ماذا بعد المصالحة العربية .. ؟

mainThumb

23-01-2009 12:00 AM

اثلجت قمة الكويت صدور ابناء الامة العربية ، فقد كانت نهاية لكابوس مرعب ، عاشته الامة على مدار ثلاثة اسابيع من العدوان الهمجي ، وحرب الأبادة ضد ابناء غزة ، فتزامنت انباء المصالحة مع نهاية العدوان ، لم ينغص فرحنا بهذه النهاية السعيدة ، الا آثار العدوان الصهيوني ، شهداء وجرحى غزة البطلة ، وصور الدمار الذي لحق بالقطاع الباسل .

لم يكن الكابوس الذي عشنا رعبه ، ناجم عن ضربات العدو ، بل رعبا مما آل اليه حال الامة العربية خلال ايام العدوان ، من تشرذم وانقسام ، فلسطيني وعربي ، ولسان حالنا يقول ، اللهم احمني من اشقائي ، اما اعدائي فانا كفيل بهم

بقدر ما اثارت مصالحة الكويت تفاؤلنا ، بقدر ما اثارت فينا الشجن والألم ، فبكلمة قصيرة من خادم الحرمين الشريفين ، طويت ظاهريا صفحة الخلاف ، وكأننا امام مصالحة عشائرية انتهت ببوس اللحى ، ونسيان الماضي ، ولن يكون في ذلك عيب مستقبلا ، ان اكتملت المصالحة على اسس واضحة ، توحد موقف الامة في قادم الايام ، وترسخ لحد ادنى من التضامن العربي ، بعد توضيح الاهداف ومعالم الطريق ، فما زلنا نضع ايدينا على قلوبنا ، ان لم تتبع تلك المصالحة ، خطوات عملية تؤسس لنهج عربي جديد ، لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة ، وهي كبيرة وخطيرة .

فالانشقاق الفلسطيني ما زال قائما ، لم يبدأ أي جهد قومي لحله ، والجرح الفلسطيني الذي تعمق اثناء العدوان ، ما زال ينزف ، ونقاط الخلاف تزداد ، واخرها على مسؤولية صرف اموال الدعم العربي ، وثقافة التقسيم والتخوين والاتهام ما زالت هي السائدة ، ففي غزة سلطة فلسطينية تقودها حماس ، لا يبدو انها على استعداد لتقييم المرحلة الماضية ، تقول انها سلطة المقاومة ، تحتفل بالنصر على العدو ، وتكيل الاتهامات لسلطة في رام الله اعترف بها العالم ، ونخشى ان يتجدد ويترسخ شعار " كل السلطة للمقاومة " ، وفي نفس الوقت هناك سلطة في رام الله ، تمثل الشرعية المنتهية صلاحيتها منذ الاسبوع الماضي ، اضعفت وانهكت من قبل العدو اولا ، عندما راوغ وماطل في دفع استحقاقات السلام ، فجاء العدوان الاخير على غزة ، ليضعها على اعتاب مرحلة لا تحسد عليها ، حيث اصبحت موضع اتهام "سلطة المقاومة" بالتواطؤ مع العدو في هجمته الاخيرة ، ولكل من السلطتين اصطفافاته وتحالفاته على الساحة العربية ، وهناك اعلام خبيث ، يتحدث ليلا ونهارا عن شعب غزة وسلطة غزة ، وكأن غزة وشعبها لا يمتون لفلسطين بصلة ، متناسيا ان هناك شعب فلسطيني واحد ، في الضفة والقطاع ، مشلول الارادة ، ولن ينعش دوره ، الا انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة ، يختار فيها قيادته الموحدة ، فلا بد من دور قومي في تهيئة الأجواء ، كي يمارس الشعب الفلسطيني دوره في الحل الديمقراطي لمعضلة التقسيم .

وهناك ايضا مؤامرات خبيثة ، تطرق لها جلالة الملك في حديثه ابان العدوان ، تنتظر ان يصبح التقسيم امرا واقعا ، تبرر لاسرائيل تهربها من استحقاقات السلام ، واهمها الدولة الفلسطينية المستقلة ، وهناك مواطن عربي ، اصبح يخشى المستقبل ، ويرتاب من سلام لن يقوم بين قوي وضعيف ، سلام مع عدو لا يتورع عن استخدام كل الاسلحة الفتاكة والمحرمة ، لقتل العربي اينما كان ، وبأي حجة يستطيع العدو ابتداعها ، في ظل الحملة الدولية على الارهاب ومن يرعاه ، فمن يستطيع ان يردع اسرائيل ، عن ضرب أي مدينة عربية مستقبلا ، او عن ضرب مسيرة جماهيرية فيها ، بحجة انها تضم ارهابيين معارضين للسلام ، ففي ظل اختلال ميزان القوى ، وهذه العربدة الصهيونية التي لا تجد من يردعها ، كل شيء ممكن .

مطلوب من قادة الامة ، ما هو اكثر من "بوس اللحى " ، مطلوب منهم التوافق والتضامن ، كي نصون مستقبل اجيالنا القادمة ، مطلوب منهم الاعداد للسلام ، الذي اختاروه كهدف استراتيجي ، بالتضامن والاستعداد لمعركة السلام ، واستغلال كل الطاقات والامكانيات والمتغيرات الدولية ، كي يكون سلاما عادلا ، يعيد الحق لاصحابه ، ويبعث الاطمئنان في كل النفوس ، وينتزع اسلحة الدمار من منطقتنا .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد