الازمة سياسية وليست دستورية

mainThumb

25-12-2007 12:00 AM

اعتقد ان البحث عن مخارج دستورية لانتخاب رئـيس الجمهورية في لبنان اصبح امرا عقيما, ولن يؤدي الى توافق بين الاكثرية والمعارضة على شخص الرئـيس. فالدستور الى جانب الاكثرية التي تستطيع, لو ارادت, ان تنتخب الرئـيس بالاكثرية المطلقة, حسبما تنص المادة 49 من الدستور. والدستور الى جانب الاكثرية في مسألة تعديله للسماح لقائد الجيش بترشيح نفسه لمنصب الرئاسة عبر مجلس الوزراء الذي اصبح يتولى صلاحيات رئـيس الجمهورية. والدستور الى جانب الاكثرية في مسألة عدم وضع شروط على رئـيس الجمهورية, قبل انتخابه, تحد من صلاحياته, والمعارضة تعرف جيدا ان الحكومة دستورية لانها تحظى بثقة البرلمان. كل هذا يعرفه جيدا الرئـيس بري رجل القانون البارع, ولكنه يتجاهله عمدا بسبب ضغوط داخلية وخارجية.

المسألة اذا ليست دستورية, والخلاف ليس حول تفسير الدستور. انه خلاف سياسي تحاول المعارضة ان تلبسه لباسا دستوريا, خاصة عندما تتذرع بعدم شرعية الحكومة زاعمة انها تخالف اتفاق الطائف الذي ينص على مبدأ العيش المشترك متناسية ان الذي خالفه هو من استقال من الحكومة واضعا شروطا تعجيزية وغير دستورية للعودة.

الاقلية المعارضة تريد فرض شروطها على الاكثرية لتوافق على انتخاب العماد سليمان رئـيسا للجمهورية, رغم انه, اصلا, كان مرشح المعارضة قبل ان ترشحه الاكثرية رسميا. وكان من المفترض ان لا تضع اية عراقيل امام انتخابه.

لقد اشترطت المعارضة سلفا الاتفاق على المرشح لرئاسة مجلس الوزراء, مع ان هذا من صلاحية رئـيس الجمهورية. والاتفاق كذلك على حصتها من الوزراء. وقد عبر عن هذا الرأي بوضوح وزير الخارجية السورية وليد المعلم في تصريحه لجريدة »الحياة«, فقال:»لا يمكن ان يجري انتخاب رئـيس للبنان الا اذا وافقت الاكثرية ان تعطي للمعارضة الثلث المعطل, وان يعطى رئـيس الجمهورية خمسة وزراء«. اي ان يكون للمعارضة احد عشر وزيرا, وللاكثرية اربعة عشر وزيرا. وبهذه القسمة لا تستطيع الاكثرية ان تتخذ اي قرار حتى لو اتفقت مع رئـيس الجمهورية, لان فيتو الاقلية اقوى. وهذا مخالف لكل التقاليد البرلمانية. وهذا ما حدا بمرشح الرئاسة العماد ميشيل سليمان ان يوجه تساؤلا للمعارضة: لماذا لا تثقون بي? وقد علق الجنرال عون على تصريح المعلم قائلا: »من الطبيعي ان يكون الطرح السوري اقرب الى طرح المعارضة..«.

لقد ردت الاكثرية على شروط المعارضة التعجيزية برفضها الانتقاص من صلاحيات رئـيس الجمهورية المنصوص عنها في الدستور من حيث طريقة تشكيل الحكومة بعد الاستشارات النيابية الملزمة. اما الكلام عن الثلث المعطل, فترى الاكثرية, متنازلة عن حقها الدستوري, ان يكون الثلث المعطل بيد رئـيس الجمهورية. فلا تستطيع الاكثرية ان تتخذ قرارا الا بموافقته, ولا تستطيع المعارضة ان تعطل قرارا الا بموافقته. هذا هو فهم الاكثرية للرئـيس التوافقي الذي يجب ان يحظى بثقة الطرفين, وعندما ترفض المعارضة هذا الاقتراح, فهذا يعني انها ترفض صيغة »لا غالب ولا مغلوب« ما قد يؤدي الى تفجير الاوضاع الداخلية.

ان تأجيل جلسة البرلمان اسبوعا آخر لن يؤدي الى حل المشكلة ما دامت المعارضة متمسكة بشروطها التعجيزية. وسيؤدي هذا الى استمرار حالة الفراغ في البلد. وهذا ليس في مصلحة المعارضة, كما يعتقد قادتها, بل هو ضد مصلحة لبنان شعبا ودولة, معارضة وموالاة, ولا يخدم سوى مصلحة من يتربص شرا بهذا البلد المنكوب الذي آن له ان يستريح.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد