لماذا تتفاوت الرسوم الجامعية؟؟

mainThumb

16-08-2009 12:00 AM

موسى إبراهيم أبورياش

يشير قانون استقلال الجامعات وتغول البرنامج الموازي إلى أن الجامعات الرسمية تتجه نحو خصخصة التعليم العالي بخطوات محسوبة ومبرمجة لتقضي نهائياً على حلم الطبقة الوسطى والفقيرة في التعليم الجامعي، ويبقى هذا التعليم حكراً على من يملك المال والثروة.

ومن الأمور التي تثير أكثر من تساؤل: تفاوت رسوم الساعات المعتمدة بين الجامعات الرسمية رغم إننا نعيش في وطن واحد، تتشابه ظروفه وأوضاعه وأحواله، وهذا التفاوت غير مبرر وغير مفهوم وغير مقبول ابتداءً.
فمثلاً تبلغ رسوم الساعة المعتمدة لدراسة الطب في الجامعة الأردنية 45 ديناراً، وفي العلوم والتكنولوجيا 36، وفي الهاشمية 85، وفي مؤتة 75. ورسوم الساعة المعتمدة لدراسة الهندسة في الجامعة الأردنية 29، وفي العلوم والتكنولوجيا 21، وفي الهاشمية 30، وفي مؤتة 30. ورسم الساعة المعتمدة لدراسة الحاسوب في الجامعة الأردنية 47، وفي العلوم والتكنولوجيا 33، وفي الهاشمية 45، وفي مؤتة 30

تبرر إدارات الجامعات ارتفاع رسوم الساعات المعتمدة بسبب التوسع في المباني الجامعية وتجهيز المختبرات وتطوير الجامعة، أي إن الجامعات تحمل الطلبة كلفة التوسع والتجهيز، وفي هذا ظلم واضح واستغلال للطلبة وتحميلهم فوق طاقتهم ومحاسبتهم على أمر لا يخصهم وحدهم.

هل من المعقول أن يتكبد الطلبة نفقات إضافية تحت مسمى تطوير الجامعة وتوسعتها؟ ولو كان الأمر كذلك، هل الجامعات على استعداد أن تخفض رسوم الساعات المعتمدة عندما تكتمل مرحلة التوسعة والتجهيز؟ أم إن الرسوم المرتفعة أصبحت حقاً مكتسباً للجامعة غير قابل للتخفيض بل مرشح للزيادة عاماً بعد عام؟

وحتى مبرر التوسعة والتجهيز غير صحيح في ظل تفاوت الرسوم الجامعية التي يفترض أن تكون على أشدها في الجامعات الحديثة، وأن تكون في حدها الأدنى في الجامعات العريقة، فرسوم الجامعة الأردنية أعلى من رسوم جامعة العلوم والتكنولوجيا رغم أنها الأقدم ويفترض أنها جامعة مستقرة من ناحية التوسعة والتجهيزات.

يفترض في الجامعات أن تراعي كلفة التعليم الحقيقية بعيداً عن التوسعة والتجهيز والتطوير، فالجامعات تتلقى دعماً حكومياً سنوياً بأشكال مختلفة، ناهيك عن الضرائب المخصصة للجامعات وبالتأكيد المنح الداخلية والخارجية.

ويفترض في الجامعات الرسمية أيضاً أن تراعي المستوى الاقتصادي للمناطق التي تتواجد فيها، وأن تعلم أنها جامعات حكومية غير ربحية، وأنها تقدم خدمة للطلبة من أجل تأهيلهم لخدمة وطنهم، ومن المؤسف أن رسوم الساعات المعتمدة في بعض الجامعات الرسمية لا تختلف كثيراً عن الجامعات الخاصة، فالجامعات الخاصة تقدم خصومات ومنح وتسهيلات تجعل من تكلفتها لا تزيد إلا قليلاً عن الجامعات الرسمية.

إن تفاوت رسوم الساعات المعتمدة بين الجامعات الرسمية الأردنية لا يدلل على تفاوت في المستويات بقدر ما يدل على خلل في الأولويات، وعدم مراعاة الطلبة وظروفهم، كما يدل على إن المتحكمين بالرسوم الجامعية يعيشون في أبراج عاجية، لا يشعرون بمعاناة المواطنين، ولا يهمهم ما يكابدونه من أجل توفير الرسوم الجامعية مقابل حرمان أسرهم وأنفسهم من أبسط متطلبات الحياة الكريمة.

إن ما تحاول الجامعات الحكومية الأردنية أن تخفيه هو أن الطالب الذي يدرس على نفقته الخاصة، يتحمل فعلياً نفقة دراسته ونفقة دراسة طالب آخر يدرس مجاناً بأي شكل من الأشكال.

أي إن الجامعة عندما تحتسب كلفة تعليم الطالب في الجامعة تستثني الطلبة الذين يدرسون مجاناً، وتحمل الطلبة الذين يدرسون على النفقة الخاصة نفقة جميع الطلبة، وهنا تكون القسمة كبيرة، وكلفة التعليم مرتفعة، وهنا تصدق الجامعة في قولها بارتفاع كلفة التعليم، ولكنها اقترفت ظلماً عظيماً عندما حملت طلبة النفقة الخاصة كلفة تعليمهم وتعليم غيرهم.

إن من أبسط بدهيات الأمن الاقتصادي والاجتماعي أن تتناسب الرسوم الجامعية مع متوسط الدخل القومي للأسرة الأردنية، حتى تستقيم الأمور وتتوازن، فليس من المعقول أن تكون الرسوم الجامعية في الأردن الأغلى في المنطقة نسبة إلى الدخل، وبإمكان الجامعات أن تغطي عجزها -إن وجد- بطرق مختلفة وكثيرة ليس منها بالتأكيد رفع الرسوم الدراسية وتحميل الطلبة عبء الخلل الإداري والمالي، وغياب الخطط المدروسة، وضعف إن لم يكن غياب الرؤية المستقبلية الواضحة.

‏mosa2x@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد