الجامعات بغياب الاسلاميين و( دراويش ) وطن واليسار .. !

mainThumb

22-08-2009 12:00 AM

محمد حسن العمري
لم يبحث احد في الانتماء او الايدلوجيا التي تمخضت عنه نتائج اخر انتخابات جرت قبل اقل من عام في الجامعة الاردنية ، والتي جاءت بعد عشر سنوات من اكثر القرارات اعتباطا في تاريخ الجامعة والتي الغت الانتخابات او نصفها ، واعتمدت نظام التعيين الانتقائي، الانتخابات التي افرزت اغلبية ساحقة من مسمى جديد يختلف عن ذات المسمى اذ كنا نسمع سابقا ، مسمى ( المستقلون ) ، وفي المرة الاولى اذ سمعت هذا المسمى اعتقدت ان التيار الوطني والذي كان في عهدنا قبل نحو عشرين سنة تيارا زاحفا ببطء ياخذ نصيبه من حصة الحركة الاسلامية ، وحلفائها حيث كنت اجد نفسي ذلك الوقت ، وتوقعت ان هذا التيار قد استفاد من تجربة تغيب الحركة الاسلامية عن الساحة فنهض صاروخيا اذ عادت الانتخابات ، فاي مرشح كان ينجح تحت قائمة المستقليين كان وضعه نهاية الامر يتبلور في قوائم وطن – او تيار اليمين – وهو نفس الحال او شبيهه ما يحدث في انتخابات مجلس النواب الاردني..!

لكن المفاجأة بالنسبة لي وربما لكل من يعرف اليوم ان تيار المستقليين ( الجدد !) – اذ صح التعبير – هو ليس بالتيار الوسط او اليمين ، بل هو تيار عام يجتاح الجامعات الاردنية اليوم في ظل غياب او هيمنة للحركة الاسللامية وفلول اليسار وحتى تيار وطن الذي تواضع تمثيله كذلك ، فالمستقلون الجدد هم فئة الاصدقاء والشلل الجامعية ، التي كانت موجودة سابقا وتغيب في الانتخابات او تدعم في الغالب احد التيارات الثلاثة حسب العلاقات ومن غير تنسيق ، لكنها اليوم اصبحت تيارا يقود الجامعات بالفعل في ظل غياب او تغيب على مدار عشرة سنوات ، فاي شاب او بنت يحظى بتأيد مجموعة من الاصدقاء واصدقاء الاصدقاء قادر على عمل تجمع مرحلي يخوض الانتخابات من خلاله ، ويفوز على تيارات عمرها في العمل الطلابي عشرات السنيين ، وهو ما يمثل توجه الطلاب اليوم ، وهذه الفئة من الطلبة في غالبها تمثل الانفتاح الجديد غير الذي كنا نعرف ايام الجامعات ، يعيشون ، يلعبون ، يتسامرون ، ،، الى اخر مراحل الانفتاح الذي يعرفه كل من يزور الجامعات الاردنية اليوم ، هذا الانفتاح المزدوج مع الاستلاب والذي يقود في غالبه الى انزلاقات نكون كالنعام اذا اغفلنا ذكرها اليوم ، انزلاق يطال مجتمع طلابي رؤيته السياسية محدودة ، ويسير باتجاه ابسط ما يمكن وصفه انه خارج منظومة القيم والاعراف الاردنية السائدة..
***

عندما قرر الدكتور المعاني الذي هو اليوم وزير التربية ، الغاء الانتخابات بالجامعة الاردنية قبل نحو عشر سنوات ، وكانت ثورة التكنولوجيا – الانترنت والموبايل والستالايت – في بدايتها ، كان الدكتور الكريم يحاول مغازلة الحكومة بتغيب التيار الاسلامي و بقية الاحزاب كرئيس جامعة اكاديمي يحاول ان يسجل دورا سياسيا ، وهو الذي لم يكن معروفا بالمطلق بالعمل العام خارج اسوار الجامعة ، على خلاف معظم اساتذة الجامعة الاردنية ، وخصوصا الذي سن قانون الانتخاب العام قبله دولة الدكتور عبدالسلام المجالي ابن المؤسسة العسكرية وصاحب الرؤية الثاقبة ، والتي عبر عنها ذات يوم وهو رئيس للجامعة بحضرة الامير الحسن ، عندما قال ان الجامعات في العالم اجمع ليست للدراسة فحسب لانها تمر في اخطر مرحلة يعيشها الانسان في حياته ، وهو الذي جعله يؤمن بضرورة تفعيل الانتخابات الطلابية رغم قدومه من القطاع العسكري ، وكذلك الذي جاء بعد الدكتور المعاني ليثبت خطأ قراره ، وهو الدكتور خالد الكركي ، العلم الذي في رأسه نار ،وهو القادم من رئاسة اكثر المواقع الرسمية حساسية ، من الديوان الملكي الهاشمي ، وكلاهما : المجالي الذي سن اول انتخابات عامة ، انتخابات اللجنة التحضيرية ، والكركي الذي أعادها ، كلاهما والدكتور كامل العجلوني الذي اقر انتخابات جامعة العلوم و التكنولوجيا قبل عشرين سنة ايضا لم يكن اي منهم مضطرا لمغازلة الحكومة فولاء الجميع للدولة ليس بحاجة لصك اثبات ، وقراراتهما كانت نابعة من الفهم العام لدور الجامعات في
العالم اجمع ، فاعرق الجامعات الفرنسية كان لها ممثلا دائما في البرلمان مثلا، لان الجامعات ليست وجها اكاديميا فحسب بل هي مظلة تحفظ شباب اي مجتمع من الفراغ والانزلاق الى اي شيئ ، هذا الشيئ كالذي نراه اليوم في جامعاتنا ، رعاه الغياب الرئيس لدور الطلبة في العمل العام والذي كانت تتبناه الاتجاهات السياسية ، وحل في غيابه للاسف ثقافة الفراغ والاستلاب التي نرى..
***

اليوم وانا اشاهد هذا الاستلاب الذي يتغول في الجامعات ، الاردنية ولم اعد منتميا باي شكل لتيار سياسي الا ما يمليه علي رأيي الشخصي في كل قضية منفصلة ، لو كان عندي ابناء او بنات في الجامعة لتمنيت عليهم ان يكونوا اعضاء في الحركة الاسلامية او اي تيار اخر ، يحميهم مما نرى ويؤسفنا على كل الاحوال انه يحدث هنا في الاردن ، فالتيار الاسلامي وبمحافظته المعروفة حمى ألاف الطلبة الذي انتموا تحت لوائه او ساندوه ، حماهم من الانزلاق في امور كثيرة كان مجتمعنا الاردني بغنى عنها ، وحتى اليسار الاردني الذي تابعت فلوله في الجامعات ، كان تيارا محافظا كذلك ، يخجل طالب يساري في عهدنا ان يـتأبط ذراع طالبة يسارية بخلفية شيوعية مثلا داخل اسوار الجامعة ، كأن اليسار الذي شاهدت بعض اخره في الجامعات تيار محافظ و( دراويش ) يختلف عن ما كنا نسمع عن افتاح اليسار العربي في بلاد اخرى ، اما تيار وطن فبعضه كان محافظا اكثر من التيار الاسلامي ومعظم من ينتمي له كانوا من القادميين من القرى ، كان بعضهم ينظر للقادمين من القرى مثلي انا وينتمون الى التيار الاسلامي بعدم الارتياح ، كانوا يعتقدون ان مثل هذا الانتماء يضفي شرعية اكبر على التيار الاسلامي ، هذا الشعور كان يفرض على صديقنا حسام غرايبة رئيس اللجنة التحضيرية الذي خلف فيها وضاح خنفر ان يرتدي الشماغ الاحمر دائما ، كما كان قفعل وقتها عبداللطيف عربيات رئيس مجلس النواب عن الحركة الاسللامية ، المهم ان التيار الوطني كان كما الاسلامي واليسار تيارا محافظا منسجما مع المجتمع المحلي في سلوكياته الجامعية ، ترأس هذا التيار ذات مرة صديقنا محمد المقدادي ابن احدى القرى الشمالية ، كان يحمر وجهه ووجنتيه ، وتزداد قامته قصرا اذ خاطبته فتاة تنتمى لذات التيار الذي يترأسه ، ثلاثة تيارات لم تكن متوافقه في ارائها في ذلك الوقت تجمعها مظلة التنافس و الانسجام كل الانسجام في سلوك مجتمع نعرف ابجدياته من الالف الى الياء ، هذه السلوكيات التي بعدت وبعدت كثيرا ، وليست بحاجة الى من يدلل عليها ، انا قادم في اجازة الى الاردن منذ ايام واستخدم احد مقاهي الانترنت امام الجامعة الاردنية ، في ساعات متاخرة لانجاز عملي، تدخل زمر من الطلبة والطالبات في ساعات متاخرة من الليل يلعبون الالعاب الجماعية اونلاين ، ويصل الامر الى ما هو ابعد من ذلك ، تجلس فتاة الى حجر طالب على نفس الكرسي او على طاولة جهاز الكومبيوتر امامه ، لما تشاهد مثل هذه المواقف تعلم ان يجد
( المستقلون الجدد ) في الجامعات دورهم الريادي ، هذا الدور الذي اوصلته قرارات اعتباطية ، للاسف لم تخدم المجتمع ، ولم تخدم جيل قادم لا ندري اين سيلقي احماله هذه...!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد