تكشيرة العيد
لست من أصحاب نظرية أن التكشيرة قدر كل أردني وسمته الأساسية ومعلمه البارز في كل مكان، وإن كنت لا أنفي وجود التكشيرة كظاهرة ترجع أسبابها إلى عوامل عديدة مثل البيئة والظروف المعيشية الصعبة والضغوط الاقتصادية والنفسية ووهم أن الرجولة ترتبط بالتكشيرة والحزم والخشونة والفظاظة.
ما أود أن أتناوله هنا ذلك العبوس الملازم للبعض –وهم بالمناسبة كثر ولا أبرئ نفسي- في العيد وخاصة في زيارات الأقارب والأرحام، فبعض المجالس والزيارات في العيد أشبه ببيت عزاء مما فيها من تكشير وصمت مطبق ورزانة مبالغ فيها وجهامة وغياب أية علامات أو مظاهر للابتسامة.
يقوم البعض بزيارة الأقارب والأرحام من باب الواجب الاجتماعي البغيض إلى نفوسهم، وليس من باب صلة الرحم، والتزاور في المناسبات السعيدة، ولا أبالغ إن قلت أن هؤلاء يتمنون في قرارة أنفسهم أن لا يأتي العيد وأن يتم القفز عنه، ولو كان لهم سلطة لعملوا على إلغاء الأعياد من قاموس الشعوب.
يقول المثل (لاقيني ولا تغديني)، وفي العيد تلعب التكشيرة دوراًً محبطاً في الزيارات، وتجعل من أية زيارة أو عيدية أشبه بتجرع العلقم، وينتظر كل طرف أن تنتهي المجاملة بأسرع وقت للتخلص من الضغوط النفسية التي ترافقها، ومن الغيمة السوداء التي تظللها من كل جانب.
تكشيرة العيد يجب أن تختفي من حياتنا، لأنها عبء نفسي يرهق كاهل الجميع، ولا يستسيغها أي عاقل، ولا أظن رحماً تقبلها أو تتمناها من الأصل، وتتمنى أن لا يأتيها عابس وإن أهداها مئات الدنانير كعيدية، وفي المقابل إن الوجه الضاحك أو المبتسم يدخل البهجة إلى القلوب والنفوس وإن أعطى القليل أو لم يعطي، فحسبه خفة ظله، وطيب روحه، ولطف معشره.
تكشيرة العيد مظهر اجتماعي مرفوض لا تقبله النفوس ولا ترضاه العقول، وتمرض منه القلوب، ولذا فإن الواجب يتطلب أن نكرس مفهوماً حضارياً إنسانياً لزيارات العيد يركز على البعد النفسي والروحي للزيارات وأن لا تكون هذه الزيارات سبباً للأمراض النفسية والعلل الروحية.
قال صلى الله عليه وسلم: (تبسمك في وجه أخيك صدقة) وهذا ينسحب على الأقارب والرحم وكل الناس إذ أن الكل -كما يفترض- أخوة في الدين، ولو ترجمنا هذا الحديث الشريف إلى أفعال ومنهج حياة في تعاملاتنا الحياتية لانقلبت حياتنا إلى أفضل حالاتها، ولتنسمنا سعادة وراحة لا مثيل لها، لأن البسمة تستدعي البسمة، والضحكة تجلب الضحكة، والسعادة تنتشر وتنداح حتى تعم، وفي المقابل فإن العبوس لا يقابل إلا بمثله أو أشد، والتكشيرة تسبب التقطيب والصمت المشوب بالحذر.
إن البسمة والضحكة أصبحت في عالم اليوم علاجاً لكثير من الأمراض وخاصة النفسية منها، وهي في ديننا مطلب حياتي يؤجر عليه المرء، ولا تستقيم حياة إلا به، وكم من بسمة حلت مشكلة، وكم من ضحكة أنهت خلافاً.
أن التكشير والعبوس فعل إجرامي يستدعي العقاب والتعزير والمحاسبة، لأنه يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها دائماً، وقد تكون ضارة ومسيئة، وقد تسبب مشاكل لا تحمد عقباها، ولو كنت مشرعاً لعزرت كل مكشر، ولعاقبت كل عابس.
إن الابتسامة كسمة ترتبط بالثقافة التي يتحلى بها الإنسان، ومدى خبرته ومرونته، ولا ترتبط بالضرورة بالشهادة وإن علت، فقد تجد إنساناً بسيطاً محدود التعليم يزرع البسمة أينما ذهب، وقد تجد أستاذاً جامعياً عريقاً يقذف العبوس أينما حل كداء يبثه لمن حوله بدم بارد.
إن العيد لا يكون عيداً إن ارتبط بزيارات مجاملة غير مرغوب فيها، ولا يكون عيداً إن كانت هذه الزيارات سبباً للتوتر والقلق والترقب، ولن يكون عيداً إن كانت هذه الزيارات قدر محتم يرغب كل طرف فيها أن تنتهي قبل أن تبدأ.
لقد آن الأوان أن يتحول العيد إلى مناسبة حقيقة للفرح والسرور، ومناسبة للاحتفال الهادئ البسيط مع الأقارب والأرحام، وأن يكون فرصة ذهبية لترميم الصلات وتقوية الروابط وتدشين العلاقات الجديدة، ومولداً للمشاعر النبيلة والعواطف الحميمة، وأن يكون العيد خير منتظر، وأن يكون قارباً يقلنا نحو شاطئ المحبة والود والتراحم والتواصل.
ومن هنا فإني أدعو إلى تنظيم حملات صحفية وإعلامية ودعوية من أجل نشر ثقافة الابتسام والسرور والفرح وخاصة في مواسم الأعياد الدينية، عسى أن تصبح البسمة سمة كل أردني، وأنا على ثقة أنها ستكون خير معين للتخلص من كثير من الاحتقانات التي تنفجر هنا وهناك في ردود أفعال غير محسوبة، فتأكل الأخضر واليابس دون أي تحكيم للعقل ومصلحة الوطن، كما أقترح تأسيس جمعيات تعنى بنشر ثقافة الابتسامة لتصبح فعلاً حضارياً يتغلغل في حياتنا لتنتشلنا من ضيق النفوس وقلقها وكآبتها وضعف ثقتها، عسى أن تتحول حياتنا إلى مروج خضراء ندية، وتتحول أرواحنا إلى فراشات تطير فرحة مسرورة، وتصبح قلوبنا باتساع الكون وامتداده الذي لا نهاية له.
mosa2x@yahoo.com
تحطم طائرة ركاب هندية على متنها أكثر من 130 شخصا .. تفاصيل
شراكة لتعزيز دور المراكز الشبابية في التنمية
ارتفاع الدخل السياحي بنسبة 17.5% في أيار 2025
افتتاح معرض طوابع البريد العربي 2025
إسرائيل تخطر بهدم 30 محلا ومنشأة تجارية جنوب الخليل
إغلاق محيط جسر المحطة بشارع الجيش لتوسعة وتطوير المنطقة
مقاومة عالمية ضد الظلم العالمي
الاحتلال يعلن اختطاف عناصر من حماس من داخل سوريا
صناعة الأردن تصدر دليلا استرشاديا ماليا للقطاع الصناعي
للأردنيين .. تحذيرات هامة من الأمن العام
فيفا يمنح الأردن 10.5 مليون دولار بعد التأهل إلى كأس العالم 2026
التربية تدعو معلمين لحضور الاختبار التنافسي الالكتروني
تنفيذ قرار زيادة الحد الأدنى لأجور المتقاعدين العسكريين
الملك والملكة يصلان إلى الملعب لمؤازرة النشامى
كتلة هوائية حارة قادمة للمملكة من الجزيرة العربية .. تفاصيل
ماذا يشغل الأردنيين على مواقع التواصل اليوم
موعد مباراة الأردن أمام العراق والقنوات الناقلة
زيت الزيتون أم زيت الأفوكادو .. أيهما الأفضل لصحتك
الملكة للملك: كيف لا أستند إلى قلبك ووطن بأكمله يستند إليك
ولي العهد يشكر سلطنة عُمان على كرم الضيافة وروحهم الرياضية
الملكة رانيا تشارك صورة عائلية احتفالاً بالعيد
الفايز يهنئ المنتخب الوطني تأهله لمونديال كأس العالم لكرة القدم