حكومة أصحاب الدولة

mainThumb

26-09-2009 12:00 AM

موسى إبراهيم أبورياش

في جميع دول العالم المتحضرة لا يستنكف أي رئيس وزراء سابق أو أسبق عن تقديم أية خدمة لبلده سواء كانت في القطاع العام أو الخاص، وإن كانت في منصب أقل من دولة رئيس الوزراء.

وعربياً تكاد تكون لبنان الدولة الوحيدة التي يتقلب فيها الوزراء ورؤساء الوزراء بل ورؤساء الجمهورية في شتى المناصب مهما علت أو تواضعت خدمة لبلدهم؛ فترى منهم السفير والوزير والمدير، فهي كلها أعمال مشرفة في خدمة وطن لا يخدمه إلا الرجال الذين يرتقون بمناصبهم، ولا ترتقي المناصب إلا بالفارغين.

أردنياً لدينا عدد كبير من أصحاب الدولة السابقين، وأجزم بأننا الدولة الأولى عالمياً التي يوجد فيها هذا العدد الكبير من الرؤساء على قيد الحياة، ومعظم هؤلاء تقوقعوا خلف لقب دولة الرئيس ولم يرتضوا به بديلاً، واستطابوا الدعة والهدوء إلا من هبات هنا وهناك في رسالة لمن يهمهم الأمر أنهم هنا، ولم يقعدهم الزمان بعد، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا عدد محدود جداً.

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا لا يتم استثمار أصحاب الدولة السابقين والاستفادة من خبراتهم الكبيرة؟ أليس من حق الوطن عليهم أن يكونوا جنوده عند الملمات؟ أليس من الخسران وقلة التدبير تركهم على هامش الحياة السياسية دون أي استثمار حقيقي لهم ولقدراتهم وخبراتهم التي لا تقدر بثمن؟

يفترض في أصحاب الدولة السابقين أنهم منبع خبرة ومعرفة وأصحاب تجارب كبيرة، ويمتلكون رؤية جيدة إن لم تكن ممتازة للمستقبل بالإضافة إلى الإدراك التام للواقع وكيفية التعامل معه.

ومن هنا فإني أدعو أي رئيس وزراء قادم أو رئيس الوزراء الحالي إن كان بالإمكان أن يستعين بأصحاب الدولة السابقين كوزراء في الحكومات القادمة، بل وأقترح تشكيل حكومة كاملة منهم وحدهم، فعددهم كبير، ويستطيعون تعبئة كافة المقاعد الوزارية، وأظن أن أي حكومة مشكلة منهم ستكون حكومة ممتازة وقوية وقادرة على انتشال الأردن من أزماته ومشاكله، وسيكون لهذه الحكومة إن رأت النور أن تكون متميزة في برامجها وأدائها وإنجازاتها، صحيح أن أغلبهم لم يحالفه الحظ سابقاً كرئيس وزراء لأسباب عديدة يُعزى معظمها لتدني كفاءة الفريق الوزاري، إلا إن الوضع يختلف عندما يستلمون وزارة ما بعد خدمتهم كرؤساء وزراء في السابق.

تصوروا حكومة أردنية وزير خارجيتها طاهر المصري وللمالية عبد الكريم الكباريتي، وللداخلية فيصل الفايز، وللدفاع معروف البخيت، وللصحة عبد السلام المجالي، وللتربية عبد الرؤوف الروابدة، وللتعليم العالي عدنان بدران، وللصناعة والتجارة علي أبو الراغب، وللتخطيط فايز الطراونة، وللتنمية السياسية أحمد عبيدات، وهكذا دواليك في بقية الوزارات وأصحاب الدولة السابقين، كيف ستكون هذه الحكومة، وأي برامج سوف تنفذ، وأي إنجاز سيتحقق؟!

ولا يقولن قائل أني أحلم، أو أطلب المستحيل، فمن حق الوطن على أي منا أن نلبي النداء وأن نسارع إلى ساحة العمل والعطاء دون النظر إلى المكاسب والمغانم، فالوطني الغيور لا ينظر إلى المناصب والكراسي وكبرها أو علوها أو نوعها، فكلها وضعت لخدمة هذا الوطن، ولا يتقاعس عن أداء الواجب إلا كاذب مفلس مدعٍ للوطنية وإن تقطعت أنفاسه وهو يصرخ بها وبشعاراتها.

الاقتراح يستحق التجربة، وعلى المقصودين أن يتقدموا ويبادروا ويمدوا أيديهم إلى رئيس الوزراء العامل، وليكونوا ضمن الفريق الوزاري بدل أن يكتفوا برشق الحكومة بحجارتهم ونقدها وهم على مقاعدهم الوثيرة، فولي الأمر كلفهم يوماً ما بقيادة الحكومة ليكونوا في خدمة الأردن في كل زمان ومكان، لا أن يتواروا خلف مجد فقدوه، وسلطة خسروها، ولا داعي أن ينتظروا فرصة الرئاسة مرة أخرى، فالفرص إن لم تأتينا سعينا لها بعملنا وكفاحنا وجهدنا ومبادرتنا ومسارعتنا لخدمة الوطن.

mosa2x@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد