الشك والريبة بداية المصيبة

mainThumb

04-03-2009 12:00 AM

يبدو أن أزمة الانقلاب المفاهيمي قد عصفت بكثير من قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا, وبدلت الكثير من قيمنا الايجابية, وحولتها إلى ممارسات كريهة ممقوتة بغيضة.

الحالة التي سأتحدث عنها هنا في هذا المقال تتعلق بمفهوم الشرف والغيرة والحمية والخصال الحميدة الأخرى ذات الصلة, التي يساء استخدامها وفهمها من قبل كثير من الناس للأسف .

إن التطور الكبير في وسائل الاتصال و الإعلام, والانفتاح المتعدد الآفاق والأبعاد الذي أصاب المجتمع لأسباب اقتصادية واجتماعية قد غير من هذه القيم, ومن طريقة تعاملنا معها, وبصور متناقضة في كثير من الأحيان.

الانفتاح بكل صوره ومظاهره له أبعاد وصور متعددة, ومخطئ من يظن انه يستطيع بسهولة وبساطة أن يأخذ ايجابياته ويطرح بعيدا سلبياته, أو من يعتقد انه يستطيع الاستفادة من ايجابياته ولا يتأثر بسلبياته إلا إذا كان متفهما لآلياته ومدركا لنتائجه ومتحوطا لأثاره.

انتشرت في الآونة الأخيرة حوادث قتل النساء بدوافع الشرف والأخلاق, حتى أضحت مشكلة لا بد من الوقوف عندها بعقلانية ومحاولة فهمها وعلاجها بموضوعية.

خروج المرأة إلى العمل واختلاطها بالرجل أحيانا, امتلاك الفتاة لجهاز هاتف خلوي تتواصل فيه مع الآخرين, خروج المرأة لوحدها دون محرم ,وتأخرها في العودة إلى البيت أحيانا, هي صور من بعض ما قد يسميه البعض الانفتاح وينادي به, ويقبل به البعض أيضا لأسباب اقتصادية واجتماعية لمرحلة زمنية ما رغم عدم قناعتهم به أحيانا..

الأخ أو الأب لا يمانع أن تعمل أخته للأسباب التي ذكرت سابقا, وقد يبرر ذلك بالقول إنها أي أخته أو بنته أخت الرجال وانه قد رباها أحسن تربية, ما دام ينتفع منها ثم يحولها إلى سافلة ساقطة تستحق القتل إذا تلقت اتصالا من مجهول بالخطأ, أو رآها تتحدث مع زميل لها في العمل, أو غير ذلك من مواطن الشك لديه .

الشاب طبعا على الوجه الآخر يصادق الفتيات ويفتخر بذلك, حتى أن البعض منهم لا يتورع في إخبار أخته بقصص غرامه الناجحة, أو ربما طلب المساعدة في حل لغز بعض الفتيات العصيات المستعصيات عليه.

يتحدث الشاب مع من يشاء دون رقيب أو حسيب, ويرجع إلى البيت وقت ما يشاء, لا شبهة في تصرفاته ولا عيب ولا خجل ولا ممنوع في سلوكه .

الانفتاح هنا فقط للشباب, الصداقة فقط من حق الشباب, ولكن أليس الشاب براغب في صداقة فتاة ما ؟ من تكون هذه الفتاة, ومن أي كوكب ستأتي؟ ولماذا نمجد سلوكه ونقبله ونرفض سلوك عشيقته الضحية والشريك التي هي بالضرورة شقيقة شخص ما أو ابنة أب ما أو زوجة رجل ما؟؟ أليس هذا انقلاب مفاهيمي خطير؟ أليس هذا انقلاب قيمي كبير؟.

يجب علينا أن نعي ما يترتب على هذا الانفتاح أو هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجديدة, وان نكون منطقيين في تعاملنا معه كآباء وأمهات وأشقاء ورجال.

يجب أن لا نتحول إلى رجال امن وقضاة داخل بيوتنا يداهمنا الشك والريبة مع كل سلوك قد يصدر من أخت أو بنت أو زوجة لنا.

أرجو أن لا يفهم أن التحوط والحذر خطأ أو انه أمر ليس بالمهم أو اللازم, ولكنها دعوة للتريث وعدم الاستعجال في سوق قيم الشرف والأخلاق وفهمها بطريقة مغلوطة, وان علينا أن نكون واعين للكيفية التي نتأكد بها من سلوك ممن نشكك بهم.

من منا معشر الرجال لم يتلق اتصالا من شخص لا يعرفه بالخطأ؟ من منا معشر الرجال لم يتحدث إلى أخت في العمل؟ من منا معشر الرجال لم يتلق رسالة سيئة من مجهول؟ من منا معشر الرجال؟؟؟؟؟؟؟؟ الأسئلة والحالات كثيرة وكل منا يعرفها.

إن الشك والريبة بوابة وبداية المصيبة, فلا تستعجلوا إخوتي في إطلاق الإحكام وتطبيق قيم الشرف والأخلاق, في الوقت الذي نمارس فيه نحن معشر الرجال نفس التصرفات والسلوكيات.

أقول للإخوة من الرجال اتقوا الله في النساء ولا تضعوهن في مواطن الشك, كما أقول للأخوات الفاضلات من النساء اتقين الله وابتعدن عن مواضع الشك والريبة أيضا.

وعلينا بشكل عام أن نتذكر قول الحق جلت قدرته في سورة الحجرات(ي?Zا أ?Zيُّه?Zا الّ?Zذِين?Z آم?Zنُوا اجْت?Zنِبُوا ك?Zثِيراً مِّن?Z الظّ?Zنِّ إِنّ?Z ب?Zعْض?Z الظّ?Zنِّ إِثْمٌ)

abdallahazzam@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد