صحيفة السوسنة الأردنية

احمد جرار

شكلت الانطلاقة الثانية لمعسكرات الحسين للعمل والبناء في العام 1995 عندما صدرت توجيهات جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه الى حكومة الشريف زيد بن شاكر رحمه الله باعادة العمل في معسكرات الحسين للعمل والبناء نقلة نوعية في برامج ونشاطات وزارة الشباب انذاك ، وقد اقيمت في تلك السنة معسكرات الحسين للعمل والبناء بمتابعة واهتمام الدولة الاردنية في كل مستوياتها ، وتتويجا لذلك الاهتمام فقد احتضنت مدينة الحسن الرياضية في اربد حفل تخريج المشاركين برعاية جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه ، وقد حمل ذلك الاحتفال المهيب رسالة الى كافة مؤسسات الدولة بضرورة الاهتمام بالشباب والاستمرار في اقامة هذه المعسكرات كما ارادها جلالته، مصنع للرجولة ومدرسة للانتماء 0
وقد امتازت معسكرات الحسين للعمل والبناء خلال السنوات من 1995 وحتى 2004 بشمول برامجها على نشاطات تلبي احتياجات الشباب وتتناسب مع ميولهم وتمكنهم من امتلاك مهارات ومعارف جديدة وتبني لديهم اتجاهات ايجابية ، وقد تنوعت الانشطة والبرامج وعملت وزارة الشباب على ادخال فقرات جديدة وعصرية الى برامج المعسكرات فبالاضافة الى التدريب العسكري للمشاركين والاعمال التطوعية التي كانت تعتبر ابرز فعاليات المعسكرات دخلت اللغات الاجنبية والموسيقى والسباحة والكمبيوتر والانترنت والرسم كما دخلت البرامج التي تهدف الى تنمية المهارات والمواهب لدى الشباب ، كما امتازت المعسكرات بمدتها حيث انها كانت كافية لتحقيق اهدافها وتحقيق نتائج ملموسة بالاضافة الى مشاركة الشباب من مختلف الجهات فيها فلم تكن المشاركة مقتصرة على اعضاء مراكز الشباب انما كان بامكان طلبة المدارس واعضاء المراكز الشباية وابناء المناطق النائية والمناطق التي لا يوجد فيها مراكز شبابية من المشاركة في المعسكرات ، وكان ابرز ما امتازت به المعسكرات هي الشراكة التي كانت قائمة بين مختلف مؤسسات الوطن في تنفيذ المعسكرات فكانت قواتنا المسلحة وكذلك وزارة التربية والتعليم بالاضافة لوزارة الشباب حاضرة في هذه المعسكرات ، وقد كان لهذه الشراكة اثرا واضحا في اخراج المعسكرات بصورة غير منقوصة ، هذا بالاضافة الى لتعاون الجامعات والتلفزيون الاردني والامن العام والدفاع المدني وسلطة المياه ومؤسسة التدريب المهني والبلديات ووزارة الصحة وووزارة البلديات 0
وكانت المعسكرات تقام تحت شعار وطني في كل سنة فاقيمت معسكرات تحت شعار على قدر اهل العزم والاردن اولا وكلنا الاردن وانا الاردن 0
وقد بدأت المعسكرات تتراجع ببرامجا حين خلت من الاعمال التطوعية الحقيقية والتدريبات العسكرية والاكتفاء بمحاضرات مملة للشباب سواء في اوقاتها او مضامينها او مقدميها وزيارات ونشاطات غير هادفة ، كما تراجعت من خارج مراكز الشباب وتقلصت مدة المعسكرات بذريعة تمكين اكبر عدد من الشباب من المشاركة في هذه المعسكرات ولكن في حقيقة الامر فأن الشاب الواحد يشارك في اكثر من معسكر حتى ان بعض الشباب شارك في غالبية المعسكرات التي اقيمت خلال الصيف مما يعني ان المشاركين في المعسكرات كانوا يتكررون في اكثر من معسكر وبالتالي فان عددهم بقي محدود جدا ويشكل نسبة لاتذكر من مجموع الشباب الاردني الذي يعلن المجلس الاعلى للشباب في كل المحافل والمناسبا ان نسبة الشباب تصل الى 75% من عدد السكان في الاردن ، ومع تقليص مدة المعسكرات فقد اصبحت معسكرات محافظة في الوسط تقام في الجنوب ومعسكرات محافظة في الجنوب تقام في الشمال مما يرتب نفقات عالية نتيجة ارتفاع اسعار المحروقات وزيادة اجور المواصلات وانخفاض المدة الفعليةللمعسكر الى نصف المدة المقررة اذا ما تم اعتبار اليوم الاول لوصول المشاركين واليوم الاخير للمغادرة حيث ان هذين اليومينيخلوان من اية نشاطات ذلك ان المشاركين من محافظة في الجنوب يصلون الى موقع المعسكر في الشمال في الفترة المسائية ويغادرون صباح اليوم الاخير وبعد تناول وجبة الافطار مباشرة 0
ان استمرار المجلس الاعلى للشباب في اقامة معسكرات الحسين للعمل والبناء بالصورة الحالية امرا بلا جدوى ، وهدرا حقيقيا للوقت والجهد والمال العام وان التركيز على جانب المحاضرات يعني فرض بيئة دراسية على الشباب الذين هم بالاساس طلبة يجب ان يستمتعوا بالعطلة الصيفية ، وكذلك فان التركيز على النوع دون الكم يعني ترك نسبة لا بأس بها من الشباب عرض للانجراف مع التيارات التي تشكل خطرا على الوطن وشبابه والانحراف الى سلوكيات سلبية كتعاطي المخدرات والتسكع في الشوارع والحدائق العامة 0
الشباب الاردني بحاجة الى معسكرات الحسين للعمل والبناء بالصورة التي انطلقت فيها قوية فاعلة مؤثرة ، وبحاجة الى مهارات عصرية حقيقية ، وبحاجة فعلية الى تنمية قيم الولاء لديهم من خلال برامج المعسكرات المدروسة لا البرامج التجريبية والارتجالية والمزاجية 0