الفلاح ( غاندي الحاتمي)

mainThumb

26-11-2008 12:00 AM

لم يدع ذلك الفلاح البسيط شبراً من سهول وجبال هذه القريّة إلا وحرثها بمعداته البسيطة، لم يملك جرّاراً ولا حصّادة ولا أية نوع من أنواع المركبات الحديثة ، أدواته يصنعها بنفسه على الرّغم أنّه لم يدخل معهداً ولا مدرسة ولا جامعة يحفظ من القرآن ما يفرض عليه لأداء الصلاة منفرداً وعلى الأغلب جماعة ،فهو يعرف المسميات والمصطلحات المتعلّقة بالمهنة، ( القادم )و ( لوح الدراس ) و( الشرعة ) و ( المنجل ) و( الدعبوبة ) و(الجلال ) و ( المنساس ) و ( والسكة ) و ( الفدان) و ( والركنة ) و ( والحابون ) و ( البيدر ) و ( والغمر ) و ( الربعية ) و ( الحاشوشة ) .

كل هذا متعلّق بأعماله الزراعية فهو في شغل دائم وطوال العام لقمته مجبولة بعرق جبينه ( حلال زلال لا يشوبها أي فساد ولا هضما لحقوق العباد ) همه أن يجني رزقه ورزق أولاده من عمل يده ، دعاؤه مستجاب إذا رفع يديه إلى السّماء طالباً الغيث ما يلبث الغيث إلا ويتساقط بأمر الله نيّته وقلبه طاهر وبريء براءة الأطفال الصّغار لا يحمل الضغينة بل يحمل الحب لكل الناس ولا يبخل عليهم بما تجود به هذه الأرض المعطاء ، حذاؤه لا يتعدى( بسطار ) يلبسه لا للموضة فهو لا يصلح للإستعراض بل إنّه للعمل المتواصل الدؤوب ، يرعى ما يربيه من ( دواب ، البقرات والعنزات ، والخيل ) ولا يقف بطوابير الأعلاف للحصول عليها يتركها تسرح في البستان والسهل ولا بأس من أن يستعين ببعض أولاده لإتمام المهمّة .

وإذا ما جاء البرد القارس في ( كوانين ) فهو يحسب كل حساب، ما لديه من حطب الحقل يضعه في صوبة الحطب مع شوية من الـ ( الجفت) من درسة الزيتونات ولا يقف بطوابير الكازية .

يضحك كثيراً لغلاء الأسعار ويقول تعالوا " أخضو " شوية عدس من (هالكوارة ) ولا تغلبونيش وإذا ارتفع سعر الدجاج يضحك ويقول لزوجته يا (مرة ) أقضبي جاجتين بلديات واعمليهن مكمورة وإذا غليت السمنة يضحك ويفرط من الضحك ويقول يا مرة نزلي لينا تنكة زيت زيتون عن ظهر السدّة وإذا ارتفع سعر البيض يفرط من الضحك أيضاً ولا يهتم ويقول جيبو ياولاد شوية بيض بلدي من ( خم الجاج) سبحان الله هذه حقيقة عشناها وتعايشنا معها في فترة من الزمن ، فهل يا ترى كانت الحياة أجمل وأعذب وأسهل في عيون ذلك الفلاح ! أم ترانا الآن افتقدنا تلك النشوة والسعادة التي كان يتمتع بها ذلك الفلّاح ، إنني أشبّه هذا الفلّاح ( بالمهاتما غاندي لشدة التقارب بين طبيعة حياتهما ) مع فارق الثورة ضد الإستعمار للتحرر من قيد الإستعمار ووجود وجه التقارب للفلاح الأردني بالتحرر من إستعمار الفقر وغلاء الأسعار والبطالة وقلة الغيث .

أتمنى من المواطن الأردني الكريم والقادر على الفلاحة والأعمال الزراعية العودة للأرض وزراعتها
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد