اليوم العالمي لمكافحة " التنابل"

mainThumb

11-04-2009 12:00 AM

كانت مفاجأة لي وأنا أتنقل بين المواقع الالكترونية، بأن هناك يوما عالميا لمكافحة" التنابل" وأن "الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب" التي تختصر اسمها ب"واتا" احتفلت بهذا اليوم، في يوم الأربعاء الماضي محاولة منها للتصدي للخمول والكسل والتقاعص والترهل في مصر والعالم العربي، وهو أمر قد يراه البعض غريبا، إذ عصر التنابل مضى ولن يعود.

والتنابل لمن لا يعرف مصطلح تركي يترجم ب" الخامل أو الكسول" وهم مجموعات آثرت الكسل والخمول والجلوس في الزوايا(أماكن العبادة للصوفيين) والأكل والشرب دون أي عمل، وكانوا يعرفون في العهد العثماني بتنابل السلطان عبد الحميد.

لكن السؤال المطروح: - هل مازالت هذه الفئة من الناس موجودة في مجتمعاتنا العربية؟ - وهل ما يحدث في بعض موظفي وزاراتنا في الميدان هو من هذا النوع - وهل تفشت هذه الظاهرة حتى احتاجت إلى مكافحة؟ وتحاول الجمعيات المختصة تنظيف المجتمع من السلوكات السلبية للتنابل، الذين يقفون في وجه أي تقدم وتطور في مجتمعاتنا ويشكلون جيشا للفساد بكل أنواعه.

سأل سائل موظفا جديدا في مؤسسة ما عن عمله الجديد وكيف هو؟ فأجاب:"والله مكيّف، لا شغلة ولا عملة طول النهار قاعد أشرب شاي وأدخن"! فلخص الموظف الحالة التي يتمناها في عمله وهذه الأمنية قد تكون سائدة في مجتمعاتنا بمقابل أن هذه الحالة لو حدثت في مجتمع آخر قد يترك الموظف العمل لأنه لا يجد ما يعمله، وفي مجتمعاتنا ما هو أبعد من ذلك فالموظف قد يمضي ساعات دوامه الطوال دون عمل لوجود بطالة مقنعة فالعمل الذي يحتاج لموظف واحد يقوم به ثلاثة، وكل يعتمد على الآخر وبالتالي لن يقوموا بالعمل على أكمل وجه، ولسان حالهم يقول:"والله مكيفين! قاعدين نطق حنك طول النهار"!.

في مجتمعاتنا هناك سمة تطلق على الإنسان الذي يتمتع بصفات عالية يصل بها الى شبه الكمال، كما المجتمعات الأخرى التي تضع صفات معينة في شخص يكون كاملا " كالسوبر مان في المجتمعات الغربية" وهذا الشخص يكون عندنا بالنقيض وغالبا ما يوصف ب"الشيخ" حيث يقول الناس: فلان شيخ " لابس ومتلبس، ومرتاح والناس تخدم فيه، والله شيخ!" وهذا بعكس صفات الشيخ في المجتمعات البدوية القديمة التي كان فيها الشيخ يبادر بنفسه للعمل ويكون فاعلا في مجتمعه، ومن أراد أن يكون شيخا يكون عاملا متفانيا حسب ما يقتضيه مجتمعه.

إذن صفات الكمال عندنا أن لا يعمل الشخص شيئا، فقط يأكل ويشرب ويتحدث ويتأمر على الآخرين، ويوجهه المجتمع على العجز حتى عن خدمة نفسه وخاصة الذكور، فينشأ مجتمع يجنح الى التنبلة والكسل والعجز عن العمل المنتج البناء.

ما تقوم به الجمعية السالفة الذكر من حث الناس في مجتمعاتنا العربية على النشاط والمبادرة وترك الكسل والخمول بطرق شتى بالرسائل اللإلكترونية بالهاتف أو بالحاسوب واللقاءات والمحاضرات وغيرها، يحتاج الى جهود حكومية تتبنى سياسات تدخل في صلب الخطط التنموية ينفذها الإعلام والتعليم للسيطرة على بعض الصفات المتنحية في مجتمعاتنا كالتنبلة، واستقبال العصر الجديد الذي لا يعرف للخمول والكسل طريقا، فعصرالزوايا والخانكاه ولّى، وإن يكن مازال قوم يبحثون عنه ولكن بطرق تختلف عن الماضي!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد