ما بين التعديل والتعليل

mainThumb

04-02-2009 12:00 AM

إن لم تخني الذاكرة فإن عدداً كبيراً جداً من الحكومات المتعاقبة قد تعرض إلى تعديل سواءً كان طفيفاً أو واسعاً، حتى أن هذه العملية أصبحت كروتين لا يمكن الاستغناء عنها، أو أنها هي الأساس في عمل كل حكومة.... ومع أهمية المراجعات في جميع مناصب الدولة، وما تعكسه هذه المراجعات من أثر ايجابي على الأداء، إلا أن هذه العملية لا بد أن تُسب?Zق بتعليلات توضح أهمية التعديل أو المراجعة وأسبابه، حتى تكون المصلحة العامة هي الأساس ومؤشر الأداء هو المقياس.

والسؤال، إذا كانت الحكومة قد عكفت على مشاورات كثيرة، والتقت أو تحدثت مع شخصيات متنوعة في مرحلة التشكيل، ثم تشكلت وسارت على برنامجها ( بغض النظر عن مستوى الأداء)، فهل كانت هذه المشاورات بالمستوى الذي يدعو للتغيير في ظرف سنة أو أقل؟ إن التعديل بهذه البساطة يعطي انطباعاً أن التشكيل كان خاطئاً أو شابته المصالح والأهواء، وهنا فمن باب الأولى أن يُحاسب قائد الفريق على تشكيلته التي لم تصمد للحد الأدنى من الوقت.

إننا بحاجة ماسة إلى الخبرة المتبوعة بالرقابة لتسيير أمور وزاراتنا وحكومتنا، وأن تبني كل حكومة على ما قدمت سالفتها، لا أن تنسف أعمالها وتبدأ من الصفر.

أما التطوير والتحسين فحالهُ ليس بتغيير الوزير، وإنما بتوفير الفريق الفاعل في كل وزارة ومراقبة عمل كل فرد وموظف، وتطوير إمكاناته وتحفيزه ليقدم الأفضل، كل ذلك من خلال البرامج المعدّة للتطوير والجوائز التي تساهم في إظهار المبدعين.

وهنا لا يسعني إلا أن أقدم اعتذاري للمستوزرين والمستوزرات الصالحين للوزارة والصالحات إذ أقول إننا بحاجة ماسة لتعليل التعديل قبل إقراره، أكثر من حاجتنا إلى التعديل نفسه، وأن يشمل التعديل فرق عمل الوزارات - من مدراء دوائر وأمناء عامين - لا وزرائها فقط، ليكون التعديل بناءً على برامج تنموية طويلة تتناسب مع الطموحات الوطنية والحاجات المستقبلية.

كما أننا بحاجة إلى التروي في استخدام الأصلح، حتى لا نضطر إلى تعديل قريب، ربما لا يكلف الحكومة سوى كلمة ولكنه يكلف الميزانية الكثير.

نحن بحاجة ماسة لبرامج في الجودة تطبق في مؤسساتنا ووزارتنا من أجل تحسين مستوى الخدمة أكثر من حاجتنا لتعديل الحكومة وتغيير مسميات وزارية. نحن بحاجة ماسة لإعادة النظر بالسياسات العامة للحكومة، ومراجعة شاملة لموقعنا الدولي والعربي والوطني، بحيث تشمل هذه المراجعة تعزيز الايجابيات وطرح للسلبيات.

نحن بحاجة إلى تعزيز الهوية الوطنية وتعميق الانتماء الوطني، من خلال برامج واضحة تشمل أهداف ووسائل قابلة للقياس.

نحن بحاجة لمراجعة شاملة لأوضاع المواطنين الاقتصادية، ونظرة جادة إلى تعديلات الرواتب والسلم الوظيفي ليتناسب مع فعالية الأداء المقرون مع مدة الخدمة.

كما أننا بحاجة إلى إعادة النظر في مخرجات التعليم، وإعادة تصنيفها لتواكب متطلبات العصر وسوق العمل. كل ذلك أبلغ وأهم من الاعتكاف على تعديل وزاري يقضي باستبدال وزير مكان الآخر، وإن كان ولا بُد فحبذا أن تكون هناك تعليلات وتفسيرات كافية تسبق وتشرح هذا التعديل وتبين أسبابه ودواعيه. من خلال منتديات مفتوحة ليقف كل فرد في هذا الوطن على خلفية هذه التعديلات والمشاركة في إبداء الرأي وتناقل المعلومة، من أجل الوصول إلى برنامج وطني واضح لتسيير أعمال وزاراتنا الرشيدة

. edu4us@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد