الوظيفة من أضيق أبواب الرزق ..

mainThumb

19-08-2009 12:00 AM

عطا المناصير

العمل عبادة كما حض على ذلك ديننا الحنيف , والعمل بشتى صنوفه وأشكاله مطلوب من الفرد الذي هو جزء من لبنة من لبنات المجتمع, والمجتمع لا ينمو ولا يتقدم باستيراد الأجهزة والمعدات ووسائل البناء إنما يتقدم بسواعد أبناءه عندما يصنع إنسانا مؤمنا بواجبه نحو بلده وأمته وشعبه ليكون عنصرا من مجموعة عناصر بناءة هدفها الخدمة والإنجاز.
جاء أحدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه قدوما وقال له : أذهب وأحتطب وبع..وجاء في الحديث أيضا اليد العليا خير واحب إلى الله من اليد السفلى.
إن المفاهيم التي تسود المجتمع هي المنظور الذي نرى من خلاله الحياة والأشياء بعدسة واسعة, ولكن ثمة مفاهيم مجتمعية تشكلت في فترات مختلفة كانت نتيجتها مضرة ومملة بحق المجتمع بأكمله, ومن هذه المفاهيم التعاطي مع العمل وفق منظور شخصي بحت لدى غالبية كبيرة من أفراد هذا المجتمع فهموا العمل على انه الوظيفة فقط وما يترتب عليها من راتب شهري بغض النظر عن مقداره حتى لو كان زهيدا وقد ساد هذا المعطى وما زال في مجتمعنا المعاصر بما يحمله من تناقضات ليس اقلها التأثير على الاقتصاد والتجارة والقيم الاجتماعية السائدة بكافة مكوناتها فحسب . إذ أن ظروف المجتمع عالميا ومحليا أدت إلى محدودية الوظيفة الحكومية وفرص العمل المتاحة للعمال (القوى العاملة) في المؤسسات والشركات, وبالمقابل اصبح الاستنكاف عن العمل والبطالة والجلوس لفترات طويلة وفق هذا المفهوم ظاهرة في المجتمع تستدعى إيجاد الصيغ والحلول المناسبة لدمج الشباب في سوق العمل والقضاء على ثقافة العيب النمطية السائدة لا سيما وان هؤلاء الشباب هم العنصر الأساس في المجتمع. هذه الثقافة التي أدت بالشاب إلى أن يربط مستقبله وكيانه وحياته (سواء بناء بيت أو أسرة وشق طريق المستقبل) في انتظار الوظيفة المعهودة وما ديوان الخدمة المدنية إلا خير شاهد على ما نقول.
إن نتيجة هذا الانحراف المفاهيمي أدت إلى ما أدت إليه من ارتفاع مستوى البطالة وزيادة أعداد العاطلين عن العمل الذين كان بإمكانهم أن يشاركوا في العملية الإنتاجية في أوسع صورها ومجالاتها , بالمقابل فان التجارة ( العمل الحر غير المأجور) هي السبيل إلى التقدم والرقي لادارة رافعة البناء والتقدم في أي مجتمع, ذلك أن الفرق بين العمل المأجور وغير المأجور يتجلى في أن هذا الأخير هو المجهود الشخصي والمعرفي والجسماني والفكري الذي يقوم به الشخص لطلب الرزق بعينه بعكس الوظيفة التي هي جمود وانعتاق واعتماد على راتب (معاش) بئيس دائما ما ينتهي في أول الشهر, وهذا مشاهد ومعروف للجميع إذ كم من أشخاص افنوا أعمارهم وزهرة شبابهم في وظيفة أو عمل خرجوا منهما خاليي الوفاض لفضتهم إلي فتات التقاعد ومخلفات الضمان برواتب لا تسمن ولا تغني من جوع بعد أن عاشوا حياتهم على رواتب كانوا هم بها فقراء لانهم باختصار شديد شكلوا أنفسهم ومستقبلهم بناء على راتب محدود ينتهي في بداية الشهر كما أسلفت ليعودوا بعدها من جديد في حلقة مفرغة من العوز والفقر والعناء بعكس الذين يعملون بالتجارة التي تعتمد على بركة الخالق ولربما يحصل الفرد فيها على صفقة رابحة واحدة تكفيه وأولاده العمر كله وكم نعرف من أناس بدأوا رحلة عملهم بتجارة بسيطة وانتهوا بأن أصبحوا أصحاب رؤوس أموال يملكون الملايين لا بل يشار إليهم بالبنان .
أن ثقافة العيب في المجتمع أدت إلى تقلص فرص العمل والإنتاج وقضت على الإبداع المتوفر لدى الكثيرين من الشباب وعدم النظر إلى الواقع المعرفي من خلال فرص العمل المتاحة بين ثقافة المجتمع والواقع.
إن مسؤولية الفرد في بناء مجتمعه والمساهمة في إدارة دفة الإنتاج تجعله ينظر إلي هذا المجتمع بعين الواقع والحقيقة لا من خلال برج عاجي يعيش فيه بالأحلام والآمال, والنتيجة قطعا ازدياد أعداد العاطلين عن العمل والمساهمة في وقف حركة البناء والتدوير في البلد الذي يتوجب على الجميع المساهمة في بناءه وزيادة إنجازاته والمحافظة على مكتسباته وعلى عكس من ذلك نقول للباحثين عن الوظيفة : إن الوظيفة من أضيق أبواب الرزق.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد