اسباب اختيار اسرائيل هذا التوقيت لاعتداءاتها على القدس الشريف

mainThumb

07-10-2009 12:00 AM

 المهندس ابرهيم المهيرات

 

تعرض المسجد الاقصى بالقدس الشريف الى حملة كبيرة من قبل المتطرفين الاسرائليين الذين تحركوا في حماية الشرطة الاسرائلية وامام اعينها . الحملة تاتي في هذا الظرف الذي يتميز بالعديد من المستجدات محليا واقليميا ودوليا . ويبدو ان الإسرائيليين تحركوا في حملتهم المنظمة هذه ليحاولوا التاثير على بعض المستجدات وليوجهوا رسالة الى المجتمع الدولي ككل بشأن مواقفهم من الصراع والنزاع مع الفلسطينيين . فكيف تبدو التطورات ؟ وما هي تاثيراتها على الوضع الفلسطيني بصورة عامة وعلى مستقبل العلاقات الاقليمية والدولية وتداعيات كل ذلك على المنطقة

القدس في الذاكرة العربية الاسلامية

لا يشك احد في المكانة المقدسة التي يحتلها المسجد الاقصى عند العرب والمسلمين بصفة عامة . ولا يختلف اثنان على اهمية القدس ومواقعها الدينية في التاريخ والحاضر وفي الذاكرة العربية الاسلامية . ومن هذه الاعتبارات وغيرها من المعطيات المتصلة بالواقع المعيش اليومي للفلسطينيين نفهم المكانة الكبرى والرئيسية للقدس ومعالمها الدينية عند العرب والمسلمين . وقد كانت القدس دائما محورا اساسيا في الصراع العربي الاسرائلي نظرا لهذه المكانة واعتبارا لما ترمز اليه من معاني عقائدية وتاريخية وحضارية عند العرب والمسلمين . وهكذا كانت ومازالت القدس مدينة ذات دلالات كبرى وهامة في التاريخ القديم والحديث للعرب والمسلمين وهي لذلك شكلت محورا هاما في قضايا النزاع مع الاسرائيليين والدليل على ذلك ان اندلاع الانتفاضة الثانية كان بعد زيارة استفزازية اداها شارون الى الحرم القدسي الشريف واليوم لا يقل اقتحام باحة الاقصى الشريف استفزازا عن تلك الزيارة المشؤومة . لذلك نبهت العديد من الاطراف الى خطورة ما يجري لانها ترى في الاستفزازات الاسرائيلية خطرا على هوية القدس اولا ثم استفزازا صارخا لمشاعر الفلسطينيين والمسلمين بصفة عامة . ان السكان المقدسيين يشعرون اكثر من غيرهم بهذه الاستفزازات المتواصلة من قبل المتطرفين والاسرائيليين والشرطة الاسرائيلية فعلاوة على الاعتداءات المتكررة على الاقصى وقبة الصخرة والاقتحامات الاستفزازية فان السلطات الادارية الاسرائيلية عادة ما تقوم بحملات استفزازية ضد السكان الاصليين في محاولة منها لاقتلاعهم من مساكنهم وابعادهم عن اراضيهم لتحقيق اهدافها الكبرى في تغيير هوية القدس ومحو أي اثر ودليل يدل على الهوية العربية الاسلامية لمدينة القدس من خلال اصول سكانها واهاليها الذين يقطنونها منذ آلاف السنين . وما يجري اليوم لعدد من العائلات في حي الشيخ جراح بالقدس دليل واضح على هذه الاعتداءات المتكررة ضد السكان الفلسطينيين .

اجندة اسرائيلية خبيثة

نظرا لهذه المكانة التاريخية والحضارية لمدينة القدس ولمعالمها الدينية في الذاكرة العربية الاسلامية سعت اسرائيل الى القيام بمحاولات استفزازية وباعتداءات مقصودة من اجل التاثير على بعض الاحداث او الضغط على بعض الاطراف للوصول الى بعض الاهداف والغايات . وتختار اسرائيل توقيت اعتداءاتها واستفزازاتها من اجل تحقيق اكثر ما يمكن من النتائج . وهنا ياتي اختيارها هذه الفترة بالذات لاستفزازاتها المتكررة ذلك ان توقيت الاعتداء الجديد على القدس الشريف من قبل الاسرائيليين ليس اعتباطيا او جاء عن طريق الصدفة بل هو مدروس ومختار بكيفية تحاول من خلالها اسرائيل تحقيق بعض الاهداف التي عجزت عن تحقيقها بالوسائل الاخرى والتي من بينها العسكرية والديبلوماسية والسياسية .وبالاضافة الى الهدف الثابت التي تريد تحقيقه تل ابيب وهو تهويد القدس وتعريض المسجد الاقصى لمخاطر حقيقية اصبحت تهدد قيامه من خلال حفر الانفاق من تحته لزعزعة اسسه ومن ثمة تداعيه للسقوط لا قدر الله بالاضافة الى كل هذه الغايات التي تريد تحقيقها اسرائيل هناك عدة عناصر اخرى تدخل في اختيار التوقيت لاعادة الاعتداء من جديد على

الاقصى هذه العوامل تتلخص في النقاط التالية :

- الضغوطات الامريكية على اسرائيل على خلفية مسألة الاستيطان حيث ان المواقف الامريكية بدت هذه المرة متشددة كثيرا من اجل حث اسرائيل التوقف عن الاستيطان حول القدس او خارج دائرتها الجغرافية . وهو الامر الذي لم يرض الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي بدت متمسكة بمواقفها تجاه هذه المسألة . وتريد اسرائيل من خلال هذا الاستفزاز الجديد تحويل الانظار والاهتمامات من مسالة الاستيطان الى مسائل اخرى ترى اسرائيل انها ذات اهمية بالنسبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين . ولكن الى أي مدى تستطيع اسرائيل النجاح في تحقيق اهدافها؟ ذلك هو السؤال الذي لا يمكن التنبؤ به بقدر ما يمكن التحذير من نتائجه خاصة بالنسبة للمواقف الدولية التي يجب ان تكون فطنة لمثل هذه التكتيكات الاسرائيلية .

- التقارير الاممية الاخيرة التي ادانت الحكومة الاسرائيلية فيما يخص اعتداءاتها على قطاع غزة والتي استشهد فيها آلاف الفلسطينيين . تلك التقارير اثارت موجة غضب في اوساط الاسرائيليين ولم يترددوا في اتهام هيئات اممية بشتى النعوت .وقد اراد ت اسرائيل من خلال استفزاز الفلسطينيين توجيه رسالة تحدي الى الهيئات الاممية بانها قادرة على الوصول الى المسائل الكبرى والتي عادة ما تحرك الراي العام الدولي حولها .

- تريد اسرائيل ايضا ومن خلال متابعتها لتقدم المفاوضات الفلسطينية الفلسطينية التأثير على سير هذه المفاوضات من خلال القيام باعمال استفزازية اعتقادا منها ان انقساما فلسطينيا سوف يحدث في اعقاب هذه التدخلات. وهي بذلك تحقق هدفين الاول يتمثل في الاستمرار في تنفيذ مخططها حول القدس الشريف والثاني يتصل بمحاولة احداث شروخ وانقسام في الصف الفلسطيني وهو المهيئ لذلك اكثر من أي وقت آخر .

- هناك هدف اخر تريد الوصول اليه اسرائيل وهو ممارسة مزيد الضغط على الجانب الفلسطيني وخاصة على بعض الفصائل والاطراف التي تحتجز الجندي شليط لعلها تؤثر على سير المفاوضات حتى يتراجع الفلسطينيون عن بعض شروطهم بشأن الاسرى .تعتقد اسرائيل ان مثل هذه الممارسات والاستفزازات يمكن ان تساعدها على تحقيق اهدافها لذلك اختارت هذا الظرف لتطلق استفزازاتها الجديدة لعلها تصل الى نتائج ان اجلا او عاجلا ولعلها تؤثر ولو من بعيد على مفاوضات الوضع النهائي والتي تشمل اساسا وضعية القدس الشريف بما فيها مسألة عودة اللاجئين التي تريد اسرائل قطع الطريق امامها نهائيا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد