ولماذا الحكومة يا سمعة .. ؟؟!

mainThumb

11-04-2009 12:00 AM

أبدأ كلامي بسؤال: هل المسؤول في الحكومة أكثر إشفاقا عليها من الشعب الذي يريد لها النجاح والاستمرار في خططها وبرامجها ؟.

أليست الحكومة من الشعب الذي تقوى بقوته، وتضعف بضعفه، فتنعكس نجاحاتها، أو إخفاقاتها عليه ؟!.

أليس الشعب هو الذي يصنع التاريخ والفن فيكسبهما المصداقية الرفيعة ؟ أليس المسؤول والفنان متحدران من معدن الشعب وصلبه ؟ فلماذا لا يلتقيان، ويسير كل واحد بعكس الآخر؟.

أسئلة تحتاج إلى إجابة، ولا يجيب عليها إلا الشعب لأنه صاحب القرار الحقيقي . عرفت في الأدبيات أن الفن بكل أشكاله وألوانه أصدق من التاريخ، ولم أسمع أن أحدا من نقاد الفن دعا إلى إعادة قراءة الفن؛ للتأكد من صحة فنيته، بل كلهم يؤكد على إعادة قراءته قراءة فنية كي يتجدد ويخلد.

لكن بالمقابل فإن المفكرين يدعون لإعادة قراءة التاريخ؛ لأن التاريخ غالبا ما يكون فاقدا للمصداقية والموضوعية وعرضة للتزوير والعبث.

إن ابن خلدون صاحب نظريات العمران و(الديمغرافيا) البشرية قد دعا إلى نقد التأريخ، وإعادة قراءته وتمحيصه وعرضه على معايير العلم والنقد، ودعا أيضا إلى تم?Zجيد جميع أشكال الفنون؛ لأن فيها تعبيرا صادقا عن هموم الناس، وأحداث حياتهم ومعاشهم.

ويؤكد على أن تحتفل كل أمة بفنها وتعتني به عناية فائقة، وتمنحه قدرا عاليا من التبجيل والاحترام؛ وتدفع به نحو العالمية والإنسانية، لأن الفن هو الصنو الحقيقي للتاريخ الذي تسطره الأمم والشعوب.

فإن فعلت الأمة ذلك تكون أمة عظيمة، وصاحبة هوية. فالأمة التي لا فن لها لا هوية لها. وعلينا أن نعلم أن سلطة الفن لا تقل بأثرها عن أية سلطة أخرى، فإذا كانت السلطات أربع، فهي خامستها.

إن الذي دفعني إلى هذا التمهيد هو رد مدير التلفزيون الأردني على الفنان الأردني موسى حجارين، والذي يطلب منه أن ينتقد الشعب بدلا من نقده للحكومة هذا الفنان الذي لم يلق الرعاية الكافية، ولا الصدر الرؤوم، ولا الدعم اللائق لينهض بالكوميديا الأردنية إلى الأمام، ولو تسنى له ذلك لنافس كبار فناني الكوميديا في عالمنا العربي، لأنه يوظف في فنه لهجة الأردنيين الأصيلة والقريبة إلى حد كبير من لهجة قريش التي هي أصل لغتنا الفصيحة، مما يؤهلها للفهم من قبل كل شرائح المجتمع العربي.

فأين موسى حجارين إذا من هذا الطرح ؟ بل أين فننا الأردني من ذلك ؟؟. فآخر موضات المسؤولية الإعلامية تطلب من الفنان أن ينتقد الشعب، فالشعب ما زال بحاجة إلى المزيد من التهذيب والتوجيه والشعور بالمسؤولية وحب الحكومات المتعاقبة على صدره، فهو لا يتقن فن الحب ولا أساليب الغزل حتى الآن.

لذلك فعلى الفنان أن ينتقده ويوجه ما اعوج من سلوكه كي يخلص في عشقه للحكومة. وعليه أن ينتقده على إسرافه في حب الوطن وترابه، وعلى صمته وكتمانه لزفراته الح?Zر?Z?Zى.

وعلى جوعه وحرمانه وهوانه. هذا الشعب الذي يكد ويتعب كي يوفر ثمن القوت الزهيد والأغذية والأدوية الفاسدة التي تغزو الأسواق ، هذا الشعب الذي يتجرع كأس المر والدفلى والعلقم ليوفر رسوم الجامعات، والضرائب، وأثمان الفواتير المزدحمة على بابه في نهاية كل شهر!!

انتقد يا سمعة... انتقد هؤلاء الفقراء واحسدهم على فقرهم، انتقد هؤلاء الجياع واغبطهم على جوعهم، واترك الذين أتخمت المناصب جيوبهم وبطونهم، فنقدهم جريمة يعاقب عليها القانون المجير لحسابهم، هؤلاء الذين عبثوا بمقدرات الوطن دون رقيب أو حسيب.

اتركهم يا سمعة بعيدين عن النقد والمساءلة، ولا تعكر عليهم صفو نعيمهم. وانتقد الذين يتخذون من الخبز والشاي غذاء لهم ولأطفالهم ... الذين يستدفئون شتاء على جمر ( الجفت، والجلة، والحطب )، فينامون وتنام معهم همومهم، ويستفيقون وتصحو معهم أوجاعهم، انتقد يا سمعه هؤلاء الذين يستحقون الذبح من الوريد إلى الوريد، لأنهم صدقوا قيادتهم، وأحبوا وطنهم.

وأخيرا لك تحياتي يا أبا خليل ، وإياك إياك أن تنسلخ عن جلدك، وتكون بوقا لأحد غير الوطن وقيادته وأبنائه المخلصين الذين يتوسدون الصبر ويلتحفون الزمهرير ويفترشون ترابه المقدس. ويا أعزائي القراء، فإن للحديث بقية.....



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد