صحيفة السوسنة الأردنية

أصبحنا لا نسمع في مجتمعنا الذي نعيش به إلا كلمة واحدة تلي كل عملية إنتخابية سواء كانت تلك الإنتخابات نيابية أم نقابية أو حتى إنتخابات مجالس طلابية في الجامعات، فلا نسمع كلمة تلي تلك العمليات الإنتخابية إلا كلمة (تزوير)!!

فلم اقترنت تلك الكلمة بكل عملية إنتخابية مها كان نوعها؟

وحتى وإن كانت تلك الإنتخابات نزيهة إلا أن تلك الكلمة تأبى إلا أن تلحق تلك العملية الإنتخابية وكأنها خيال لها.

شهدنا قبل سنوات قليلة مضت على العرس الديمقراطي الأردني وهي الإنتخابات النيابية، فبمجرد انتهاء ذلك العرس الديمقراطي بدأت الإتهامات تنهال على فلان وفلان بأنه زوّر ونقل أصوات بطرق غير قانونية، فكان هناك الكثير من الإتهامات التي تدّعي وصول البعض ممن هم تحت قبة البرلمان بالزور والبهتان، فأنا لا أعارض من قال ذلك ولكن أعارض أن يجمل البعض جميع من وصلوا تحت تلك القبة، فمنهم من وصل بجدارته واستحقاقه وسمعته الطيبة دون تزوير، ولكن هناك في المقابل (وهم قلّة) ممن وصلوا تحت تلك القبة بتزويره والتفافه، فالمهم أن تلك الكلمة (تزوير) كان بها شيء من الصحة بالنسبة لذلك العرس الديمقراطي.

أما العملية الإنتخابية الأخرى وهي إنتخاباتنا النقابية سواء كانت نقابة محامين أم نقابة مهندسين أم نقابة أطباء أم غير ذلك من النقابات المختلفة، فإن كلمة تزوير تلحق أيضا كل عملية إنتخابية تختص بتلك النقابات، وأقرب مثال ما قرأناه مساء الجمعة عن إنتخابات نقابة الأطباء وكيف أن الإتهامات بدأت تنهال بعد تلك الإنتخابات بالتزوير وعدم نزاهة وشفافية تلك العملية الإنتخابية، فالمهم أن تلك الكلمة (تزوير) كانت المختصر والمحصّلة النهائية لتلك العمليّة الإنتخابية النقابيّة.

ولا تسلم جامعاتنا أيضا من آفة التزوير في الإنتخابات، فكثير من إنتخابات مجالس إتحاد طلبة جامعاتنا كانت لا تنتهي (على خير)، لأن الإتهامات بالتزوير كانت العنوان الأساسي لتلك العملية الإنتخابية، فحتى طلابنا ومن هم بعمر الورود والذين لم يدخلوا معترك الحياة جيدا يكون (التزوير) عنوانا رئيسا في كثير من مجالات حياتهم المختلفة ومن ضمنها انتخاباتهم الجامعية.

أريد أن أطرح سؤالا: هل هناك حدث عالمي نتابعه أهم من الإنتخابات الرئاسية الأمريكية؟ لاأظن ذلك، فعلى الرغم من أهميتها وحساسيتها وعدد ولاياتها المصوّتة إلا أننا لم نسمع بأن حصل هناك تزوير لانتخابات كثيرة مضت، وربّما أن ذلك الأمر من أهم أسباب نجاح تلك الشعوب وتطورها، فهم يعتمدون على النّزاهة والشفافيّة في كافّة مجالات حياتهم، ويصل كل واحد منهم إلى هدفه ومبتغاه بجهده وعمله دون الحاجة إلى التزوير أو الإلتفاف يمينا وشمالا، فهاهم من أنجح الأمم والشعوب ونحن بكل أسف من أفشلها!!.

يا ترى لو أصبح عندنا نقابة تسمى نقابة(الأيادي البيضاء) ولا تضم في عضويتها إلا كل من هو محب ومنتم للوطن والملك بكل صدق وإخلاص وليس بكل تزوير والتفاف، وحصل إنتخابات لتلك النقابة كيف سيكون الحال؟ أظن أن تلك النقابة هي الوحيدة التي ستكون إنتخاباتها نزيهة وشفّافة دون تزوير، لأن كل من هو عضو بها سيكون نزيها وشفافا بالأساس، ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه فمن أين لنا أن نجد من يساعد على وجود نقابة (الأيادي البيضاء) في ظل وجود أولئك الحيتان والمتسلطين الذين لاهمّ لهم إلا أنفسهم ومصلحتها؟ وما أكثرهم في بلدنا فهم من أوجد آفة التزوير ودقوا مساميرها في نعش إنتخاباتنا، ولكن من حقنا أن نحلم بوجود تلك (الأيادي البيضاء) والتي إن أصبح لها مكان بيننا فإنها ستلغي قاعدة أولئك المتسلطين المتمثّلة ب(التزوير)، لتحل مكانها قاعدة الأيادي البيضاء المتمثلة ب(النزاهة والشفافية) علّنا نصبح في يوم من الأيام من أنجح الأمم والشعوب!!.

muath_majali@yahoo.com