الحروب لا تحمي إسرائيل

mainThumb

12-01-2009 12:00 AM

بشنها حرب "إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، بذريعة حماية مواطنيها من صواريخ حماس تكون "إسرائيل" قد أجرمت بحق نفسها، مثلما أجرمت بحق "الشعب الفلسطيني" .

إن توفير الأمن لمواطني إسرائيل وحمايتهم من قوة المقاومة الفلسطينية وصواريخ حماس لا يمكن أن يتحقق بالحروب ولا بالمجازر ولا بسفك دماء الأبرياء بل بإعادة الحقوق إلى أصحابها من خلال التخلي عن "الأرض" التي تحتلها إسرائيل والاعتراف بحق "أصحابها" بإقامة دولتهم المستقلة عليها.

تكون إسرائيل جاهلة بدروس التاريخ وعبره ، إذ هي استمرت في اعتمادها على آلتها العسكرية القوية، والدعم السياسي والدبلوماسي التي تلقاه من قبل بعض القوى الدولية لضمان استمراريتها كدولة، وعيشها بسلام وأمان، مع تنكرها بنفس الوقت لحقوق الغير والاستمرار باحتلال أرضهم.

وتخطئ إسرائيل أيضا إذا استمرت في اعتقادها بان استخدام القوة العسكرية يمكن أن يدفع الشعب الفلسطيني إلى التخلي عن حقوقه المشروعة، أو يطفئ جمرة النضال والتحدي الذي يخوضه منذ حوالي قرن من الزمان لتحقيق طموحة بإقامة دولته على أرضه الفلسطينية.

إن حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل الآن ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وازدراءها بالقيم الإنسانية وخروجها على القانون الدولي، وتجاهلها لكل الدعوات والنداءات والقرارات التي تطالبها بوقف تلك الحرب المسعورة، لن تكون في صالح إسرائيل وأمنها لا على المدى القريب والمتوسط ولا على المدى البعيد، بل تصب في صالح الخطاب المتشدد (فلسطينياً وعربياً) الرافض الاعتراف بإسرائيل.

إن الملايين من الشعوب العربية الذين يتابعون، على الهواء مباشرة، المجازر الوحشية الإسرائيلية ضد أشقائهم في غزة، خاصة الأطفال والنساء والشيوخ ، يتهيئون لخلق جيل جديد من «المتشددين» الذين سيرفضون الاعتراف بإسرائيل وقبولها كدولة في وسط إقليمنا العربي، وسيسعون إلى محوها بكل الوسائل، إذ مع استشهاد كل فلسطيني بسلاح إسرائيلي يولد مائة «حمساوي» جديد في العالم العربي.

إن لجوء إسرائيل للحرب (وبهذا الشكل) وتأييد غالبية الإسرائيليين لها، ((تقول استطلاعات الرأي إن 82 % من الإسرائيليين يؤيدون الحرب التي تشنها إسرائيل ألآن على قطاع غزة))، خلق انطباع لدى الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط ، بان المجتمع الإسرائيلي وقيادته السياسية لازال مرهون لثقافة الحرب وليس لثقافة السلام، وإن الإسرائيليين يندفعون للحرب لأنهم يكرهون السلام، ويعتبرون أن القوة هي خيارهم الوحيد ولغتهم التي لا يعرفون لغة غيرها، وان الحروب تجرى في عروقهم مجرى الدم، وان الفكرة التي تروج لها النخب السياسية الإسرائيلية بان إسرائيل والإسرائيليين محبون للسلام هو زعم كاذب.

كيف لنا إذا أن نتصور يوماً بان الشعوب العربية ستقتنع بأنها تستطيع أن تعيش بسلام مع إسرائيل والإسرائيليين. يبدو إن جهل ساسة إسرائيل وجنرالاتها بدروس التأريخ، دفعهم لرفض الاستجابة إلى مبادرات السلام المختلفة والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، كونها طريق الخلاص الوحيد والأنجع لمشكلة إسرائيل الأمنية، والخلاص من الحروب وآثارها المدمرة والتي عانت منها شعوب المنطقة منذ أكثر من ستين عاما". لقد حان الوقت لان تتوقف إسرائيل عن لعب دور الضحية، وتصوير نفسها "كذباً" بأنها الطرف الأضعف وإنها دولة صغيرة محاطة من جميع الجوانب بملايين العرب والمسلمين الذي يسعون (كما تزعم) إلى محوها من على الخريطة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد