صحيفة السوسنة الأردنية

لا أعرف لماذا نحن مغرمون بالألقاب، والزيادات على الإسم حتى لو كانت هذه المسميات والألقاب فضفاضة على صاحبها ويبدو فيها وكأنه طفل لبس ثوب رجل..الكل يبحث عن لقب يدعم به اسمه..ك الدكتور.. المهندس.. الأستاذ.. المحامي .. فلان أفندي ...بيك.. ..باشا.. الخ.. ونرانا نهش لها ونبش ونظهر من الاهتمام بالشخص أكثر مما يستحق شخصه احتفاء بهذا اللقب! وما عرفنا أننا بهذا السلوك أغرينا آخرين وكلفناهم ما لايطيقون كي يحصلوا على هذه الميزة، وقد يسلكون سلوكا يرتكبون به جناية ليحصلوا على لقب يسندون به أسماءهم العارية من أي إضافة.

صديقي أرقه هذا الأمر، وطوف في البلاد وحاول جهده ليحصل على لقب حتى لوكان بسيطا، يدعم به نفسه في المجتمع لكنه لم يجد! مع أنه لا تعوزه الطلاقة ولا العقل، ولكنه لا يميل الى الدراسة ولم يستطع أن ينهي فيها المرحلة الأساسية فتبخر ثلثا الألقاب المحتملة، وكان أول مسمار يدق في نعش اللقب الذي يبحث عنه، ثم دخل الجيش عله يجد فيه مراده، ولم يستطع أن يحصل على رتبة تهديه لقبها لأنه أنهى خدمته دون أن يحصل على أصغر لقب في الجيش لأنه لم يحصل على الثانوية! فتبدد هذا الحلم الذي طالما راوده مما زاده ألما على ألمه.

حاول أن يتوسط عند بعض أجهزة الدولة ليعطوه رتبة مختار! يبحث بها عن بقايا نفسه التي ذهبت حسرات، لكنه اصطدم بتزكية الناس له وكيف له أن يحصل على موافقتهم، إنه أصعب من الدراسة بكثير فتركها الى غيرها، وأصبح يطارد وهما أصعب من المختار أدخله أحدهم في رأسه! كيف له أن يحصل على لقب شيخ؟، وهذا لابد له من مقومات أكبر من مقومات المختار التي لم يستطع أن يقترب منها وإنها لتطال من مسافة أميال، فتبددت أحلامه في الحصول على لقب، فأمسى أسيفا لا ترضيه نفسه.

و بعد أن قرر أخيرا أن يطيل لحيته ويقصر ثوبه ويمنح نفسه رتبة شيخ، يتقرب الى الناس بها ويجلب شيئا من اهتمامهم واحترامهم، خطر له خاطر يعفيه من كل هذه التكاليف والتغيير الذي قد يحدث على شكله، وبعض الأمور التي قد تجعله موضع انتقاد أو مراقبة ومحاسبة من الناس.. أمر بسيط يمنحه لقبا بأقل التكاليف ودون عناء أو سفر! كان هذا في مادار في فكره ليلا وهو يعالج النوم الذي هجره منذ أسابيع، وبعد نوم مفزع استيقظ في الصباح، أسرع الى ورقة وأمسك بقلم وتنفس بعمق ثم كتب وهو يبتسم ابتسامة عريضة الحاج فلان الفلاني...