دور الفساد الإداري في انهيار الإمبراطوريات والدول

mainThumb

02-02-2009 12:00 AM

لو تصفح أي منا التاريخ سفرا سفرا بعين ثاقبة وبصيرة نافذة وفكر مستنير وهو ممسك قلمه واضعا جملة هامشية لكل صفحة أو مجموعة صفحات أو حتى فصول منها لخرج بمفهوم عام مشترك وخلاصة تعمم من كل عصر أو حقبة من حقب هذا التاريخ على مدى تعاقبه ، ثم بدا ينعم النظر والفكر مدققا... لوقف بدهشة وذهول عندما يجد أن بداية انهيار كل امبراطورية أو مملكة أو حتى دويلة ناجم عن مرض عضال سببه زعاف سم الفساد الإداري أكان هذا قد بدأ من قاعدة المجتمع مستعليا أو من أعلاه مستوطيا وكل ذلك أدى الى الإنهيار وبعد ذلك الإندثار .

فما هو الفساد الإداري إذن ؟ وكيف يستشري لإي الأمة ؟ وما عاقبة ذلك ؟ وبداية الادارة هي فن تسيير وتدبير الأمور بحكمة وحنكة وخبرة ودراية بنظام وتخطيط لتوفير الجهد والوقت والمال من أجل الوصول إلى نتاج أفضل ومثالي .

ومن هذا التعريف نستنتج أن الهدف من الإدارة الوصول الى انتاج بأفضل صورة واحسن صفة وبجدوى فيها الخير للجمهور بحيث يتم فيه توفير الجهد والوقت والمال حتى يكون مربحا ومؤديا الهدف والغاية من وجوده ، واذا لم يكون كذلك فعلينا أن نسأل أين يكمن الخلل ؟ وما سبب ذلك ؟ ومن هو الشخص أو الهيئة التي سوف نسأل...أجل انه المدير أو الادارة ... ومهما كان موقعه في السلم الإداري يجب مساءلته ذلك أن أي عطل في درجة من درجات هذا السلم سوف يؤدي الى إعاقة الحركة بأكملها وبالتالي عدم القدرة على اكمال عملية السير والصعود السوي ، وهنا بالتاكيد سوف تكون جدواه ومنفعته للعامة و الجمهور خاسرة وبذلك يضيع الجهد والوقت والمال .. فما السبب وكيف تم هذا العطل ؟

نتساءل هل الشخص ( المدير ) عند هذه الدرجة من السلم هل قام بواجبه على الوجه الأكمل ؟ وهل هو كفؤ لأن يقوم بدوره في مكانه ؟ وهل لديه الخبرة الكافية والألمام التام بمهام عمله ؟ وإن كانت لديه الدراية والخبرة التامتين ترى هل ابدى تقاعسا واهمالا ؟ وما هو الهدف من اهماله ؟ هل كان ذلك عن قصد وتعمد ؟ أم هل اعطى الفرصة للعابثين ممن حوله للتدخل لتحقيق مآرب شخصية آنية على حساب مصلحة العامة ؟ مما أدى الى إفساد خطة مسير قافلة البناء والعطاء وإفشال الهدف منها .

وهذه المفسدات كما يطلقون عليها من اسماء او يدعونها ( محسوبية ،رشوة، واسطة ، تسيير أمور) كلها شيء واحد يعيق الأداء ويخرب العمل ويفشل النتيجة .

ولا بد ان نتذكر ان المفسدات هذه لا تكون فقط من الناحية المادية العينية بل وتكون معنوية كذلك ، فقد تكون الرشوة (على سبيل المثال) بكلمة نافذة من مسؤول على من هو من دونه أو باسلوب مؤثر يدغدغ العواطف والأحاسيس أو بصلة قرابة أو نسب وهنا يكون الامر تعصبيا جاهليا اخرق ، وكل هذه تؤدي الى هدر الجهد والوقت والمال واضاعتها في الطريق الضال والأسلوب الخطأ فالحكمة لم تأخذ دورها ، والخبرة والدراية وجهت في وجهة بعيدة عن جادة الحق والصحة ، فكان الناتج والمردود بالنسبة للسواد الأعظم من الدهماء سيئا حيث الفائدة المرجوة والمخطط لها حصرت في افراد معدودين استغلوا حقوق العامة لمآرب شخصية ، فالخير لم يعم كما كان مفترضا وخطط له .

إن كل عنصر من عناصر الأداء له دور فعال تراكمي حيث يكتمل هذا بمجموع الأدوار كلها دون تجاهل لأي دور أو إنقاصه فالأدوار تكمل بعضها وتتفاعل مع بعضها للوصول إلى أفضل نتيجة وأعم فائدة ، فكل عنصر يجب ان يكون على ثقة لأن يقوم بما عليه ومعنى الثقة هنا هو التأكد من صلاحية وجوده .

وهنا أقف وقفة متأنية بتبصر وفهم وادراك لمعنىالحديث النبوي الشريف عندما قال صلى الله عليه وسلم (( أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك )) والمتبحر بعلم ودراية في هذا الحديث سوف يخلص الى حقيقة المجتمع الفاضل والدولة الفضلى ، كل فرد فيها يؤدي دوره كاملا دون نقصان ملتزما دون تقاعس جادا دون تلاعب مهتما دون اهمال ، يعرف ما عليه ليقوم به على اكمل وجه ، ويعرف ما له حتى لا يطمع وينظر ما بيد او حقوق وحدود غيره فيتمسك بقانون أداء واجبه من داخل نفسه عارفا واجبه فلا ينتظر من احد ان يخبره ولا ان ينهره ، عارفا كذلك أخلاقيات تنفيذ وتطبيق العمل بالصورة المتقنة اتقانا كاملا مما يوصله الى مبتغاه ومطلبه وهو في الحقيقة ذاتها هدف وغاية ومطلب الجميع الا وهو رضاء الله تعالى وبأن يشهد له المجتمع بأنه قد ادى أمانته على الوجه الصحيح والاكمل راجيا من الولى القدير المعونة والتوفيق والسداد ودوام رضاء الله تعالى عنه .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد