البَترا بين ترحيل الأزمات وضعف القرار
لا يختلف اثنان على أن البترا تمثل حجر الأساس في هوية السياحة الوطنية الأردنية، وموردًا حضاريًا لا يُقدّر بثمن. ومع ذلك، ما تشهده المدينة اليوم من تراجع في الحركة السياحية وتباطؤ في التنمية، ليس وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمية لنهج إداري يميل إلى تأجيل الأزمات بدلاً من مواجهتها بجرأة وكفاءة.
إن هذا التراجع ليس مجرد أرقام على ورق؛ بل هو معاناة يومية تعيشها الأسر، وتحدٍ قاسٍ لأصحاب الفنادق، و المطاعم، و أدلاء السياح، ، محلات التحف التذكارية، والمحلات التجارية، والمشاريع الصغيرة، وغيرهم حيث يواجهون شبح الإغلاق، ويُهدد سبل عيش الآلاف من أبناء المجتمع المحلي الذين تعتمد حياتهم بشكل مباشر على هذا القطاع الحيوي.
لقد تابعت باهتمام ما صدر عن اجتماع لجنة السياحة والآثار النيابية، بحضور رئيس سلطة إقليم البترا وعدد من النواب، وما تضمنه من توصيف للتحديات ووعود بالدعم. ومع كامل الاحترام لتلك الجهود، فإنني – كمتخصص في إدارة الأزمات السياحية – أرى أن المعالجة ما زالت سطحية، ولا ترقى إلى مستوى الأزمة المركبة التي تمر بها البترا.
ولا يمكن إنكار أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والتصعيد العسكري مع إيران، شكّلت عوامل ضغط كبيرة على حركة السياحة الوافدة إلى الأردن والمنطقة عمومًا. إلا أن هذه الاضطرابات الإقليمية ليست بجديدة؛ فالمنطقة خضعت عبر تاريخها لموجات متكررة من عدم الاستقرار السياسي و الأوبئة. لكن هذا لا يبرر التباطؤ في بناء منظومة إدارة أزمات حقيقية. ولا ينبغي أن نقف مكتوفي الأيدي بانتظار "رحمة الظروف"، بل يجب أن نكون مستعدين للتعامل مع جميع السيناريوهات بمرونة، وتخطيط، واستباق، لا بردود أفعال متأخرة.
أولًا: الأزمة هيكلية لا ظرفية
الحديث عن تراجع أعداد الزوار ليس جديدًا، لكن الخطر الحقيقي يتمثل في استمرار الاعتماد الكامل على السياحة كمصدر دخل شبه وحيد، دون تنويع القاعدة الاقتصادية المحلية.
إن البَترا لا تعاني من انخفاض الزوار فقط، بل من غياب رؤية وطنية شاملة تُعاملها كموقع حيوي يحتاج إلى حلول متكاملة وطويلة الأمد.
ثانيًا: الدولة بحاجة إلى حضور ميداني فاعل
إذا كانت البترا تحتل أولوية حقيقية، فإن الواجب الوطني يقتضي تكثيف الحضور الميداني من أعلى المستويات، والاستماع المباشر إلى الناس، ومعاينة الواقع عن قرب.
من هنا، فإن إدارة الأزمات لا تتم من المكاتب، بل من قلب الحدث. والقرارات الفعالة تحتاج إلى قراءة واقعية من الميدان لا إلى تقارير تُكتب عن بُعد.
ثالثًا: لا مركزية الإدارة ضرورة لا خيار
من غير المنطقي أن تُدار البترا من مكاتب مغلقة خارج الإقليم. المركزية الإدارية والإقصاء غير المعلن للمجتمع المحلي ساهمَا في تآكل الثقة وتباطؤ وتيرة التنمية. وقد حان الوقت لتحويل سلطة إقليم البترا إلى هيئة مستقلة ماليًا وإداريًا بالفعل، خاضعة لمساءلة مجتمعية شفافة، وقادرة على اتخاذ قرارات مرنة وسريعة تستجيب للتحديات المتغيرة.
رابعًا: ترحيل الأزمات خطر يتفاقم
النهج القائم على تأجيل الأزمات بدل حلّها أدى إلى تعقيد الأوضاع. ففي علم إدارة الأزمات، الترحيل المتكرر يخلق أزمة مركّبة يصعب التعامل معها لاحقًا، ويفاقم فقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
خامسًا: الحاجة إلى تقييم شامل وإعادة موازنة
إن البَترا بحاجة إلى تحقيق شامل وشفاف يوضح كيف وصلت الأمور إلى هذا المستوى، مع تقييم أداء المؤسسات ذات العلاقة، وفعالية الخطط، وآليات تنفيذها.كما يجب إعادة موازنة مالية وهيكلية لمفوضية البترا، بحيث لا تبقى مرهونة بتذبذب أعداد الزوار، ما يحول دون بناء استقرار تنموي حقيقي.
سادسًا: لا تنمية بلا تنويع اقتصادي
الاستدامة الاقتصادية في البترا لن تتحقق عبر موسم سياحي متقلّب، بل من خلال بناء منظومة اقتصادية متنوعة تشمل:
• دعم الصناعات الخفيفة والحرفية.
• تطوير الزراعة المحلية الذكية.
• تمويل المشاريع الشبابية والإبداعية.
• ربط الثقافة المحلية بالمنتج السياحي الحديث.
وعليه، فإني أرى بأن كرامة الإنسان تُصان عبر توفير الفرص، لا عبر التصفيق والشعارات.
سابعًا: ما المطلوب الآن؟
• إطلاق خطة طوارئ سياحية بإشراف غرفة عمليات ميدانية في البترا.
• زيارة ميدانية عاجلة من رئيس الوزراء والفريق الاقتصادي للاطلاع على الواقع عن كثب.
• تحويل لجنة السياحة النيابية إلى منصة فاعلة لصياغة السياسات بمشاركة المتخصصين والقطاع الخاص، وليس الاكتفاء بالمتابعة الرقابية.
• توجيه الموازنات والمساعدات نحو مشاريع إنتاجية ملموسة الأثر.
• تبني خطة وطنية لتنويع الاقتصاد المحلي في البترا خلال ثلاث سنوات.
حلول مقترحة لتجاوز الأزمة:
• جدولة أو إعفاء ديون الفعاليات السياحية في البترا، لتمكينها من الاستمرار.
• إعفاء هذه الفعاليات من ضريبة الدخل والمُسقفات والضرائب الأخرى.
• إنشاء صندوق أزمات مستقل بإشراف مشترك بين القطاعين العام والخاص لتقديم الدعم عند الحاجة.
• إعادة توجيه بعض برامج الدعم مثل "أردننا جنة" نحو دعم مالي مباشر ومستدام.
• التوقف عن الوعود النظرية، والانتقال إلى التنفيذ العملي ضمن جداول زمنية واضحة وقابلة للقياس.
ختامًا:
إن البَترا ليست فقط موقعًا أثريًا، بل إنها مرآة تعكس قدرة الدولة على إدارة مواردها ومجتمعاتها بكفاءة وعدالة.
فإما أن نكسر حلقة الترحيل والتأجيل، أو نواجه المزيد من الإحباط، والفقر، وتلاشي الخبرات، وتآكل الثقة.
لقد آن الأوان أن تُدار البترا بعقل الدولة لا بمزاج الموسمية أو رد الفعل.
"أستاذ إدارة الأزمات السياحية، وباحث في التنمية المستدامة للوجهات التراثية"
بلدية عجلون تنفذ حملات بيئية شاملة بمختلف مناطقها
حالة الطقس في المملكة من الاثنين حتى الأربعاء
النفاق على وسائل التواصل الاجتماعي
مقتل وإصابة 110 أشخاص جراء الاشتباكات بين مسلحين بالسويداء
التربية تنظم ورشة لتعزيز التعليم المهني في الجنوب
حتى لا يبقى البحث في الأدراج: من الجامعة إلى الشارع
تشيلسي يكتسح سان جيرمان ويتوج بطلاً لكأس العالم للأندية
ترفيع وانهاء خدمات معلمين واداريين في التربية .. أسماء
أكاديمي يدعو إلى مراجعة شاملة للقانون المدني الأردني
تركيا تلغي رحلاتها إلى عدة دول .. والاحتلال يتجهز لتهديد إيراني
الدكتور موفق خزنة كاتبي نستذكر في حضرة غيابه المعرفة والانسانية
فصل الكهرباء عن هذه المناطق الاثنين .. أسماء
استدعاء 350 مالك شاليه بجرش لهذا السبب
مدعوون لإجراء المقابلات الشخصية .. أسماء
مهم من التربية بشأن تصحيح امتحانات التوجيهي
تفاصيل القبول الموحد في الجامعات الأردنية لعام 2025
مهم من الحكومة بشأن انخفاض أسعار البنزين وارتفاع الديزل والكاز
دفعة تعيينات كبيرة في وزارة التربية - أسماء
الاعتداء على الصحفي فارس الحباشنة أمام منزله في عمّان .. صور
ما حقيقة فرض عمولات على تحويلات كليك للافراد
تحذيرات رسمية للمواطنين عند شراء الذهب محلياً
أردني يفوز بجائزة مليون دولار أميركي بدبي
تكفيل النائب الرياطي ومنعه من السفر
محافظ العاصمة يمنع فعالية مقررة بوسط البلد الجمعة
مهم من الحكومة بشأن المجالس المحلية واللامركزية