في مفهوم العمل التطوعي

mainThumb

04-11-2009 12:00 AM

كاظم الكفيري

على الرغم من الموروث الغني الذي تتميز به المجتمعات العربية على صعيد القيم والأخلاق , يلتبس مفهوم العمل التطوعي عند كثير من الناس , وقد يكون عند آخرين كثر مفهوماً ناضجاً حتى ولو كان ناتجاً عن دوافع فطرية تحركها موروثات متراكمة شعورية أو لا شعورية من حب الخير ومساعدة الآخرين , والتي تلعب التنشئة الأولية والتربية في البيت أهم العوامل في بلورتها وصياغتها .

ما يميّز العمل التطوعي بوجه عام وأهمه على الإطلاق أنه لا يهدف إلى الكسب المادي بمعنى جني الربح كعائد من وراء ممارسته , بالإضافة الى أنه عمل واعي ناتج عن عوامل أساسية تقف في مقدمتها روح المبادرة والحماسة والمقدرة على البذل والتضحية والعطاء , وهذه جميعها أخلاقيات تغذيها جذوة الانتماء التي تختمر في ذات الإنسان . وحسبنا قول الله تعالى في سورة النحل : " من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم أحسن ما كانوا يعملون " صدق الله العظيم .

أهمية العمل الاجتماعي التطوعي الأهلي تكمن في كونه رديف لمؤسسات الدولة ذات الصلة , وهو مكمّل لها , ولايمكن فصل المسارين الأهلي والرسمي عن بعضهما , وهذا بحد ذاته مدعاة لكي ينخرط في العمل الاجتماعي التطوعي أفراد المجتمع , ويدفعوه الى الأمام , لأنه بالنتيجة سيسهم في العملية التنموية النهضوية التي يشهدها وطننا العزيز .

لكن في المقابل يوجد هناك صعوبات وعراقيل تحول في أغلب الأحيان دون تحقيق ما يصبو اليه المنخرطون في العمل الاجتماعي التطوعي , منها أن المجتمع بدأ تدريجياً يفقد جدوى العمل التطوعي وقيمته الحقيقية , وهذا بحد ذاته يؤثر بشكل جوهري على مستقبل العمل الاجتماعي التطوعي , وهنا بالذات يقع على عاتق الفعاليات التطوعية اعادة الثقة لدى أفراد المجتمع ببرامج منظمات المجتمع المدني التطوعية وأهدافها التي تسعى الى تحقيقها .

كما أن الواجب يقتضي غرس قيم التطوع وثقافته في نفوس أبناءنا الصغار , وتدريبهم وتعليمهم واثراء هذا الجانب في شخصياتهم , والمدرسة عليها دور في الصدد , يمكننا أن نستثمر الطاقات الفاعلة التي تقبع في هؤلاء الطلبة الصغار , حتى يكون لدينا في المستقبل جيل واعي تماماً لمفهوم العمل التطوعي الأهلي وأهميته .

كما لا يفوت التذكير بالتوجه الأممي للعمل التطوعي , كما أقرّته الجمعية العمومية للأمم المتحدة , في اطار السنة الدولية للتطوع , في قرارها رقم 17/52 وباجماع 123 دولة ومن ضمنها الأردن , والذي يتضمن الاعتراف بأهمية التطوع والمتطوعين , وتسهيل أعمالهم , وخلق شبكة من المتطوعين فيما بينهم , بالاضافة الى تشجيع الآخرين للانخراط في العمل التطوعي . وكل ذلك يؤكد على النهج المتنامي في العالم أجمع الذي يحترم العمل التطوعي ويقدّره حق قدره .

* رئيس جمعية حماية الأسرة والطفولة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد