربية الشقيقة وانه لم يمضي على إقامته في اسبانيا أكثر من خمسة أشهر أي انه فاقد لمهارة الاتصال الغوي !!!؟؟ وداخل المعرض وجدت شاب آخر وكان أيضاً من إحدى الدول الشقية, وان السؤال الذي يطرح نفسه , هل الأردن خالية ممن يمثلونها ولديهم الكفاءة التي تؤهلهم للوقوف في المحافل العالمية للشرح عن حضارتهم حتى نستعين بمن هو غير مؤهل ثقافياً ولغويا?Z !؟ وهل خوى بطن الأردن ممن هم على درجة من الثقافة وممن يتقن اللغة الاسبانية !؟ أم انه لا يوجد للأردن سفارة في اسبانيا يستعان بها وهي خير من يعين سواء من كادرها أو ممن تعرفهم وتستطيع تامين من هم أهلاً لهذا المكان إذا لم يتوفر بالأردن المطلوب؟

2- تم إظهار نظام جر المياه والحصاد المائي لمدينة جرش الرومانية بصورة مبهره من خلال مجسمات, وتم استثناء أقدم نظام مائي في العالم وهو عربي نبطي وموجود في البتراء, وهو ما نفتخر ونعتز به كعرب وأردنيون, حيث أن الانباط قاموا بإنشائه 400 عام قبل الميلاد آما الرومان قبل ثلاثمائة عام أو يزيد قليلاً ق.م مما يعني بأن كل زوار المعرض العالمي وهو تحت عنوان المياه دخلوا المعرض الاردني وخرجوا منه بدون أن يعلموا بان أقدم نظام مائي في العالم هو عربي نبطي وموجود في البتراء.

3- تم وضع صور لمصنوعات يدوية من مطرزات ومصنوعات جلدية ليست أردنية وهي تنتمي إلى المملكة المغربية تحديداً!!!!! كما هو واضح في ألصوره المعروضة وهذا ما يثير السخرية.

4- تم عرض صور عن الأردن لا ترتقي لدرجة عرضها في معرض عالمي أو حتى في معرض لمدرسة ابتدائية مثل بيوت شعر بدويه مرقعه. وان عرض صور بهذا المستوى لا يترك صوره ذهنيه حسنه لدى الزائر.

5- تم الشرح عن المشروع الوطني (مشروع جر مياه الديسي) إلا انه تم وضع الصورة المعبرة عنه للبحر الميت وكتب عليها مشروع الديسي!!!!! كما هو واضح في ألصوره المعروضة. وهذا مخالف تماماً لأبجديات العمل في عرض الصور الفوتوغرافية وعلمياً الصور الفوتوغرافية تقرب الفكرة المرداة للزائر بل و تقوم بنقله إلى الوقائع الذي نريد, وإنني أتساءل ما هي الفكرة المراد نقلها للزائر من خلال هذه الصورة التي لا تمثل إلا النقيض.

6- وجود منشورات عن الأردن بشكل شحيح, وانه تم وعد من يعمل في المعرض الأردني بكميات كبيرة ولكن حتى تاريخ 5/8/2008 لم يتم تزويدهم.

وللأمانة أن المعرض الأردني هو من المعارض الأكثر زوارً وان يوم الأردن في المعرض شكل من أعلى عدد الزوار, إلا انه حبذا لو أنهم عرفوا أن في هذا البلد أقدم نظام مائي في العالم وان لدينا مصنوعاتنا اليدوية الخاصة بنا وأننا لسنا بحاجة لعرض مصنوعات دوله شقيقه وبالأخص إذا كانت هذه الدولة دولة جوار مع اسبانيا وان مصنوعاتها معروفة لديهم ويستطيعوا أن يقولوا بكل بساطة هذه مصنوعات مغربيه, وحبذا أن من دخلوا المعرض وجدوا من أهلها في استقبالهم والتكلم عن حضارتهم إذا تم طلب ذلك وإنني على قناعة بان أشقائنا من مصر والبنان والمغرب لم ولن يسمحوا لأردني أن يظهر في محفل عالمي للتكلم عن حضارتهم !!!. وانه بمجرد أننا سلكنا هذا المسلك, فهذا اعتراف منا بالعجز عن إيجاد مؤهلين أردنيين لهذه المهمة أو أن الأردن خالية منهم وهذا غير صحيح, وإنني استطيع أن أتفهم لحد ما خصخصة بعض المشاريع الإنتاجية الاقتصادية وتتحول من الإدارة الأردنية إلى إدارة أجنبية ذات خبرة بسبب عجزنا عن إدارتها, إلا أنني ومعي كثيرون لا نتفهم أن يتم استقطاب أشخاص غير مؤهلين بديل عن المثقفون الأردنيون,,,!!! مما دفعني بالتبرع للعمل متطوعاً داخل المعرض الأردني وكذلك أقنعت إحدى صاحبات الشركات السياحية للتطوع وتزويد المعرض بجهازي حاسوب تهدف لعرض المواقع السياحية الأردنية وإدخال زوار المعرض لعملية لوتري للفوز برحلة مجانية لزيارة الأردن ويهدف هذا العرض لتشجيع العامة لزيارة المعرض الأردني وهذا ما يسمى علمياً (إدخال فعاليات للمعرض كوسيلة جذب), كذلك تزويد المعرض الاردني بمنشورات بصفة دائمة لغاية نهاية مدة المعرض. إلا انه تم الكتابة ثلاثة مرات للمعنيين بإدارة المعرض من الجانب الاردني وتم الاتصال معهم لعدة مرات ولكنه لم يتم الإجابة بالموافقة أو عدمها. وكان شيء لم يحدث في اسبانيا.

علماً بأن تكلفته المعرض 600,000 ستمائة ألف يورو ومدته شهرين وهو تبرع من الحكومة الاسبانية. إلا أننا لم نحسن استغلاله, حيث أن الأردنيون الذين كانوا يتناوبون على الحضور للمعرض من عدة دوائر ووزارات اردنية "وهذا شيء صحي لتطوير أدائهم المستقبلي" ولكن حبذا لو كان بينهم من يرتقي لدرجة الاحتراف لتدريب من كان يحضر للمعرض (مع احترامي وتقديري الشديد لوجودهم وابتساماتهم التي كانت تنير المكان وبالرغم من أنهم بذلوا كل جهد لإنجاح المعرض).

آملاً أن تكون معارضنا الأخرى أعلى مستوى مما تم ذكره من ملاحظات أعلاه وان في الأردن وهي الرحم الذي ولدت منه الحضارات من هم أهلاً لإظهار أفضل ما لدينا.

 

* قسم الدراسات السياحية

جامعة ملقا/اسبانيا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد