وطني بيدر قمح

mainThumb

09-02-2009 12:00 AM

في بلاد الشام عموماً وفي المناطق التي تعتمد على الزراعة خصوصا زراعة القمح والشعير ..... يبدأ موسم الحصاد في ايار ، وغالبا ما يحصد الشعير باليد ، يعقبه حصاد القمح حيث يخرج جميع الرجال والاولاد القادرين بمناجلهم قبيل شروق الشمس لحصاد القمح ، وهم يغنون خلال الحصاد : منجلي من جلاه راح للصايغ جلاه وقبيل الضحى تحضر لهم احدى نساء البيت طعام الافطار فيغنون لها جابت الغدا والصبوح ياخدها برق يلوح... تتم عملية الحصيدة بالمنجل حيث ينحني الرجال والنساء والاطفال القادرين على العمل لساعات طويلة تحت اشعة الشمس اللاهبة يتحزم معظمهم بقطعة قماش لتسند ظهره وتكون عون له ......يتم الامر بتجميع السنابل على شكل كومة كبيرة تسمى البيدر........ عندما يرى الفلاحون واصحاب الارض البيدر ينسون تعب الايام وحرارة الأجواء ..... و يكون ذلك البيدر مدعاة فخر وإعتزاز وعليه يعتمدون في سداد الدين وتزويج الابناء ....وقد يكون ملتقى العشاق وعنوان المحبين... يكون تجميع البيدر سنبلة سنبلة وحبة قمح على حبة قمح وعود قش ملتصق بعود قش حتى صار حجمه بنظر الجميع كالطور العظيم ..... نعم انه وطني الاردن أجيال تعاقبت على بناء بيدره وتجميع حباته حبة حبة وسنبلة مع سنبلة وطني قد يراه من اصيبوا بقصر نظر انه صغير بمساحته، ولكنهم لا يعلمون انه كبيدر القمح كبير بعطاءة ، بُني على أكتاف الرجال الصادقين الذين انحنت ظهورهم وتجمد الدم في عروقهم وهم يحملون منجل البناء والتعمير ... وطن ما كان ليكون بالصورة التي هو عليها الان إلا بجهد المخلصين من الرجال الذين لم تفتر همتهم في يوم من الايام ولم ترخص دمائهم إلا لحُبه ولترابه ... رجال هناك شيدت اضرحتهم بجانب اضرحة الصحابة ... إن مررت بأرض الكرامة ستجد ريحهم كريح يوسف عليه السلام ، اصبحت اجسادهم تربة خصبة لبيارات البرتقال في الاغوار ، ومصنع للرجال في الزرقاء ومنارات علم وجامعات في اربد والمفرق ومعان والكرك ....لم تسمع لهم صوت تذمر من عمل او بناء كان شعارهم يدا تبني واخرى تحمل السلاح....تثور ثائرتهم ان اشار احدهم ببنان الغدر والخيانه لذرات ترابه وتغلي الدماء في عروقهم ان حاول خائن التطاول على شرفه وكرامته .... لن نسمح لمجنون القرية ان يرمي عود الثقاب على بيدرنا ...ولن نسمح للمتخاذلين الذين يشدون على يدي الخونه لنثر حبات القمح وتدمير سنابله ... وطني كالصخرة المنيعة التي تتحطم عليها افكار الهدم والتخريب ....وطني عصي على "كوبان" وامثالة...إن كانت يدي ستكتب ضدك يا وطني فبترها أول عملي وإن كانت طفلتي ستتنكر لك يا وطني فوئدها الان شرفي وأسمى غايتي.... ليعلم العالم ان بطون النساء حبلى بأمثال هؤلاء الرجال فالاردنيون الشرفاء يعلمون ان العرق دساس وانهم بحاجة لأمثال "فراس العجلوني وموفق السلطي وحابس الكركي وعودة الحويطي وعيال حسن واهل المشاريق ....واخوات عليا واخوات فاطمة واخوات نوشة واخوات وطفى واخوات بسمة ...... وطني حصن منيع في وجه الأقلام المسمومة والفئران المختبئة في سراديب الظلام ...اعدك يا وطني انني لن اتشائم من صوت البوم ولا نعيق الغراب ولكنني سأعلم ابنائي ان هذا الوطن ما وصل إليهم إلا بجهد رجال "....صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد