أبو جهاد .. ما أطيبك حياً وميتا ً!

mainThumb

18-04-2009 12:00 AM

تمر الآن ذكرى إستشهادك الحادية والعشرون،وقضيتنا التي قاتلت من أجلها تعيش أسوأ أيّامها،ونحن نعلم أنّك قد غادرت الدّنيا والشعب الفلسطيني راضي عنك كلّ الرّضا أسوة بغيرك.

لذلك يا معلمنا لا أحد ينكر تضحياتك الثورية وأنت صقر النضال الوطني الفلسطيني عندما كنت ترفرف عالياً راية السؤدد والكرامة ،لذلك أيضاً لا ننكر أ نّك خير من قاد جيشاً جرّاراً نحو عدوه أثخنه الجراح، فبصمات ديمونا وتل أبيب شاهدة على ذلك.

يا أبو جهاد أنت أبي وأبو المناضلين الأحرار لك منّي كلّ التحية والتقدير. أبي العزيز عندما نحرت كان عمري (12) عاماً ولقد رأيت جنازتك المهيبة على وسائل الإعلام ومازلت أتذكّر لما رأيت،ولا أنسى أنّ آخر جملة كتبتها قبل إستشهادك هي لا صوت يعلو فوق صوت الإنتفاضة وها نحن من إنتفاضة إلى إنتفاضة حتى التّحرير ،ومازال الملايين من شعبي يسيرون على نهجك فلن نعرف يوماً طعم الذّل أو السّقم.

عندما كبرت الآن يا أبي العزيز أصبت بشيبة هود ،ولكن تمنيت أنّني عشت على عهدك وأن أخدم تحت رايتك،لقد صاحبت رفاقك والتقيت ببعض جنودك الأوفياء ولم أسمع من أحدهم أيّة كلمة جارحة بحقّك ،فقالوا لي أنّك مدرسة وطنية وأخلاق حميدة ولا أسمع إلى هذا اليوم أي شائبة أو مارقة.

أعلم با أبي أنّك لم توجّه السلاح إلى إخوتك ، ولم تفكّر يوماً إلاّ بتوجيه سلاحك ضد عدوك،فقم من قبرك لترى كم نحن بارعون بذبح بعضنا البعض ،فسلاحنا تاج كرامتنا أصبحت كل طلقة من طلقاته لا تطلق إلاّ بأمر عدوّنا،وكل شريف أصبح على المذبح كما تجزّ الخراف.

أبي العزيز أخبرك أنّ رفاقك خانوك وباعوا القضية التي أنشدتها لتصبح قضية الحاج أوسلو، وأحبطوا كلّ ما خطّطت وناضلت له،وأصبح نضالنا يباع في سوق النخاسة فتحوّلت قضيتنا إلى مدرسة تجارية تبنى منها القصور والفلل ،وتشيّد فبها العقارات والمصانع ،وكلّما زادت علاقاتهم يا أبي زادت أرصدتهم في البنوك والمصارف ،ولم يبقى لص منهم إلاّ قبض حتّى إنفرط جيبه.

أبي العزيز أعتذر أن أخبرك بما يجري عن زملاء كانوا معك في النضال فهم جزء بسيط لا يتجزّأ من سحّيجة القضية الفلسطينية ،يا أبو جهاد لقد إنقسم نضالنا إلى قسمين:نضال دايتوني ونضال خميني ،وكلّهم يدّعي الأحقية الشرعية في الحكم والقيادة.

قبل ما يقارب خمس أعوام قتلوا رفيق دربك أبو عمّار ومازال إلى هذا اليوم صمت لمعرفة من قتله؟ فلم نرى أي فزعة دولية فقلنا لهم يا أبي أين هي محكمة الحريري الثانية يا فتح؟ ولا مجيب،سوى الرّدح واللّطم والإستخفاف بشعبنا الّذي لا يعرف في حياته طعم اليأس مع الحياة.

أبي العزيز إنّ قطاعك الغربي الّذي أسّسته لنصرة فلسطين إنقسم إلى جمعيات وتشكيلات وتيارات ،فاليوم أصبحت فتح أنواع فهناك فتح-القدومي،وفتح – دحلان،وفتح – أبو عمّار،وفتح- أبو موسى ،وفتح – الأحرار،وفتح – أبو الرّيش، وفتح – البرغوثي ،وفتح –المجاهدين ،وفتح- الإسلام،وفتح – سامي الغول،وفتح –محمود جودة،وفتح – منير مقدح،وفتح – أبو العينين،وفتح - جهاد العمارين،وفتح- أحمد حلّس،وفتح – أبو غنيم،وفتح – قريع ،ولكن لا نعلم يا أبي أن قطاعك المقدّس سيجعلونه إستهلاكياً،وكذلك لا نعلم أنّ فتح ستقول يوماً أنّها ليس لها فروع أخرى.

أحمد الله يا أبي أنّك لم تعيش في هذا الوقت العصيب وترى ما نراه اليوم من كذب وعهر وفقر للثورة وإستبداد حقير ومن دعارة سياسية ومن متاجرة بنضال في سوق العبيد.

أبي العزيز كما قلت لك أنّ ثورتنا أصبحت أوسلو،وتقوانا أصبحت واي ريفر ،وجنودك أصبحوا أعضاء في جمعية غزّة – أريحا أولاً،وفتح أصبحت سوقاً للسلاح حيث يتم التغرير بشبابنا حتّى لا يجوعوا ولا يظمأوا يوماً من أجل إقامة إمبراطورية عبّاسو ودحلانو.

أبي العزيز أحمد الله أنّك لم تعيش إلى هذا اليوم وترى ما رأيناه من ذبح أطفال ونساء في هولوكوست غزّة من صواريخ الحقد والكراهية والقنابل الفسفورية التي أحرقت أجساد الأبرياء.

أبي العزيز أزفّ لك خبراً أن تتحمّله ولكن أرجو أن لا تغضب لتصفعني على وجهي،أنّه بعد مرور ستون عاماً على إغتصاب فلسطين والحمد لله لم نحرّر شبراً من أرضنا قيد أنملة ،والحمد لله يا أبي الأقصى أسير ،ومسؤولها السّلطوي دخل سوق الجنس الدولي، وحق عودتنا يا أبي حاولوا بيعه في مزادات جنيف، ولدينا 11000 أسير في سجون القهر والإستعباد الصهيوني ،وأبيدت غزّة عن بكرة أبيها ،وأصبح منصب رئيس وزرائنا شاغر لكلّ من لديه خبرة في عالم اللّصوصية ، ونوّابنا مسجونين ،وحواجز الإذلال ملئت فلسطين كلّها ،ولا يسمح بالمرور إلاّ فقط لقوّات عبّاسو ودحلانو،أو كلّ من يقبل ببيع وطنه،وقسّموا فلسطين يا أبي بجدار لا يرحم من أموال القيادة السلطوية الأبية.

أبي العزيز أودّعك بصرخة ثورية وأقول لك إنّ فلسطين رغم أنفهم ستمضي من مجد إلى مجد،ومن سؤدد إلى سؤدد ،وستبقى عربية أصيلة الهوية عزيزة على قلوب أبنائها المخلصين،لأنّه يا أبي وأنت تعلم أنّ فلسطين بحاجة إلى رجال أوفياء.

يا أبي أستصرخ ألماً بعد ألم وذلك لأن رفاقك الأشاوس سكتوا على جريمة إغتيالك ،فسيبقى لغز إغتيالك ساري المفعول ،وأنّ من قتلك مازال رفاقك يسلّمون عليه ويجالسونه ليلاّ ونهاراً،فلذلك ليلة السادس عشر من نيسان عام 1988 ستبقى ليلة عزيزة على قلوبنا ،وكما سيبقى لغز مقتلك لغز ثورة لا تنتهي،ولا يريدون يا أبي أن يقول لنا من الّذي خدعك في هذه اللّيلة وطلب منك بأن تؤجل سفرك ؟ ومن الّذي أمر بتغيير أفضل حرسك الشخصي ليلة إغتيالك وذهبوا في إجازة ؟ من أجل هذا سيبقى لغز مقتلك لغز ثورة لا تنتهي .

يا أبي نم قرير العين فقد كافحت كفاح الأسود،ورحمك الله رحمةً واسعة،وأسكنك فسيح جنانه.يا أبو جهاد ما أطيبك حيّا وميتاً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد