ماذا نقدم للمعلم في يوم عيده

mainThumb

04-10-2009 12:00 AM

للأمانة أقول أن الإطار النظري للتربية عندنا ليس سيئا، وإذا ما طبق بشيء من المسؤولية سيفضي إلى نتاج طيب من حيث النوعية والكمية، فنحن من البلاد التي يمكن أن تستثمر في التعليم وتنجح، ولقد فعلت ذلك ونجحت على مدى سنوات طويلة!.

لكن لماذا يصل الأمر في الميدان إلى مشاجرات بين المعلمين والطلبة وبين الأهالي والمعلمين! أين الحلقة المفقودة في الموضوع؟ هل هي عند المعلم أم عند الطالب أم في المجتمع ككل أم في الوزارة نفسها، والمشكلة تزداد تفاقما في مدارس الذكور خاصة.

لماذا ينفر المعلمون من التعيين في التربية؟ لماذا يفشل الكثير منهم من مجاراة جو المدارس والتعامل معها؟! لماذا يستقيلون بالمئات في حين يبقى آخرون على مضض يصارعون من أجل الحياة؟!.

المعلمون واجبهم يتمثل في ضبط الطلبة من أجل خلق التفاعل الصفي، ولهم في ذلك أساليب تربوية لكن هذه الأساليب تنجح في ثلاثين في المئة غالبا وتفشل في الباقي، بمعنى أن الطلبة الذين يتعامل معهم المعلم أكثرهم لا يوجد عندهم استعداد وميول ودافعية نحو التعليم أو يجنحون نحو العبث وغير مضبوطين من بيوتهم، وإذا ما طلب منهم الانضباط لا يستجيبون، والمعلم لا يملك أداة ضغط عليهم! في حين تنص قوانين التربية على أدوات ضبط كالعقوبات التي تقع على الطالب إذا خرق النظام وأساء الى مدرسته أو معلمه، لكن هل هذه العقوبات تنفذ دائما؟ الجواب لا لأن ظروف إيقاعها صعبة جدا فإذا أردت تجميع الحيثيات لإيقاع عقوبة على طالب مسيء ستفشل، لأن القانون يفترض أن يكون المعلم في الموقف الصفي جهاز حاسوب لا يبدي أي انفعال، فإذا تعرض لأذى من الطالب داخل الصف وأبدى أي سلوك مضاد فقد حقه، بل تقع العقوبة عليه والأنظمة تنص على الاهتمام بنفسية الطالب وعدم خدشها بنظرة أو قول! وتهمل المعلم على أنه منفذ القانون، وإذا ضرب طالب من شدة ضجره يعتبر كأنه تعدى عليه في الشارع ويعاقب كمجرم.

ثم أن المعلم في الموقف الصفي يفقد أدواته التربوية سريعا جراء الجو الموضوع فيه، وتأتي انفعالاته غالبا عصبية، وهذا مرتبط بجو العمل، فمثلما يصاب العامل بالرمل والغبار بالربو، يصاب المعلم بالقولون العصبي وبالغدة الدرقية وضغط الدم، وأرى أن هذه الأمور لا ينظر اليها في أي أمر يحصل مع المعلم من مصادمات مع الطلبة، يضاف إليها طول المدة التي يقضيها المعلم في التدريس وكلما زادت سنوات الخدمة قل صبر المعلم، وقد ارتفعت إلى 25 سنة حتى يمتصوا كل فيه من عطاء ويعاملونه كموظف بنك لا مربي استهلكته السنون، وهذا لا يجوز في مهنة تحيط بها مخاطر نفسية كثيرة وتستهلك صاحبها دون أن يدري.

موضوع الضبط الصفي هو ما يشكو منه المعلم وهو أساس في بحث أمور التعلم والتعليم، لأنه إذا لم يكن كما يجب يؤثر سلبا على سير العملية التعليمية، والضبط حسب رأيي خرج عن السيطرة في كثير من المدارس، بسبب عدم تفعيل القانون واللجوء الى الجاهات وغيرها في معالجة المشاكل التي تحصل في الميدان، والحل دائما يكون على حساب المعلم، بفعل ما يغص به مجتمعنا من معطلات للقانون و المعلم أول من يكتوي بأثرها القاتل الذي أصبح كالقابض على الجمرة، والكل يطلب منه ضبط النفس وأعصابه لا تطيعه.

إن أفضل ما نقدمه للمعلم في عيده هو فيض من الاعتراف بفضله وشيء من الاحترام من المجتمع، ومن المسؤولين في وزارته، وتحسسين معيشته حتى يتفرغ لهذه المهنة التي إن وجدت الاهتمام المطلوب نحافظ على مستقبل أجيالنا وننقل ثقافتنا الى الأجيال القادمة، فالتعليم أولوية أي أمة تنشد النهوض، واعتقد أن التعليم أهم بكثير من قضايا تطفو على السطح في حين يُغيّب المعلم وحقوقه على حساب ثقافة المجتمع والأمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد